الأحد، 28 سبتمبر 2014

كيف نفكر بطريقة إيجابية؟

 

تاريخ النشر في جردية أخبار الخليج :٢٨ سبتمبر ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

الكثير من المختصين كتب عن الطرق والأساليب وكذلك الآليات التي يمكن أن نسلكها لنبدأ في التفكير الإيجابي، وعلى الرغم من اختلاف بعض جزئيات تلك الطرق عن البعض، إلا أنها في مجملها متشابهة، ولكن الملاحظ أن كل تلك الطرق تسير في اتجاه واحد، وهو البحث عن أفضل الأساليب للإيجابية والتفكير الإيجابي.
ونحن ليست لدينا وجهة نظر في ذلك، فهذا أمر جيد، إلا إنه نود من خلال هذا المقال أن نفكر بطريقة مغايرة، فبدلاً من أن نفكر بطرق التفكير الإيجابية لنتعرف على ماهيتها دعونا نفكر في أنماط التفكير المخالفة للتفكير الإيجابي وهو التفكير السلبي، وذلك بهدف أن نتجنب هذه الأنماط من التفكير التي يمكن أن تؤدي إلى فشل الإنسان في حل المشكلات، وتسبب له الإحباط، وقد تصل الأمور في بعض الأحيان إلى الانهيار.
من ناحية منهجيه فإنه على الرغم من تعدد أنماط التفكير السلبي، فقد وجدنا أنه يمكن تلخيصها في نمطين أساسيين من التفكير السلبي، وهي كالآتي:

أولاً: التفكير الخرافي: هو نمط من أنماط التفكير المناقض للتفكير العلمي، وإن كان يشترك معه في الموضوع(تفسير الظاهرة أو الظواهر الجزئية العينية)ولكنه يختلف عنه في المنهج، فهو يقوم على إنكار القوانين الموضوعية التي تضبط حركتها أو إنكار حتميتها، بمعنى آخر يقوم على إمكانية انقطاع اطراد هذه السنن الإلهية، كما يقوم على إمكانية قبول أي فكرة تفسر هذه الظواهر- وإن كانت مناقضة للتفكير العقلي- من دون توافر إمكانية التحقق من صدق هذا التفسير بالتجربة والاختبار العلميين، كما يناقض التخطيط، وذلك لإلغائه شرطه الأول بالسلبية والتواكل، وإلغائه شرطه الثاني بالتجريبية والمغامرة.
وقد رفض الإسلام التفكير الخرافي من خلال نهيه عن كثير من أنماط التفكير الخرافي التي كانت سائدة في المجتمع العربي الجاهلي، كالكهانة (من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزله الله على محمد) (رواه الطبراني)، والتنجيم (من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر) (رواه أبو داود وابن ماجه)،والعرافة(من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاه أربعين يومًا)والتطير(العيافة والطيرة والطرق من الجبت).
قال لي أحد الأصحاب ذات يوم إنه حضر مجلس أحد مشايخ الدين، ومن خلال الحوارات طرح موضوع (الكسوف والخسوف)، فقال الشيخ: يلاحظ أن ظاهرتي الكسوف والخسوف بدأتا تتزايدان خلال الأعوام العشر الأخيرة، وكل ذلك بسبب، يقول صاحبي: فانتابني الفضول فسألت: وما تعتقد الأسباب التي أدت إلى تزايد ظاهرتي الكسوف والخسوف ؟ قال الشيخ: بسبب الآثام والمنكرات التي يقوم بها الإنسان، وهذا عقاب من الله.
قال صاحبي: لم أتمالك نفسي، فقلت للشيخ: إن هذا الكلام غير صحيح، إن ظاهرتي الكسوف والخسوف مرتبطتين بدوران القمر حول الأرض ودوران الأرض حول الشمس حيث تتغير أوضاع الشمس والقمر بصورة دورية بالنسبة إلى كوكب الأرض، فقد يقع القمر بين الشمس والأرض ويحدث الكسوف الشمسي، وقد تقع الأرض بين الشمس والقمر ويحدث الخسوف القمري، وقد روي عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله يوم مات إبراهيم، فقال الناس كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله.
لذلك، فإن ربطهما بآثام البشر ينافي العقيدة الصحيحة والتفكير العلمي وكذلك قدرة تحكم الله في الكون.
ثم يقول: هل تدري يا شيخ لماذا تزايدت ظاهرتي الكسوف والخسوف، لأن وسائل الإعلام غدت تغطي لنا تلك الأخبار بالساعة والثانية، كنا في الماضي لا نعرف ماذا يحدث في ماليزيا أو أستراليا أو أمريكا، ولكن اليوم إن حدثت جريمة سرقة أو قتل عادية سمعنا بها في الحال، وهكذا حال الكسوف والخسوف، نسمع عن حدوثهما مباشرة عبر وسائل الإعلام التي حولت الكرة الأرضية إلى غرفة صغيرة جدًا، كل البشر يتحاورون فيها بطريقة مباشرة.
يقول صاحبي؛ لم يرض الشيخ عن هذا فبدأ في الجدل، ولكني انسحبت من المجلس.

ثانيًا: التفكير الأسطوري: وهو نمط من أنماط التفكير المناقض للتفكير العقلاني أيضًا، وإن كان يشترك معه في الموضوع (تفسير الأصول الفكرية الكلية المجردة)، إلا أنه يختلف عنه في المنهج فهو يقوم على عدة نواحٍ منها:
1- القبول المطلق لفكرة وبالتالي الرفض المطلق للأفكار الأخرى.
2- الشك المطلق، أي إنكار إمكانية التحقق من صحة أي فكرة أو النزعة القطعية أي التسليم بصحة فكرة من دون التحقق من كونها صادقة أم كاذبة.
3- الاستناد إلى الإلهام أو الوجدان أو العاطفة والخيال (على الوجه الذي يلغي العقل).
4- اللامنطقيه (التناقض).
هذا النوع من التفكير هو الذي يجعل بعض البشر يلغون عقولهم، ويتركون التفكير لغيرهم ليقوموا بالتفكير عنهم، فإن قالوا لهم أفعلوا ذلك فعلوه وإن لم يقولوا لهم ذلك لم يفعلوه، وهؤلاء مثلهم كمثل الذين وصفهم الله في العديد من السور منها ما ورد سورة المائدة - الآية 104 (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلى مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وإلى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ)، فهم كالخرفان التي يقودها الراعي إلى حيثما يشاء ويريد، أليست لنا عقول لنفكر ؟ فلماذا نضع عقولنا بين يدي إنسان آخر ليفكر عنا ؟
أو من يؤمن أن الأولياء والسادة -وإن سكنوا القبور- يمكنهم أن يفعلوا المعجزات، حتى إنهم يستطيعون أن يحيوا العظام وهي رميم؛ فهم يؤمنون أن من في القبور يمكن أن يشفي المرضى، أو يمكن أن يعالج العقيم، أو يمكن أن يعيد الزوج إلى زوجته وما إلى ذلك، فيقف أمام القبر ساعات ويقدم القرابين حتى يشفي ولده من مرض عضال، أليس ذلك تفكيرا سلبيا؟

