الأحد، 27 يوليو 2014

رعب العولمة.. لماذا؟

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢٧ يوليو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

هل العالم الغربي يحاول أن يصبغ العالم العربي الإسلامي باللون الذي يريد، ليستعمرنا هذه المرة بطريقة جديدة تعرف بالعولمة؟ هل ما يُعرف بالعولمة شيء سيئ؟ هل ستمحو العولمة شخصيتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية؟ أين نحن – كعالم عربي إسلامي – من هذا الزحف الذي يسمى بالعولمة؟
منذ فترة وهذا الموضوع، موضوع العولمة ومدى سيطرة العالم الغربي على وطننا العربي والإسلامي يقلقني، وخاصة من الجانب الثقافي والفكري، فهل نحن – كعالم عربي إسلامي – وصلنا إلى مفترق الطريق بحيث بتنا بين خيارين لا ثالث لهما، وهما: إما أن نمسح هويتنا ونتنكر لكل هذا الإرث الثقافي والفكري ونختلط بالعالم من حولنا بل ونذوب فيه، فنتكلم كما يتكلمون ونفكر كما يفكرون ونلبس كما يلبسون ونعيش ونتعايش مع الثقافة التي تفرضها الدول التي تسيطر على العولمة، وإما أن نرفض كل ذلك وكل ما تضخه لنا وسائل التكنولوجيا الحديثة، فلا فضائيات ولا إنترنت ولا سيارات ولا حواسيب ولا تليفونات فنقبع في كهوفنا الصخرية نرسم على جدرانها كيفية صيد الجواميس والغزلان، ثم ينسانا التاريخ هناك فلا يعد لنا ذكر أو وجود.
وربما هنا يأتي السؤال: ألا يوجد طريق ثالث بين هذا وذلك؟
ولكن السؤال الذي يجب أن يأتي قبل ذلك، هو: ما العولمة؟ وكيف جاءت الفكرة والفلسفة؟
نعتقد أنه لا يمكن أن نعتبر أن أصل فلسفة العولمة وفكرها وليدة اليوم وليس لها علاقة بالماضي؛ بل نجد أن هذه الفكرة نشأت مع بداية تطلع الإنسان للسيطرة على الآخرين، واستمرت حتى غدت واضحة مع بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية، فبدأت العولمة ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدودًا بحدود المقاطعة.
إلا أن بعض الباحثين يجد أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، ويعتقد أنها تنامت بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة. يقول إسماعيل صبري: «نشأت ظاهرة الكوكبة (العولمة) وتنامت في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي حاليًا في أوج الحركة فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع أو نقرأ عن اندماج شركات كبرى، أو انتزاع شركة السيطرة على شركة ثانية».
وفي المقابل فإن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي منذ فترة طويلة فهذا «هتلر» يقول في خطابه أمام الرايخ الثالث: «سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لإقامة نظام عالمي جديد»، وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام 1780 «من الضروري أن نقيم إمبراطورية عالمية تحكم العالم كله».
كما جاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973 «إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية، لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية». وقال «بنيامين كريم» أحد قادة حركة العصر الجديد عام 1982 «ما الخطة؟ إنها تشمل إحلال حكومة عالمية جديدة، وديانة جديدة».