مهارات التفكير الإيجابي
وحتى نكمل الحديث تحت عنوان هذا المقال، ولتكتمل الصورة، نأتي ولو بصورة جزئية إلى بعض مهارات التفكير الإيجابي للراغبين في هذا الجانب بدلاً من التركيز فقط على التفكير السلبي، فدعونا نلخص بعض مهارات التفكير الإيجابي التي منها:
• اختيار العبارات الإيجابية التي تساعد على النجاح، وتكرارها وكتابتها، حتى تكون جزئية وسمة من سمات الإنسان.
• مراقبة الأفكار، واستبعاد السلبية منها، لأن الاستمرار في التفكير فيها سيحولها إلى عادة، وبالتالي تؤثر سلبًا على التفكير والسلوك.
• تحديد الأهداف، وترتيبها حسب أولويتها، وتحديد وسائل تحقيقها، والتمييز بين الأهداف الممكنة والمستحيلة.
• اكتساب معارف ومهارات في مجالي فن النجاح وفن التفكير الإيجابي.
• تجنب الانطواء على الذات.
• عدم الاسترسال مع الانفعالات السالبة.
• التخلص من الأفكار السلبية والخواطر التشاؤمية بالهدوء والاسترخاء، والتأمل الموضوعي الذي يلغي المبالغة.
• التفاؤل.
• برمجة العقل الباطن على التفكير الإيجابي، عن طريق تكرار الجمل الإيجابية، وعدم تكرار الجمل السلبية، لأن العقل الباطن يتبرمج عن طريق التكرار.
• البحث عن الجوانب الإيجابية لكل أمر من أمور الحياة حتى لو كان أمر سلبيا.
• تفادى التأثير التراكمي؛ لأن التفكير السلبي يبدأ بالتفكير بجملة بسيطة تذكر بأخرى وهكذا حتى تشكل انفعالا سلبيا مستمرا، لذلك فإن التغلب على التفكير السلبي يتم بالتغلب على هذا التأثير التراكمي.
• إيجاد جذر المشكلة؛ لأن التفكير السلبي قد يكون مصدره عدم حل مشكله معينة، وهو ما يؤثر سلبًا على تفكير وسلوك الإنسان.
• البحث عن الأدلة بدلاً من الاستناد إلى افتراضات لا أساس لها من الصحة.
• عدم استخدام المطلقات مثل «دائمًا» و«أبدا»، لأنها تجعل الموقف يبدو أسوأ مما هو عليه.
• الانفصال عن الأفكار السلبية وعدم تتبعها.
• استخدام أسلوب القطع لمكافحة الاجترار؛ فالاجترار هو التركيز المبالغ فيه على أحداث سلبية، وهو نمط من أنماط التفكير السلبي، لأنه ليس منطقيًا أو موجها لحل ولكنه مجرد قلق زائد، لذلك يجب مقاطعته بإجبار النفس على فعل شيء مختلف تمامًا وتغيير البيئة.
• كتابة المشكلات لأنها تساعد على الحد منها وتنظيمها والسيطرة عليها.
• التحدث إلى الآخرين، بمناقشة المخاوف ودواعي القلق مع صديق أو شخص تثق به.
• توسيع نطاق التفكير والخروج من الدوائر الضيقة.
• الابتعاد عن الفراغ وشغل النفس بالهوايات وتطوير المهارات.
• التخلص من الهموم أولاً بأول.
• الانتقال من التقييم السلبي إلى التقييم الإيجابي.
• اجتناب الحديث السلبي مع الذات وتحفيز الذات وبرمجتها بتأكيدات إيجابية.

إن كل هذه المهارات السابقة الذكر لا تخرج عن ثلاثة أنماط: الأول؛ يتصل بنمط معرفة المشكلات التي يواجهها الإنسان، والثاني؛ يتصل بنمط الفكر اللازم لحلها، والثالث؛ يتصل بأسلوب العمل اللازم لتنفيذ هذه الحلول في الواقع.

وتظل الإيجابية والتفكير الإيجابي مطلب الجميع، ولكننا كثيرًا ما نخطئ الطريق إلى هذا المطلب. إلا أنه من المهم أن نؤمن أن هناك إيجابية يجب أن نسعى لها لتصبح جزءا من حياتنا مهما كانت حياتنا سوداء أو رمادية.

وتظل الإيجابية قضية لا تنتهي وإن انتهى كلامنا عنها هنا.

السبت، 20 سبتمبر 2014

الإيجابية والانتخابات والمجلس النيابي

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢١ سبتمبر ٢٠١٤

بقلم: الدكتور زكريا خنجي

آليت على نفسي منذ أن كتبت هذه الزاوية ألا أكتب في الشأن المحلي، كقضية أساسية، ولكن كنت أسترشد بالشأن المحلي والقصص الواقعية التي تحدث أمامي أو التي يحدثني عنها أحد كشواهد للمقالات التي أكتبها.
ولكن ونحن نكتب عن الإيجابية والتفكير الإيجابي، ومع اقتراب موعد الانتخابات البلدية والبرلمانية، فإن أحاديث الناس والمواطنين تزايدت حول جدوى وجود المجلس النيابي بالتحديد، ومدى فاعليته ومدى الاستفادة التي جناها المواطن من وجود أربعين عضوا تحت قبة البرلمان، يذهبون الى هناك كل يوم، يتناولون الإفطار ثم يدخل بعضهم إلى الاجتماعات ويناقش، والبعض الآخر يغادر ليؤدي مصالحة الشخصية، وفي نهاية اليوم يخرج كل واحد منهم - سواء الذي حضر الاجتماعات أو لم يحضر- بتصريح تنشره الجرائد ووسائل الإعلام ويجب أن يكون الخبر مزين بصورته الشخصية حتى يرى الجميع أن النائب الفلاني قد حضر وناقش وكتب ولذلك أدلى بهذا التصريح المهم الذي لم يغير ساكنا، عندئذ يتساءل المواطنون «ما جدوى كل ذلك؟ ماذا جنيت أنا؟ هل من الضروري أن نعيد الكرة مرة أخرى، ونقوم بعملية أو بالأصح مسرحية الانتخابات ليفوز فيها البعض ويجنوا هم الثروة ويرجع المواطن خالي الوفاض، من غير أن يجني أي شيء؟»
مثل هذه الحوارات تدور في أروقة الكثير من المجالس والأندية والجمعيات، وهذا حتما يؤدي إلى إحباط عام في الشارع، بأن العملية البرلمانية عملية لا جدوى منها، لذلك يرفع الكثيرون الراية البيضاء دلالة على أنهم لن يشاركوا في هذه المسرحية مرة أخرى، فيكفي اللعب على الذقون، فلا انتخابات ولا سباق على الكراسي وامتيازات لفئة خاصة من البشر المستفيد من كل هذه اللعبة والمسرحية.

* (ملاحظة: قامت الجريدة بحذف فقرة من هنا ولم تنشر مع المقال، يمكن قراءتها في أسفل المقال)

وهذا الكلام وهذه الخواطر واقعية جدًا، ولكن دعونا نقوم بتحليل هذا الواقع المرير الذي نعيشه، شئنا ذلك أم أبينا، دعونا نفكر بإيجابية وبعيدًا عن هذه السلبية المنتشرة في الشارع اليوم.
ولنبدأ بالأسوأ، وهو أن أعضاء البرلمان لم يقدموا أي منفعة تذكر للشارع والمواطن، وأن النواب قد فشلوا في توصيل صوت المواطن إلى الجهات التنفيذية، وبالتالي لم تتحقق أي مطالبات أو لم يجنِ المواطن أي حقوق، وربما معضلة زيادة الرواتب أنموذج حيوي لهذا الفشل وكذلك عجزهم التام عن مناقشة تقرير الرقابة المالية وقضايا الفساد المالي والإداري الضارب في أعماق العديد من المؤسسات.
ولكن نسأل: أنعيب على وجود المجلس النيابي؟ أم نعيب على مثل هؤلاء النواب؟ هل نحن مع التجربة البرلمانية أم نحن ضدها؟ هل نود أن يكون لدينا برلمان يستطيع أن يحقق مطالب المواطن في يوم ما أم نريد إلغاء المجلس بما فيه من خير وشر؟
لا أعتقد، وللحقيقة أقول إنه مع كل الذين فتحوا باب الحوار معي حول هذا الموضوع لم أسمع أحد منهم لا يرغب في وجود برلمان في البحرين، فوجود المجلس - بأي صورة كانت - فتح أبواب كثيرة وخاصة أبواب الحريات، حتى إن كان هامش الحريات ليس بالمستوى المطلوب إلا أنه أفضل مما كان.
قبل وجود البرلمان لم نكن نسمع بشيء اسمه «تقرير الرقابة المالية» يمكن أن يحاسب بناء عليه المؤسسات الحكومية، لو أراد النواب أن يحاسب، لم يأتِ علينا يوم كنا نعتقد فيه أن الوزير يمكن أن يُساءل وأن تطرح عنه الثقة، وأمور كثيرة وأدوات برلمانية نصت عليها اللوائح الداخلية للبرلمان، حتى إن جبن النواب في استخدامها فهذا لا يعني أبدأ أنها غير موجودة وأنها غير مُفعلة أو أن البرلمان - كفكر وثقافة- فاشل، وإنما يعني أن النواب يجب أن يعرفوا مدى قوتهم وماذا يمكن أن يفعلوا بهذه القوة.
إذن، يمكن أن نقول إن التجربة البرلمانية وأن وجود البرلمان في حياة المواطن حالة إيجابية وتفكير إيجابي صائب وانه يجب أن يتم احتضانه حتى إن كان ضعيفًا، حتى إن كان النواب الذين يقتاتون عليه ضعفاء ولا يمكن الاعتماد عليهم.
أما النواب، فهم فئة من المجتمع، وما يسري على أفراد المجتمع يسري عليهم، فهم يفكرون في أنفسهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم، قبل أن يفكروا في الناس ورضا الناس، يخافون من انتقام المسئولين ومن يوم يرجعون فيه إلى حياة العامة، لذلك فإنهم يرهبون محاسبة المسئول الفلاني ويحاولون أن يستعطفوا ويستميلوا وأن يرضوا هذا وذلك، حتى لا يخسروا كل شيء، لذلك تراهم يزورن فلانا في مكتبة ويصاحبون فلانا في بعض الزيارات الميدانية لافتتاح شارع أو حديقة، وعينه على رضا هذا المسئول أو ذلك، وعينه الأخرى على راتبه وامتيازاته وتقاعده.
كما أنهم ليسوا أفضل أفراد المجتمع، وربما ليسوا قادة حتى يشعروا بشعور الناس وآلامهم ومعاناتهم، ولكن من الذي أتى بمثل هؤلاء إلى قبة البرلمان، ألسنا نحن؟ إن لم نكن نحن فمن يكون إذن؟ وقد يقول قائل: خُدعنا، ونحن نقول: كيف تم خداعكم؟
خُدعنا وخدعنا أنفسنا، بأحد ثلاثة أمور: إما باستخدام الرشوة المالية أو العينية، وإما بالكلام المعسول والوعود التي لا يمكن تنفيذها ولا يمكن أن يصدقها عاقل ولكننا صدقناها، وإما بالانتماء الطائفي والفكري، وبالتالي وصل كل هؤلاء إلى البرلمان، وبعد السنوات الأربع الماضية تبين لنا عجزهم وربما فشلهم. إذن من الملام في توصيل مثل هؤلاء النواب إلى البرلمان؟ أعتقد أن الإجابة هي: «نحن» الملامون، لأننا لم نكن صادقين مع أنفسنا وجرينا خلف سراب لا يسمن ولا يغني من جوع.
نحن من قمنا بالتصويت لفلان وأوصلناه الى البرلمان لأنه ينتمي الى الطائفة التي ننتمي إليها حتى إن لم يكن كفاءة، فلان لأنه يقرب من حيث النسب إلى فلان، وفلان لأنه قام بتوزيع الهدايا والعطايا، وفلان كان مقره الانتخابي يزدان بأكبر بوفيه وأحلى الأطعمة.
إذن الإيجابية والحل ليس في مقاطعة البرلمان والانتخابات، وإنما الحل أن نعي نحن ما المطلوب منا أثناء الانتخابات، أن نعرف كيف ومن ننتخب، ولماذا يجب أن يصل فلان ولا يجب أن يصل فلان من الناس، هذا الشخص لأنه كفاءة والآخر ليست لديه الكفاءة المناسبة حتى إن كان ابن عمي، ما برنامج فلان الانتخابي، وماذا يريد أن يقدم، مثل هذا الأمور يجب أن توضع في الاعتبار عندما نتقدم إلى صندوق الاقتراح ونضع ورقتنا وصوتنا، إن حدث ذلك فإنه حينئذ يكون برلماننا برلمانا حقيقيا يستطيع أن يقدم للمواطن ما يريد.
وموضوع آخر، كم منا طالب بصورة فردية أو بصورة جماعية بمحاسبة النواب؟ إن لم يستطيع الفرد أن يفعلها فلماذا لا تقدم الجمعيات ورقة عمل، ليس للمحاسبة وإنما لنقل على الأقل تقييم عمل البرلمان خلال الدورة الإنعقادية، كم جمعية سياسية تقدمت بذلك؟ ومن الجدير بالذكر ان تقييم عمل البرلمان حق من حقوق المواطن، فلماذا لا نمارس هذا الحق؟ ثم نطالب بمقاطعة الانتخابات؟
الخلاصة، لنكن إيجابيين، وذلك لنعرف دورها الصحيح وحقنا في الاختيار الصحيح للأفراد، ولنختار بصورة صحيحة ولا نخضع للأهواء، وأخيرًا لنقيّم عمل النواب بين الفينة والأخرى، ولا نطالب بمقاطعة الانتخابات لأن وجود البرلمان في حياة الشعوب مصلحة وفائدة يفتقدها الكثير من الشعوب الأخرى.