ويذكر التاريخ أن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة «مارجريت تاتشر» قد اقترحت فكرة العولمة يرافقها في ذلك الرئيس الأمريكي السابق «رونالد ريجان»، وكانت وجهة نظر تاتشر الاقتصادية – والتي عُرفت بالتاتشرية – انبثقت من الاستحواذ اليهودي للمال والعتاد، حيث إن فكرتها الاقتصادية والتي صاغها اليهودي جوزيف تهدف بجعل الغني أغنى والفقير أفقر. ويذكر «بات روبرتسون» إن النظام العالمي الجديد نظام ماسوني عالمي، ويعلل ما يقول «بأن على وجهي الدولار مطبوع علامة الولايات المتحدة، وهي عبارة عن النسر الأمريكي ممسكًا بغصن الزيتون رمز السلام بأحد مخالبه، وفي المخلب الآخر يوجد 13 سهمًا رمز الحرب، وعلى الوجه الآخر هرم غير كامل، فوقه عين لها بريق المجد، وتحت الهرم كلمات لاتينيه (Novus Order Seclorum) وهي شطرة من شعر فرجيل الشاعر الروماني القديم معناها: نظام جديد لكل العصور. إن الذي صمم علامة الولايات المتحدة هذه هو «تشارلز طومسون»، وهو عضو في النظام الماسوني وكان يعمل سكرتير للكونجرس، وهذا الهرم الناقص له معنى خاص بالنسبة للماسونيين، وهو اليوم العلامة المميزة لأتباع حركة العصر الجديد». وبعد تحليل ليس بطويل يصل المؤلف إلى وجود علاقة واضحة تربط بين النظام الماسوني والنظام العالمي الجديد.
ووجدنا من خلال بحثنا في هذا الموضوع كمّاً هائلاً من الأبحاث والدراسات والأحاديث الصحفية التي تربط بين العولمة والماسونية والصهيونية لا نريد الإتيان بها، فهذا لا يقع ضمن نطاق بحثنا ودراستنا هنا.
إلا أننا نستطيع من خلال هذا الكم الهائل من الأدبيات أن نُعرّف العولمة أنها تعني وببساطة جعل الشيء عالمي الانتشار في مداه أو تطبيقه، وهي أيضًا العملية التي تقوم من خلالها المؤسسات التجارية بجعل كل تلك العمليات عالمية لا تحدها الحدود ولا القوانين الإقليمية الضيقة. وتمتد العولمة لتكون عملية تحكم وسيطرة ووضع قوانين وروابط، مع إزاحة أسوار وحواجز محددة بين الدول وبعضها البعض.
وإن كانت العولمة بدأت كفكرة اقتصادية إلا أن هذا الفكر الاقتصادي كان يهيمن على أطماع وسيطرة سياسية، فالدول الرأسمالية المتحكمة في الاقتصاد العالمي كانت تنمو نموًا كبيرًا مما جعلها تبحث عن مصادر وأسواق جديدة، وهذا يعني أن يجعل حدودها الاقتصادية تمتد إلى ربط مجموعة من العلاقات مع ال دول النامية، لكن الشيء غير مرغوب فيه هو أن هذه الدول المتطورة على جميع المستويات الفكرية والثقافية والعلمية دخلت وتدخلت في تغير هوية الدول التي تسمى بالدول النامية مع احتفاظها هي على هويتها الثقافية والفكرية خاصة. لذلك فيمكننا أن نقول إن العولمة إن بدأت اقتصادية في البداية إلا أنها لم تقتصر فقط على البعد المالي والاقتصادي بل تعدت ذلك إلى البعد الثقافي والفكري المتمثل في مجموع التقاليد والمعتقدات والقيم، وذلك ليس من أجل تطوير تلك الدول النامية مع تركها تحتفظ بإرثها الثقافي والفكري وإنما مسخها وإذابتها في القرية العالمية الصغيرة.
واستكمالاً لذلك فإن العولمة في العصر الحديث وخاصة في ظل التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات أتاح المجال الواسع في التبادل المعرفي والمالي على حد سواء، وبالتالي فإن العولمة تدعو إلى إزالة كل القيود الجغرافية ونهاية عصر سيادة الدولة الإقليمية من أجل إنشاء قرية عالمية يسيطر عليها مفهوم النظام الرأسمالي الغربي واعتماد الديمقراطية الغربية كنظام سياسي عام لتلك القرية، بمعنى آخر إزالة مفهوم وجود دول إقليمية واستبدالها بدولة واحدة فقط، وهي التي تسيطر على الكرة الأرضية.
وهذا يعني أن هذه الدولة العالمية الواحدة هي التي يعتمد فكرها وثقافتها ومنتوجاتها على العالم، وذلك – للأسف – ليست نتيجة تفاعلات حضارات غربية وشرقية، بل هي سيطرة قطب واحد على العالم.
حسنٌ، هذا هو الصراع الحقيقي الذي نعيشه اليوم، فماذا أعددنا لذلك؟ وهذا هو موضوعنا في الأسبوع القادم.