 

* المفقرة المحذوفة

يقول أحدهم: لو أن حكومة البحرين استغنت عن مجلس النواب لمدة سنتين فقط، وقامت باستثمار رواتبهم في شراء أبقار حلوب، فإنها وفي شهر واحد يمكنها أن تشتري 150 بقرة حلوب، وبحسبة بسيطة فإنه بعد سنتين فقط سيكون لدينا حوالي 3600 بقرة حلوب، وعليه فإنه سيصل إنتاج الحليب في البحرين حوالي ربع مليون لتر يوميًا، وبما أن اللتر الواحد يعطي خمس أكواب من الحليب، لذلك فإننا نعتقد أنه هذه الكميات تكفي لتسقي جميع طلاب البحرين حليب مجانًا.

وأما تغذية هذه الأبقار فيمكن أن تكفيها بدلات سفر النواب والعديد من الامتيازات وما إلى ذلك، وهذا يعني إننا وبعد دورة برلمانية واحدة يمكننا أن ننافس هولندا ونيوزلندا في إنتاج لحوم الأبقار والحليب، وكل ذلك لأننا استعضنا النواب بالأبقار.

السبت، 13 سبتمبر 2014

الإيجابية في شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم

 

 تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٤ سبتمبر ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

جُبل المجتمع العربي إبان البعثة النبوية الشريفة على القسوة في التعامل والسلوك، حتى انه كان يعاب على الرجل أن يقبّل ابنه، حتى إن أسماء الرجال كانت تدل على تلك القساوة فمنهم من اسمه صخر أو حرب أو حزن وما إلى ذلك. هذه القسوة قادت إلى حروب وتطاحن نشبت لأسباب ربما كانت تافهة ولكنها – في الحقيقة – نشبت بسبب الولاء والعصبية بين أفراد القبيلة الواحدة، هذا بالإضافة إلى تفشي ظاهرة الرق وإهانة المرأة، وما إلى ذلك.
في تلك الأجواء القاسية، سواء من حيث البيئة الصحراوية أو من حيث الأخلاق والسلوك، يأتي رجل – صلى الله عليه وسلم – يدعو إلى حالة ذهنية جديدة وإلى تغيير في واقع النفس البشرية، وإلى مجتمع تتحول فيه الصورة السلبية إلى صورة إيجابية يتعامل فيه الناس وفق قوله صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، ليس ذلك فحسب إنما نجده صلى الله عليه وسلم لا ينبه أتباعه إلى أن السلوكيات السلبية التي قد يقعون فيها هي في حقيقتها مما ينافي وكمال استحقاقهم للهوية الإيجابية التي ينسبون أنفسهم إليها فحسب وإنما يمزج هذه الهوية الإيجابية بالإيمان بالله واستحقاق رضا سبحانه وتعالى، حيث قال: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: ومن يا رسول الله ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه) أي أضراره.
ثم يذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أعماق أكثر، فهو عليم بالنفس البشرية الميالة إلى حب الامتلاك وفرض الذات حتى وإن كان ذلك بالقوة، فيقوم صلى الله عليه وسلم بترسيخ الهوية الإيجابية في أدنى درجاتها، وذلك بحثه لأتباعه على أن يكف الواحد منهم شرّه عن الناس – وهذا هو السلوك السلبي – إن لم يكن قادرًا على عمل الخير لنفسه أو لغيره، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟
قال: الإيمان بالله، والجهاد في سبيله، قال: قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنًا، قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعًا أو تصنع لأخرق، قال: قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك.
وفي مكان آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».
قال النووي في شرح الحديث: «أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه واجبًا أو مندوبًا فليتكلم، وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح».
ومن منطلق مبدأ «فليقل خيرًا أو ليصمت» فإنه صلى الله عليه وسلم ينهى بصورة شديدة عن إحباط الناس وتثبيطهم وقتل روحهم المعنوية، لأن ذلك هو الفعل السلبي الذي يتنافى مع شخصيته صلى الله عليه وسلم التي تربت على العقيدة الإسلامية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم».
قال الخطابي في شرح الحديث: معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساوئهم، ويقول فسد الناس، وهلكوا، ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم.
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى العالم بنظرته الإيجابية فإنه يرفض أن يتحول أتباعه إلى أناس سلبيين لا ينظرون ولا يتكلمون إلا فيما خبث من القول والفكر، لأن ذلك سيحول حياتهم إلى قيود فكرية وأقفال ذهنية، عندئذ فإنهم لن يروا في عالمهم إلا المشاكل وسوء الظن، والظلم وعدم الإنصاف، وعند ذلك لا أمل ينبثق من أفراد المجتمع ولا فعالية ولا تفاؤل، فتصور أي حياة يمكن أن يعيش فيها إنسان حينئذ!
وفي محاولته لغرس المفاهيم الإيجابية في النفس البشرية أولاً وبالتالي أن تنتشر في المجتمعات جيلا من بعد جيل حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطي مدلولات إيجابية حتى لأسماء الأفراد فيصبغها بصبغات إيجابية، فعن سعيد بن المسيب عن أبيه أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما اسمك؟ قال: «حزن»، قال: أنت «سهل» قال: لا أغيّر اسمًا سمانيه أبي، قال بن المسيب: فمازالت الحزونة فينا بعد. بمعنى أن سعيد بن المسيب يشير إلى الشدة التي بقيت في أخلاقهم.
وجاءت عدة أحاديث قام فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغيير الأسماء ذات الدلالات السلبية إلى أسماء ذات دلالات إيجابية، ومن ذلك ما جاء عن عبدالله بن عمر: أن رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم غيّر اسم «عاصية» وقال: أنت جميلة.
ولنترك هذا الجانب، ولنلق الضوء على جانب آخر، وهو التفاؤل الإيجابي في آخر لحظات الدنيا، ومواصلة التنمية حتى ولو كانت القيامة تلوح في الأفق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل.
وهل هناك إيجابية أكثر من ذلك في حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعمير الأرض وتشييد الحضارات حتى وإن لم يبق من الدنيا إلا صبابة؟
وحتى وهو – صلى الله عليه وسلم – في قمة حزنه وألمه لم يبتعد عن الإيجابية قيد أنملة، فعن عائشة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟
قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم عليّ، ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا».
يقول الدكتور سعيد الرقيب في بحثه (أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه الذات والمجتمع في ضوء السنة النبوية) «فانظر إلى قمة حسن الظن بالله والتوقع الإيجابي لما سيحصل في المستقبل في قوله: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم»، على الرغم من شدة الهم والوحدة، والغربة الإيمانية، ومطاردًا من أهل الشر، ومن شدة هذا الهمّ فقد مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ستين كيلومترا ولم يشعر بنفسه فلم يكن همه وكربته من أجل ما وقع له شخصيًا، ولكن لما رفضه الجهال من خير وفلاح لهم في الدارين، ومع كل تلك المعاناة استخدم النبي صلى الله عليه وسلم التوقع الإيجابي ليعلم أمته كيف يفكرون وكيف يفعلون إذا حدث لهم شيء مما قد يكدر صفو حياتهم في أمور دينهم أو دنياهم».
ولم يكتف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإيجابية وإنما عاشها وعايشها، ليس ذلك فحسب وإنما قد ضرب أروع الأمثلة بإظهار المواقف الإيجابية في كل المواقف السلبية التي تعرض لها، ومن ذلك ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، ثم أمر له بعطاء.
انظر إلى قول الراوي «فضحك»، ردة فعل إيجابية على تصرف سلبي من جاهل، ولم يمنعه ذلك الاعتداء والفظاظة من الأعرابي من إكمال الرد الإيجابي فأمر له بعطاء، قال النووي: فيه احتمال الجاهلين والإعراض عن مقابلتهم ودفع السيئة بالحسنة وإعطاء من يتألف قلبه والعفو عن مرتكب كبيرة لا حد فيها بجهله وإباحة الضحك عند الأمور التي يتعجب منها في العادة وفيه كمال خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلمه وصفحه الجميل.
وليس من السهولة التحدث عن سمات تتمتع بها شخصية عظيمة، فتلك الشخصيات تحمل الكثير من الصفات التي يصعب تقصيها كلها أو حتى جزء منها، فما بالنا ونحن نتحدث عن سيد البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعتقد أننا سنعجز عن ذلك.
وما زال لموضوع الإيجابية بقية.

الاثنين، 8 سبتمبر 2014

الإيبولا.. الفيروس والمرض


الفيروس لا ينتقل بالهواء وإنما عن طريق لمس إفرازات المريض.. لذلك فالحذر واجب

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٩ سبتمبر ٢٠١٤

الدكتور زكريا خنجي

تسعى «منظمة الصحة العالمية» ودول عديدة إلى إيقاف انتشار حمى «إيبولا» القاتلة، التي أودت بحياة أكثر من ألف شخص، مستخدمين في ذلك كل السبل المتاحة من علاجات لا تزال قيد التجربة. فبعد ان وافق خبراء المنظمة على استخدام دواء غير مرخص في علاج هذا المرض، وافقت الولايات المتحدة على ارسال دواء « ZMapp» التجريبي إلى ليبيريا لعلاج الأطباء المصابين بالمرض، ثم أعلن وزير الصحة الكندي، روني امبروز، عن استعداد بلاده لإرسال 800 – 1000 جرعة من الدواء الذي ابتكره المختبر الوطني للأحياء المجهرية إلى أفريقيا، لعلاج المصابين بهذه الحمى القاتلة، مع العلم أن هذا الدواء لم يخضع لاختبارات سريرية أيضًا، أي أنه غير مرخص رسميًا. وأضاف الوزير الكندي، أن كندا مستعدة لإرسال الأطباء والأموال اللازمة لمكافحة المرض.
وعلى الرغم من كل تلك الإجراءات الحازمة التي تتخذها مختلف الدول لمواجهة المرض ومنع انتشاره، إلا أن «إيبولا» مستمر في حصد أرواح الناس. فما الإيبولا؟ وكيف ينتشر؟

ما الإيبولا؟
الإيبولا مرض فيروسي (Ebola virus disease) ويعرف بحمى إيبولا النزفية (Ebola hemorrhagic fever)، وهو مرض فيروسي معدي يصيب الإنسان وبعض أنواع القرود. اكتشف للمرة الأولى سنة 1976، ومن حينها ظهرت أنواع مختلفة منه مسببة أوبئة في كل من زائير، الغابون، أوغندا، والسودان وبنسبة وفيات تتراوح ما بين 25% - 90%.

أعراض الحمى
تبدأ علامات وأعراض الإيبولا عادة فجأة مع مرحلة تشبه الإنفلونزا تتميز بالتعب، والحمى، والصداع، وآلام في المفاصل، والعضلات، والبطن، وكذلك القيء والإسهال وفقدان الشهية أيضًا شائعة. وتشمل الأعراض الأقل شيوعًا ما يلي: التهاب الحلق، وألم في الصدر، الفواق، وضيق في التنفس وصعوبة في البلع، ولقد وجد أن متوسط الوقت بين الإصابة بالفيروس وبداية ظهور الأعراض هو من 8 إلى 10 أيام، ولكن يمكن أن تتفاوت ما بين يومين و 21 يومًا. وقد تشمل المظاهر الجلدية: طفح جلدي (في حوالي 50% من الحالات). أما الأعراض المبكرة لمرض فيروس الإيبولا قد تكون مماثلة لتلك التي من الملاريا وحمى الضنك، أو الحمى المدارية الأخرى، قبل أن يتطور المرض إلى مرحلة النزيف. وقد لا تظهر على جميع المرضى أعراض نزفية.

العدوى
ليس من الواضح تمامًا كيف ينتشر فيروس إيبولا، حيث يعتقد أن المرض يحدث بعد انتقال فيروس الإيبولا إلى الإنسان عن طريق الاتصال مع سوائل جسم الحيوان المصاب، أما بالنسبة من الإنسان إلى الإنسان يمكن أن يحدث انتقال العدوى عن طريق الاتصال المباشر مع الدم أو سوائل الجسم من شخص مصاب (بما في ذلك التحنيط لشخص ميت مصاب بالمرض) أو ملامسة شفرات حلاقة أو معدات طبية ملوثة، وخاصة الإبر والمحاقن، والمني قد يكون معديا في الناجين مدة تصل إلى 50 يومًا، وكذلك فإن انتقال العدوى يمكن أن يتم عن طريق الفم والملتحمة هو من المرجح، وقد ثبت ذلك في الحيوانات الثديية. وتعتبر احتمالات العدوى على نطاق واسع لمرض إيبولا الفيروسي منخفضة حيث إن المرض ينتشر فقط عن طريق الاتصال المباشر مع إفرازات من شخص تظهر علامات للعدوى. والظهور السريع للأعراض يجعل من السهل تحديد هوية الأفراد المرضى ويحد من قدرة انتشار المرض عن طريق السفر. لأن الجثث تعتبر معدية، ينصح بعض الأطباء التخلص منها بطريقة آمنة.
وحتى الآن لم يتم توثيق انتقال الفيروس عن طريق الهواء خلال الفاشيات السابقة، ومع ذلك فقد تم تصنيف هذه الفيروسات على أنها من الفئة (أ) من ضمن الأسلحة البيولوجية، مؤخرًا أظهر الفيروس القدرة على السفر من دون اتصال من الخنازير إلى الثدييات.
ولقد وجد أن خفافيش الفاكهة (ويعتقد أنه المضيف الطبيعي للفيروس) تسقط الثمار المأكولة جزئيًا واللب على الأرض، فتقوم الثدييات الأخرى مثل الغوريلا والظباء بالتغذي على هذه الثمار الساقطة، وتعد هذه السلسلة وسيلة محتملة غير مباشرة لانتقال الفيروس من المضيف الطبيعي للمجموعات الحيوانية الأخرى، حيث يعتقد أن لعاب الخفافيش الفاكهة تحوي الفيروس وبالتالي تنتقل إلى الفاكهة ومنها إلى الحيوانات الأخرى حتى تنتشر بين الإنسان، مما أدى إلى البحث في سلوك الحيوان، وعوامل أخرى لمعرفة كيفية تفشي المرض وحدوث فاشيات.