الثلاثاء، 22 يوليو 2014

نبات أذن الفيل

 

بقلم الدكتور زكريا خنجي

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢٢ يوليو ٢٠١٤

نبات أذان الفيل كما يطلق عليه في جميع دول العالم تقريبا واحد من أجمل نباتات الزينة الاستوائية ويعرف أيضًا باسم (الدفنباخيا)، وسمي النبات بأذن الفيل وذلك لتميزه بأوراقه الضخمة التي على شكل أذن الفيل، أو على شكل تُرس، وهنا تكمن جاذبيته.
ينتمي إلى العائلة النباتية (القلقاسية Araceae)، وموطنه الأصلي جنوب آسيا والمناطق الاستوائية من مجموعة جزر بولينيزيا، غير أن زراعته منتشرة الآن في جميع دول العالم ولم تعد تقتصر على المناطق الاستوائية. ويتأقلم ويمكن زراعته في المنازل ويعد من نباتات الظل، ولذلك يقبل على شرائه الناس بسبب قدرته على النمو في الظل و أوراقه العريضة الكبيرة وبسبب لمعانه.
ويوجد أنواع كثيرة ومتعددة من نبات أذان الفيل تنقسم في مجملها إلى ثلاثة أجناس:
«Colocasia» و«Alocasia» و«Xanthosoma» وهي متقاربة جدًا من حيث شكل أوراقها وألوانها المتعددة، لكنها مختلفة عن بعضها البعض مورفولوجيا أو الشكل الظاهري، هذا عدا عن الاختلاف التي يظهر عند تحليل الحمض النووي للأجناس المذكورة كلها وكذا في الاحتياجات البيئية المختلفة لكل منها، فجنس الألوكاسيا يفضل الأماكن الظليلة أو المعرضة جزئيًا لأشعة الشمس، والتربة يجب أن تكون رطبة لكن جيدة الصرف بينما الجنسان الآخران تجود زراعتهما وتربيتهما في أشعة الشمس المباشرة، وكلما كانت التربة رطبة ومغمورة كلما كان هذا أفضل للنبتة، وتتحد الأجناس الثلاثة كلها في كونها شرهة جدًا للتسميد وتتطلب التربة الغنية بالمواد العضوية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض أنواع نبات أذن الفيل صالحة للأكل عند بعض بلدان المناطق الاستوائية بجنوب آسيا، على الرغم من سميتها حيث يقومون بطبخها جيدًا في الماء حتى يزول التأثير المهيج الذي تخلفه أوراقها أو يقومون بتجفيفها وطحنها ويستخرجون منها دقيقًا لصنع الخبز والمعكرونة، كما تستخلص عصارتها لصنع مشروب كحولي من نوع خاص.

10

large_1234178811

المضافات الغذائية - الأمارانث (E123)

 