اكتشاف المرض
اكتشف في بلدة تقع على طرف غابة مطيرة تسمى كيكويت في زائير، حيث كان هناك بائع فحم نباتي، وكان يعد فحمه النباتي في عمق الغابة ويحزمه ويحمله على رأسه إلى كيوكويت. وفي 6 يناير 1995 شعر الرجل بأنه مريض، ووقع على الأرض مرتين وهو في طريقه من الغابة إلى البيت، وعندما وصل قال إنه مصاب بصداع وحمى. وفي خلال الأيام القليلة التالية تدهورت حالته، وفي 12 يناير حملته عائلته إلى مستشفى كيكويت العام. وهناك ازدادت حالته سوءًا وابتدأ يتقيأ، وكان الدم يتدفق بشكل يتعذر ضبطه من أنفه وأذنيه، ثم توفي في 15 من الشهر نفسه. وسرعان ما أصبح آخرون من عائلته – ممن لمسوا جسده – مرضى. وبحلول شهر مارس مات اثنا عشر فردًا من أقربائه اللصقاء. وفي أواسط شهر أبريل ابتدأت هيئة العاملين في المستشفى وآخرون يمرضون ويموتون مثل الرجل وعائلته، وبسرعة انتشر المرض إلى بلدتين أخريين في المنطقة، وغدا من الواجب طلب المساعدة. فتوجه أحد العلماء وقام بجمع عينات من دم المرضى وقام بإرسالها إلى مراكز مكافحة الأمراض في أتلانتا، أمريكا، ووجد أن المرض هو «فيروس الإيبولا».

واليوم تعاون دولي لمواجهة هذه المخاطر والتهديدات
وأمام خطورة تفشي فيروس إيبولا الذي اسفر عن وفاة أكثر من ألف شخص، وافقت الأوساط الطبية في العالم على استخدام أدوية تجريبية لمكافحة هذا الوباء، فوافقت لجنة خبراء في منظمة الصحة العالمية على استخدام أدوية تجريبية لمكافحة فيروس إيبولا في دول غرب افريقيا، في وقت توفي فيه أول أوروبي هو قس إسباني أعيد من ليبيريا، جراء إصابته بالفيروس.
وقالت منظمة الصحة في بيان «نظرًا للظروف المحددة لهذه الموجة (الوبائية) وعلى أساس تلبية بعض الشروط، توافقت اللجنة على أنه من الاخلاقي إعطاء أدوية تجريبية لم يتم بعد التحقق من فعاليتها وآثارها الجانبية كعلاج محتمل أو وقائي».
ويأتي بصيص الأمل هذا في حين حصد إيبولا ضحية جديدة بين المتطوعين لمعالجة الاشخاص المصابين.
ويذكر أن فيروس إيبولا أدى حتى اليوم (أغسطس 2014) إلى وفاة 1013 شخصًا وتسجيل 1848 إصابة مؤكدة أو مشبوهة في غينيا وسيراليون وليبيريا ونيجيريا، وفقًا لآخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية.
كما يذكر أنه لا يوجد حاليًا أي علاج أو لقاح محدد لفيروس إيبولا الذي ينتقل بالاتصال المباشر بدماء وسوائل أو أنسجة المرضى أو الحيوانات المصابة أو بأدوات ملوثة بدماء المرضى وأنسجتهم مثل الإبر والحقن.

1280px-Ebola_virus_virion

virus-Ebola-chauves-souris

1-617815

كائنات فطرية – أكليل الكرز

CarolinaCherryLaurel800

SAW_02883

كائنات فطرية - إكليل الكرز

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٩ سبتمبر ٢٠١٤

الدكتور زكريا خنجي

إكليل الكَرز أو الغار الكرزي شجيرة موطنها أوروبا الشرقية وآسيا، وهي وثيقة الصلة بالكرز. وهي ليست بالطبع إكليلاً أو غارًا حقيقيًا.
وهي شجرة دائمة الخضرة تنمو بصورة عمودية يصل ارتفاعها ما بين 20-40 قدما (6-12 م) ويبلغ قطر جذعها حوالي 10 بوصات (25 سم). أوراقها مسننة لامعة يتراوح طولها ما بين 2 و 4 بوصات (10 سم) وعرضها نحو 1 بوصة (2,5 سم). لون أوراقها يتراوح ما بين اللون الأصفر والأخضر واللون الأخضر الداكن. يتطاير عبق أزهارها البيضاء إلى حوالي 2 - 3 بوصات (5-8 سم)، وتظهر أزهارها بصورة ما يعرف بالنورة أو الشمراخ أو العنقود، وتبدو واضحة تلك العناقيد في أواخر الشتاء وأوائل الربيع، وتبدو بصورة رائعة إلى أقصى درجات الجمال عندما تختلط مع أوراق الشجر الكثيفة. وتتحول الأزهار الجميلة إلى فاكهة ذات لون أزرق قاتم (أرجواني)، يبلغ قطرها حوالي 0,5 بوصة (1 سم)، علمًا أن الأوراق والنويات المستديرة للثمرة سامة.
في الطبيعة عادة ما تكون هذه الشجيرات كبيرة وضخمة وتنمو على شكل مستعمرات كبيرة، ولكنها في المنازل تقلم وتهذب وتبدو وكأنها أشجار صغيرة جميلة يمكن زراعتها في الحدائق الأمامية للمنزل، وهذه الأشجار صالحة لصنع سياج المنزل أيضًا.