بقلم الدكتور زكريا خنجي

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢٢ يوليو ٢٠١٤

تعد صبغة الأمارانث صبغة صناعية تعرف بالتصنيف الأوروبي برقم (E123)، أو الأحمر رقم (2)، أو بحسب المنسوب اللوني بالرقم (16185)، هو أحمر داكن يميل إلى اللون الأرجواني، وهي من صبغات الآزو وما يعرف بقطران الفحم، ورغم أن هذه الصبغة تستخدم كصبغة غذائية، فإنها تستخدم كذلك في مستحضرات التجميل والألوان. وتشير التقارير الى أنه منذ عام 1976 تم حظره في الولايات المتحدة من قبل هيئة الغذاء والدواء (FDA) على اعتبار أنه من المواد المشتبه أن تكون من المواد المسرطنة وخاصة في إناث الفئران.
وتجدر الإشارة إلى أنه ما زال يستخدم الأمارانث في بعض البلدان، ولا سيما في المملكة المتحدة حيث يتم استخدامه الأكثر شيوعًا فيما يعرف بالكرز (Glacé) لإضفاء اللون المميز. إلا أن الكثير من الدراسات التي أجريت منذ منتصف الثمانينيات من القرن العشرين لم تتمكن من إثبات أي سمية لصبغة الأمارانث، لذلك لم تصدر أي بيانات حول هذه الصبغة أو سميتها من أن لجنة الخبراء FAO / WHO المشترك. ولقد حظر استخدام الصبغة في كل من النرويج، الولايات المتحدة وروسيا والنمسا، أما فرنسا وإيطاليا فقد صرحت باستخدامها بصورة محدودة وخاصة للكافيار فقط. وما زالت الكثير من الدول تنتظر ما تسفر عنه نتائج البحوث.
وتقبل العديد من الدول استخدامه، بما يعرف بالمتناول اليومي المقبول فيما يتراوح ما بين (0-0.75 mg/kg) من وزن الجسم.
وللصبغة تأثيرات سيئة وخاصة للمصابين بحساسية الاسبرين، إذ أنها تسبب لهم الإكزيما أو الطفح الجلدي وربما بعض الحساسية وبعض إثارة الربو، وكذلك لا يوصى باستخدام هذه الصبغة في أغذية الأطفال المفرطي النشاط.
وعادة ما توجد هذه الصبغة في الآيس كريم، والمربات والهلام (الجلي) والشوربة المعلبة، والفاكهة المعلبة، وحشوة بعض الفطائر والكعك.
ولقد اعطيت هذه الصبغة هذا الاسم بسبب لونها المشابه للون حبوب نبات الأمارانث، وهو نبات يتميز بلونه الأحمر وبذورها تعد من البذور الغنية بالبروتين الصالحة للأكل.

بحر غزة.. يموت !!

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢٢ يوليو ٢٠١٤

بقلم الدكتور زكريا خنجي

ونحن نطالع وسائل الإعلام المختلفة ونتابع أحداث الإجرام الإسرائيلي على غزة والدمار الذي تمارسه تلك العصابة الصهيونية البغيضة بأنباء شعبنا في غزة من غير أن تتحرك جمعيات حقوق الإنسان، نفاجأ بخبر يكاد يختفي تحت ركام تلك الصواريخ والدماء التي تنزف، هذا الخبر الصغير بعنوان «بحر غزة.. يموت» بقلم الكاتب محمود سلامة سعد الريفي. وسنحاول أن نقتبس الجزء الذي يهمنا من ذلك الخبر.
يقول الخبر «وكان نتيجة طبيعية لذلك مزيدًا من الاشكاليات في القطاعات الحيوية والانتاجية والخدماتية، وخاصة مع توقف مضخات الصرف الصحي عن العمل بطاقتها القصوى، وبالتالي بات يقذف بمياه الصرف الصحي للبحر مباشرة على مسافات قريبة جدًا مما سبب تلوثًا ازداد تدريجيًا وبشكل متسارع نتج عنه كارثة بيئية، وبات يمثل خطرًا على حياة المصطافين والمستجمين على البحر، وعليه تم الاعلان رسميًا عبر وسائل الإعلام المختلفة ان بحر غزة منطقة منكوبة، منطقة ترتفع فيها نسبة التلوث البيئي الى أعلى معدلاتها. ولم يعد البحر مكانًا للتنفس والاستجمام وقضاء أوقات نستمتع بها وأصدقاءنا وأهلينا بالسباحة أو الجلوس بالقرب من الشاطئ، ومتابعة مغيب الشمس في لوحة طبيعية اعتدنا أن نراها ونراقبها.
يعتبر شاطئ البحر الممتد على مسافة 45 كلم من بيت لاهيا شمالاً وحتى رفح جنوبًا المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة الضيق نسبيًا، وجاء إعلانه منطقة كارثة بيئية بعدما توقفت مضخات الصرف الصحي عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي الدائم والمستمر الناتج عن عدم دخول السولار الصناعي اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية بكميات كافية وتقنيين مشتقات البترول من بنزين وسولار للمركبات والمولدات الكهربائية التي تحتاج الى مئات اللترات من البنزين لتشغيلها، وهنا الحديث عن المولدات التي تشغل مضخات الصرف الصحي ومضخات الضخ التي باتت متوقفة ولا تعمل بطاقتها الطبيعية مما نتج عنها الكارثة البيئية والصحية التي يتعرض لها بحر غزة، حيث يتم ضخ مياه الصرف الصحي في البحر مباشرة بكميات كبيرة وتحتوى نفايات صلبة في عدة نقاط للتصريف ويتم ذلك بشكل مباشر وعلى مسافة قريبة جدًا من شاطئ البحر لا تتعدى عشرات الأمتار، مما خلق حالة بيئية كارثية تمثل خطرا على المستجمين وعلى الثروة السمكية».
ويواصل الكاتب «.. ويبقى بحر غزة شاهدًا على حصار احتلالي تعسفي جائر يعاني كما تعاني المدينة الصامدة التي يحتضنها ويداعب رمالها، ويوجه صرخة تتقاذفها أمواجه المتلاحقة للساسة والمؤسسات والجمعيات والأحزاب حول العالم لرفع الحصار الجائر عن غزة والاهتمام بأحد ملامحها الطبيعية كأجمل شواطئ العالم وأنقاها، وألا يتركوا للتلوث البيئي يميت بحر غزة».