من رسائل القراء.. إلى البلديات

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٩ سبتمبر ٢٠١٤

الدكتور زكريا خنجي

تلقيت خلال الأسبوع الماضي، رسالتين من بعض الإخوة القراء، الرسالة الأولى كانت عن طريق الواتساب والأخرى عبر البريد الإلكتروني، لنتناول فكرة الرسالتين.
الرسالة الأولى تتحدث عن تراكم المخلفات في مناطق مختلفة من الرفاع الشرقي والإهمال الواضح من قبل المجلس البلدي وبلدية الرفاع والشركة المكلفة بتنظيف الرفاع الشرقي.
الرسالة الثانية تتحدث أيضًا عن النظافة ولكن على السواحل وفي البحر. ويقول صاحب هذه الرسالة إنه حاول وتواصل مع بعض الجهات إلا أنه لم يلاق أي تجاوب.
ونحن من خلال هذه البقعة سنحاول أن نختصر الرسالتين في موضوع واحد ألا وهي النظافة العامة، ونتساءل عن دور وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني.
حيث تشير العديد من الدلائل إلى أن خصصة عمل البلديات وخاصة النظافة أدى إلى تدهور مستوى النظافة - بصورة عامة - في البلاد، ويجب أن يكون مفهومًا الكلام الذي نحاول توصيله، إذ أننا لا نلوم الشركات القائمة على نظافة البلاد وإنما نشير بأصابعنا إلى الوزارة نفسها وإلى البلديات المنتشرة في البلاد، فعندنا في البحرين - وعيني عليهم باردة - خمس بلديات وخمسة مجالس بلدية، ولكن ما النتيجة التي يراها المواطن؟ في الحقيقة لا شيء.
المجالس البلدية كجهة تشريعية تتهم البلديات كجهات تنفيذية، والبلديات تتهم المجالس البلدية، والمواطن وحاجاته ضائعة بين هذه وتلك، لا تنظيم ولا خطة ولا فكرة ولا حتى رغبة في العمل، ولكن عندما يقوم الوزير المختص بزيارة أي منطقة لتفقد أي شيء نجد أن الجميع مصطف خلفه ولا بد أن يكون بالبشت أو بالبذلة الرسمية من أجل التصوير التلفزيوني أو في بقية وسائل الإعلام، وعندما يغادر الوزير وتتوقف آلات التصوير يتبخر كل شيء.
هذا واقع
أيها السادة، ماذا تريدون؟ هل يجب أن يخرج المواطنون في مسيرات في الشوارع حتى تلبى مطالبهم؟ هناك الكثير من المطالب يا مديري البلديات.. ماذا تنتظرون؟ هل تنتظرون أوامر مباشرة من السلطات العليا؟
أيها السادة، إن المواطنين حاجاتهم بسيطة، نظافة واهتمام بالشوارع والسواحل وترتيب وإدارة المناطق، فهل هذه أمور مستحيلة لنلقي اللوم على شركات التنظيف؟
حسنٌ، فلتكن شركات التنظيف، ألا توجد عقود مع هذه الشركات؟ لماذا لا تحاسب هذه الشركات على إهمالها والتسويف والتسيب؟ لماذا نضطر إلى أن نشاهد المخلفات في مناطقنا السكنية وعلى سواحلنا وفي بحرنا؟
فلنرتقِ بأنفسنا ومستوانا ونظافتنا وإداراتنا البلدية.

السبت، 6 سبتمبر 2014

لنعش التفكير الإيجابي ونتعايش معه

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٧ سبتمبر ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

كثيرون يحكمون على إيجابية التفكير لدى البشر أو سلبيته من خلال نظرتهم إلى الكأس، هل نصفه ممتلئ أو فارغ، ولكننا نعتقد أن هذا التفكير وهذا التصنيف جائر نوعًا ما، حيث إننا نعتقد أن الإيجابية أو التفكير الإيجابي هو منهج وأسلوب متكامل في الحياة، بمعني آخر التركيز على الإيجابيات في أي موقف بدلاً من التركيز على السلبيات، إنه حسن الظن بذاتك أولاً، وأن تحسن الظن بالآخرين أيضًا، وأن تتبنى هذا الأسلوب الأمثل في الحياة.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا»، وهذا حديث واحد من عشرات الأحاديث التي يدعوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حسن الظن بالناس والمجتمع.
وتقول وفاء محمد مصطفى: «هو أن تستخدم قدرة عقلك الباطن (عقلك اللاواعي) للتأثير على حياتك العامة بطريقة تساعدك على بلوغ آمالك، وتحقيق أحلامك». ويقول سكوت دبليو «هو قدرتنا الفطرية للوصول إلى نتائج أفضل عبر أفكار إيجابية».
ويورد خبراء تنميه الذات العديد من تعريفات للتفكير الإيجابي، فعرفه بعضهم أنه مجموعه من المهارات المكتسبة، التي تمكن الإنسان من التغلب على مشاكله، وعرفه آخرون أنه التفاؤل، وقال آخرون إن التفكير الإيجابي هو بداية الطريق للنجاح، فحين يفكر الإنسان بإيجابية فإنه يبرمج عقله ليفكر إيجابيًا، والتفكير الإيجابي يؤدي إلى الأعمال الإيجابية.
وقال أحدهم إن التفكير الإيجابي هو كل نمط تفكير يسهم في تحديد نمط معرفه المشاكل التي يواجهها الإنسان، أو نمط الفكر اللازم لحلها، أو أسلوب العمل اللازم لتنفيذ هذه الحلول في الواقع.
وتعريفات كثيرة ربما لا نريد الإتيان بها فليس لها مكان هنا، ولا نريد أن نعرف الإيجابية أو التفكير الإيجابي، فنحن نريد أن نبتعد عن المصطلحات الأكاديمية لنتعرف على هذه النوعية من التفكير في هذا العصر الذي أصبح فيه الضغط النفسي جزءا من كيان الإنسان، وأصبح الغضب سمة البشر فلا تستطيع أن تتحدث مع أحد إلا وتطاير الشرر من عينيه، حتى مع أولادك وزوجك، أصبحت الضغوط النفسية والمادية تضغط على الإنسان لدرجة أنه يشعر في لحظات أنه وجد في هذا الكون بالخطأ.
نريد أن نستشعر أن الإيجابية والتفكير الإيجابي حياة مليئة بالسعادة والرفاهية وأن الأحداث التي نواجهها يوميًا ودائمًا ما هي إلا إشارات لنجاح متواصل في شتى مجالات الحياة، نريد من خلال هذه النوعية من الحياة أن نحاول جاهدين أن نجلب لأنفسنا ولغيرنا الخير والمصالح المادية والمعنوية، وأن ندفع عن أنفسنا الضرر، نريد أن نستشعر تحسن مستوياتنا الفكرية وذلك بتبني منهج فكري سليم عن أنفسنا وعن مجتمعنا وعن الحياة بصفة عامة، وأن نتخلى عن الأفكار السلبية التي تحد من قدراتنا، وتحقيق ما نصبو إليه من أهداف في حياتنا.
فالإيجابية والتفكير الإيجابي الذي نؤمن به هو الذي يقود الإنسان إلى إزالة المشاعر غير المرغوبة والتي تعيقه من تحقيق الأفضل لنفسه ومجتمعه، فهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنجاح في كل مجال من مجالات الحياة.
عندما كنت أقول ذلك يومًا في محاضرة قالت إحداهن: «هل يعني ذلك أنه لو سقطت من أعلى السلم إلى الأسفل، أن أقوم وأنا مبتسمة لأني وصلت إلى نهاية السلم بسرعة؟».
قلت: لا.. ولكن الإيجابية في الموضوع أن ننظر إلى أنه لم ينكسر عمودنا الفقري، ولم نفقد أي جزء من أعضائنا وخرجنا سالمين من هذه السقطة، وربما ببعض الخدوش فقط.
وقالت الأخرى: حسنٌ، ماذا إذا تعرضنا لخداع من تاجر أو أحد البشر، كيف نفكر معه بإيجابية وهو قد خدعنا وغشنا؟
قلت: من الإيجابية أن نتفاهم معه بهدوء ومن غير غضب، فإن أنصفنا فكان ذلك خيرا، وإن لم ينصفنا فمن الإيجابية أن نتقدم بشكوى أو بلاغ عند الجهات المسئولة أو حتى في المحاكم إن بلغ الأمر ذلك، فترك حقوقنا من غير استردادها هي سلبية وليست إيجابية، ولكن لنأخذ حقوقنا عبر القنوات الشرعية وليس عبر الفوضى والغضب والضرب.
ثم رويت لهم هذه الحكاية، يروى أنه جلس مؤلف كبير أمام مكتبه وأمسك بقلمه وكتب: في السنة الماضية أجريت عملية إزالة المرارة ولازمت فراشي عدة أشهر، وبلغت الستين من العمر فتركت وظيفتي المهمة في دار النشر التي ظللت أعمل بها مدة ثلاثين عامًا. وتوفى والدي، ورسب ابني في بكالوريوس كلية الطب لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب تعرضه لحادث سيارة، وفي نهاية الصفحة كتب يا لها من سنة سيئة.
دخلت زوجته غرفة مكتبه ولاحظت شروده فاقتربت منه، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب فتركت الغرفة بهدوء وعادت بعد دقائق وقد أمسكت بيدها ورقة أخري وضعتها بجوار الورقة التي سبق أن كتبها زوجها، فتناول الزوج ورقة زوجته وقرأ منها:
في السنة الماضية شفيت من ألم المرارة التي عذبتك سنوات طويلة، وبلغت الستين وأنت في تمام الصحة، وستتفرغ بعد التقاعد للكتابة والتأليف بعد أن تم التعاقد معك على نشر أكثر من كتاب مهم، وعاش والدك عمرًا طويلا بغير أن يسبب لأي أحد متاعب وتوفي في هدوء بغير أن يتألم، ونجا ابنك من الموت في حادث السيارة وشفي بغير أي عاهات أو مضاعفات، وختمت الزوجة قائلة: يا لها من سنه أكرمنا بها الله وانتهت بكل خير، والحمد لله على كل شيء.
هكذا هي الإيجابية، نفس الأحداث ولكن هنا تأتي نظرتنا إلى الكأس إن كان نصفه ممتلئ أو نصفه فارغ.
قال سبحانه وتعالي في سورة النمل - الآية 73 «وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون».
وإن لم نستطع أن نصل إلى هذه المرحلة من الحساسية لنستشعر الإيجابية في حياتنا، فعلى الأقل يجب أن نعرف فوائد الإيجابية والتفكير الإيجابي لعلنا نفكر بصورة جدية في اتخاذ هذا المنهج من التفكير أسلوب حياة، وقد قام الباحث الدكتور سعيد بن صالح الرقيب في بحثه «أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته تجاه الذات والمجتمع في ضوء السنة النبوية» بتجميع فوائد ممارسة التفكير الإيجابي، وسنحاول أن نلخص بعضها، وهي كالتالي:
1- هو الباعث على استنباط الأفضل، وهو سر الأداء العالي، ويعزز بيئة العمل بالانفتاح والصدق والثقة.
2- يدعك التفكير الإيجابي تختار من قائمة أهداف الحياة المستقبل الأفضل الذي يحقق أهدافك.
3- تأكد أن التغيير الإيجابي البناء الذي تجريه داخل نفسك سوف يكون له الأثر النافع في شخصيتك وفي كل نشاطاتك.
4- أن تكون مفكرًا إيجابيًا يعني أن تقلق بشكل أقل، وتستمتع أكثر، وأن تنظر للجانب المضيء بدلاً من أن تملأ رأسك بالأفكار السوداء، وتختار أن تكون سعيدًا بدلاً من الحزن، وواجبك الأول أن يكون شعورك الداخلي طيبًا.
5- إن العقل يمتلك فكرة واحدة في أي وقت، فإذا أدخلنا في عقولنا فكرة إيجابية أخرجت الفكرة السلبية التي تقابلها، إن العقل لا يقبل الفراغ فإذا لم نملأه بالأفكار الإيجابية فسوف تملأه الأفكار السلبية.
6- إن هذه الإيجابيات في عقولنا ومشاعرنا تصنع في حياتنا: الإيجابية، والتفاؤل والطاقة، والقدرة على الدفاع عن النفس، وصد الهجوم الذي يصدر إلينا من شياطين الأنس والجن، وأكبر منهما حديث النفس.
7- عندما نفكر بطريقة إيجابية تنجذب إلينا المواقف الإيجابية، والعكس يحدث عندما نفكر بطريقة سلبية فإننا نجذب إلينا الموقف السلبية.
8- إن الشخص الذي يفكر إيجابيًا ويعتمد على نفسه، وينظر نظرة متفائلة يستطيع أن يستهوي ما حوله فعلاً، ويطلق القدرات التي تحقق الهدف.
9- يبحث التفكير الإيجابي عن القيمة والفائدة، وهو تفكير بناء توالدي، وتصدر منه المقترحات الملموسة والعملية حيث يجعل الأشياء تعمل، وهدفه هو الفعالية والبناء.

وفي المقابل فإن الكثيرين يرون أنه لا ينبغي الإفراط في أن التفكير الإيجابي بمفرده، ففي سعي الإنسان لتغيير الحياة إلى الأفضل فإنه من الضروري أن يكون لدى الإنسان بعض الاستراتيجيات، وبعض الخطط التدريجية لتغيير الطريقة التي يفكر بها، والتي يشعر بها، وأيضًا لتغيير ما يفعله في كل يوم يمر عليه، فهؤلاء يعتقدون أن التفكير الإيجابي عملية وإجراء وليس غاية في حد ذاته.
وإن كنا نؤمن بجزئيات من ذلك، إلا أن الموضوع يحتاج إلى وقفات أخرى سنتواصل معكم من خلال هذه الزاوية لنتحاور فيها، ولنا لقاء.