انتهى الخبر،،
وإن كان لدينا تعليق، فإنه سيكون سؤال موجه الى منظمة السلام الأخضر التي ملأت الأرض صراخًا على بعض الأمور وتغض الطرف عن كل ما تسببه إسرائيل من مآسٍ بيئية حول العالم، شأنها في ذلك شأن كل المنظمات - الإنسانية - العالمية، أيها السادة في منظمة السلام الأخضر ألا ترون أن هذه جريمة بيئية تستحق منكم بعض الجهد حتى تقفوا فيها ولو لحظات مع غزة وتخلعوا ولو مرة ثياب الأنانية وتنظروا للأمور بعينين بدلاً من عين واحدة ؟

بحر غزة.. يموت !!

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج:٢٢ يوليو ٢٠١٤

بقلم الدكتور زكريا خنجي

ونحن نطالع وسائل الإعلام المختلفة ونتابع أحداث الإجرام الإسرائيلي على غزة والدمار الذي تمارسه تلك العصابة الصهيونية البغيضة بأنباء شعبنا في غزة من غير أن تتحرك جمعيات حقوق الإنسان، نفاجأ بخبر يكاد يختفي تحت ركام تلك الصواريخ والدماء التي تنزف، هذا الخبر الصغير بعنوان «بحر غزة.. يموت» بقلم الكاتب محمود سلامة سعد الريفي. وسنحاول أن نقتبس الجزء الذي يهمنا من ذلك الخبر.
يقول الخبر «وكان نتيجة طبيعية لذلك مزيدًا من الاشكاليات في القطاعات الحيوية والانتاجية والخدماتية، وخاصة مع توقف مضخات الصرف الصحي عن العمل بطاقتها القصوى، وبالتالي بات يقذف بمياه الصرف الصحي للبحر مباشرة على مسافات قريبة جدًا مما سبب تلوثًا ازداد تدريجيًا وبشكل متسارع نتج عنه كارثة بيئية، وبات يمثل خطرًا على حياة المصطافين والمستجمين على البحر، وعليه تم الاعلان رسميًا عبر وسائل الإعلام المختلفة ان بحر غزة منطقة منكوبة، منطقة ترتفع فيها نسبة التلوث البيئي الى أعلى معدلاتها. ولم يعد البحر مكانًا للتنفس والاستجمام وقضاء أوقات نستمتع بها وأصدقاءنا وأهلينا بالسباحة أو الجلوس بالقرب من الشاطئ، ومتابعة مغيب الشمس في لوحة طبيعية اعتدنا أن نراها ونراقبها.
يعتبر شاطئ البحر الممتد على مسافة 45 كلم من بيت لاهيا شمالاً وحتى رفح جنوبًا المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة الضيق نسبيًا، وجاء إعلانه منطقة كارثة بيئية بعدما توقفت مضخات الصرف الصحي عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي الدائم والمستمر الناتج عن عدم دخول السولار الصناعي اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية بكميات كافية وتقنيين مشتقات البترول من بنزين وسولار للمركبات والمولدات الكهربائية التي تحتاج الى مئات اللترات من البنزين لتشغيلها، وهنا الحديث عن المولدات التي تشغل مضخات الصرف الصحي ومضخات الضخ التي باتت متوقفة ولا تعمل بطاقتها الطبيعية مما نتج عنها الكارثة البيئية والصحية التي يتعرض لها بحر غزة، حيث يتم ضخ مياه الصرف الصحي في البحر مباشرة بكميات كبيرة وتحتوى نفايات صلبة في عدة نقاط للتصريف ويتم ذلك بشكل مباشر وعلى مسافة قريبة جدًا من شاطئ البحر لا تتعدى عشرات الأمتار، مما خلق حالة بيئية كارثية تمثل خطرا على المستجمين وعلى الثروة السمكية».
ويواصل الكاتب «.. ويبقى بحر غزة شاهدًا على حصار احتلالي تعسفي جائر يعاني كما تعاني المدينة الصامدة التي يحتضنها ويداعب رمالها، ويوجه صرخة تتقاذفها أمواجه المتلاحقة للساسة والمؤسسات والجمعيات والأحزاب حول العالم لرفع الحصار الجائر عن غزة والاهتمام بأحد ملامحها الطبيعية كأجمل شواطئ العالم وأنقاها، وألا يتركوا للتلوث البيئي يميت بحر غزة».

انتهى الخبر،،
وإن كان لدينا تعليق، فإنه سيكون سؤال موجه الى منظمة السلام الأخضر التي ملأت الأرض صراخًا على بعض الأمور وتغض الطرف عن كل ما تسببه إسرائيل من مآسٍ بيئية حول العالم، شأنها في ذلك شأن كل المنظمات - الإنسانية - العالمية، أيها السادة في منظمة السلام الأخضر ألا ترون أن هذه جريمة بيئية تستحق منكم بعض الجهد حتى تقفوا فيها ولو لحظات مع غزة وتخلعوا ولو مرة ثياب الأنانية وتنظروا للأمور بعينين بدلاً من عين واحدة ؟

الأحد، 20 يوليو 2014

إدارة فريق العمل.. السهل الممتنع

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢٠ يوليو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

إن المشاهد لفرق العمل وهي تجتمع وتعمل وربما تنجح وتتقدم وتقدم للمؤسسة أو المجتمع الكثير من الإنجازات يعتقد أنه من السهولة جدًا إدارة مثل هذه الفرق ومن السهولة أيضًا التعامل معها ومع أفرادها أيًا كانوا، ولكن هذا الإنسان – في الحقيقة – لا يشاهد إلا الجزء الظاهر من مسرحية أو فيلم، الجزء المسموح له بالمشاهدة، ولكن خلف هذا الجزء وفي الكواليس تحدث الأمور التي لا يستطيع إدراك كنهها وأبعادها ومعاناتها، فإن كان هذا الشخص منصفًا فإنه بعد أن يعرف يسكت ولا يجادل، ولكن إن كان غير ذلك فإنه سيسخر ويجادل ويستهزئ وينكر كل الإنجازات التي تمت ويستصغرها ويستهين بها وكأنها هباء منثور، ليس ذلك فحسب وإنما ربما يعلن على الملأ أن هذه الفرق لم ولن تستطيع أن تقدم ما هو المنوط بها، وهذا يحدث.
وعلى أرض الواقع فإن إدارة فرق العمل تعد من النوع الذي يعرف بالسهل الممتنع، السهل الذي يمكن مشاهدته من بعيد فنعتقد أنه سهل ولكنه في الحقيقة يصعب على أي شخص الولوج فيه، فقد فشل الكثير من المديرين في إدارة فرق العمل، والسبب هو أن فرق العمل لا تحتاج إلى مدير مُنظر فحسب وإنما تحتاج إلى قائد، وللأسف فإن القيادة – كما يقال – تعد من أكثر الظواهر على الأرض وضوحًا، ولكنها أقلها إدراكًا، وباختصار فإن القيادة تعرف بأنها «فن التأثير في الأشخاص، وتوجيههم بطريقة صحيحة، يتسنى معها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم، في سبيل تحقيق هدف مشترك».
وحتى لا نطيل في هذا الموضوع كثيرًا فإننا نستطيع أن نفهم الفرق المهم بين القيادة والإدارة، إذا ما تخيلت مجموعة من المنتجين – الأفراد – يشقون طريقهم عبر الغابة باستخدام المناجل، وهؤلاء هم المنتجون، إنهم يحلون المشاكل، إنهم يزيلون العواقب التي تعترض طريقهم.
والمديرون يقفون خلف هؤلاء المنتجين يشحذون المناجل، ويضعون السياسات ويجهزون الأدوات ويضعون برامج التنمية، ويعدون التقنيات المتطورة ويضعون جداول العمل وبرامج التعويضات الناجمة عن استخدام المنجل.
والقائد هو الشخص – الوحيد – الذي يتسلق أعلى شجرة ويقوم بعمل مسح شامل للموقف، ويصيح «إننا نسير في الغابة الخطأ».
ولكن ما جواب المديرين والمنتجين المنشغلين والفعليين: «اصمت! إننا نحرز تقدمًا!».
ونحن كأفراد وجماعات وشركات غالبًا ما ننشغل بقطع الشجيرات والحشائش من دون أن نفطن إلى أننا نسير في الغابة الخطأ، وهذا هو دور القائد في فريق العمل.
وعلى مستوى آخر فإن على قائد الفريق أن يدرك أن أعضاء فريق ليسوا قادة أو تابعين، وعليه أن يتقبل هذا الأمر، وإذا كان بعضهم يجيد الحساب ولا يستطيع آخرون القيام بذلك، فعليه تقبل هذا الأمر، وإذا كان بعضهم يجيد العمل من دون رقابة أو متابعة، بينما لا يقوم آخرون بذلك، عليه تقبل هذا أيضًا. ولكي يكون قادرًا على تقبل هذه الأمور، فعليه أن يتعرف على الفريق جيدًا، ومعنى ذلك أن يتعرف على نقاط قوتهم ومواطن ضعفهم، ومميزاتهم وعيوبهم، وإذا لم تستطع ذلك فسيقضي حياته في تحفيز أشخاص غير مؤهلين للعمل الذي يقومون به.
ومع كل تلك المتناقضات الموجودة في أعضاء الفريق عليك – كرئيس للفريق – أن تتحمل العواقب حينما يخطئ فريق العمل، فهذا خطأك أنت، وإذا أحسن الفريق، فالفائدة تعم الجميع، فعلى القائد الكفء أن يتحمل العواقب، واعلم أنه من السهل أن تستخدم فريقك كمبرر للإخفاق، ولكن ذلك لن يكون مقبولاً، فأنت القائد والمدير وصاحب العمل، فإن ساءت الأمور فعليك الصمود وتحمل المسؤولية.
ليس ذلك فحسب، وإنما يجب أن يتحمل قائد الفريق العبء الأكبر في العمل، فهو يتحمل عبء نقل المعلومات والمعرفة والمهارات لبقية أعضاء الفريق وتفسير السياسات وأوامر العمل، ويشرح لهم كيفية إدارة العمل بفعالية ويقوّم النتائج، ويتولى بناء خطوط الاتصال بين الإدارات ويشجع الأعضاء على أداء العمل بطرق ابتكارية وتقبل المخاطرة، ويكون من الناحية السلوكية مثلاً يحتذى به، ويقوم بمكافأة السلوك الفعال، كما عليه أن يقوم بتأييد أهداف الفريق داخليًا وخارجيًا ونقل إنجازات الفريق إلى الإدارة ولعب دور الوسيط عند نشوب صراعات.
لذلك على رئيس فريق العمل أن يكون ملمًا بالعديد من الأمور التالية: إدارة الاجتماعات – التفكير باستخدام العصف الذهني – تحديد الأهداف – كتابة التقارير – إدارة الصراع والأزمات – التعامل مع الأفراد صعبي المراس وما إلى ذلك.
وهذا ما يقع على رئيس الفريق، فهل إدارة فرق العمل عملية سهلة؟
وقبل طرح موضوع فرق العمل جانبًا فإنه يجب أن نشير إلى موضوعين نعتقد بأهميتهما، أولاً: التحفيز والعقاب، وثانيًا: ماذا يمكن أن يحدث إن نشب خلاف بين أفراد فريق العمل؟
أما بالنسبة إلى التشجيع والتحفيز فهي عبارة عن مجموعة الدوافع التي تدفعنا لعمل شيء ما، ومن الناحية الإدارية فإننا نعتقد أننا لا نستطيع أن نحفز الآخرين، ولكنك تستطيع فقط أن تؤثر على ما يحفزهم. ولقد حدد مؤلف كتاب (The Motivation to Work) عالم النفس (فريدريك هيرزبيرج) ستة عوامل تحفيزية تؤدي إلى خلق الرضا الوظيفي لدى الموظف عن عمله، ما يعني أن هذه العوامل تتناسب مع احتياجات الأشخاص لإشباع الرغبات الذاتية أو تحقيق الذات، وهي:
أ- يتحفز الموظف عند شعوره بالإنجاز، أي تحقيق نجاحات معينة مثل إتمام عمل معين، وإيجاد حلول للمشكلات، ورؤية نتائج عمله.
ب- يتحفز الموظف عند شعوره بالتميز عن أقرانه، سواء كان التميز ماديًا أو معنويًا أي بمكافآت أو بدون.
ت- يتحفز الموظف عند شعوره بإمكانية النمو، وذلك عن طريق التطوير المهني أو تسهيل التطوير الذاتي.
ث- يتحفز الموظف عند شعوره بالتقدم في العمل، عن طريق زيادة راتبه السنوي أو إعطائه درجة متقدمة في العمل.
ج- يتحفز الموظف عند شعوره بمزيد من المسؤولية، مثل إعطائه منصبا إداريا ذا سلطة نتيجة لمجهوده في العمل.
ح- يتحفز الموظف عند شعوره بأهمية العمل نفسه الذي يعمله، وأنه عمل مهم وبه مراحل مهمة.
وفي عملنا مع فرق العمل إن لم نلاحظ إنجازات الفريق وأفراد الفريق فإن الحقيقة تقول إن الفتور سيصيب أفراد فريق العمل، فهم يتفانون في عملهم لعدة أسباب منها ما يتعلق بالجوانب المالية أو الجوانب المعنوية. فإذا قمت بتشجيع السلوك الإيجابي فسوف تضمن بذلك قيامهم بالعمل والإنجاز مرة أخرى، أما إذا فشلت في الملاحظة، والتعليق، والشكر على العمل، ستكون النتيجة أن الفريق يمتنع عن بذل أفضل ما لديه من جهد، فمن يستطيع أن يلومهم على ذلك؟
ولكن في المقابل، وإن كنا نقول – دائمًا – إن رئيس الفريق يجب أن يتحمل عبء الأخطاء أمام الإدارة وأمام الجميع إلا أنه على الرغم من ذلك، يجب أن يكون معلومًا أن رئيس الفريق لا يتحمل أخطاء الآخرين ويسكت، وإنما عليه – وسواء في اجتماعات الفريق أو بصفة خاصة – أن يوجه المخطئ والمسيء إلى أخطائه، حتى لا يستمر في الخطأ ويتحمل هو عواقب كل تلك الأخطاء، ففي فرق العمل الكل يعمل والكل يحاسب على عمله وعلى أخطائه بطريقة أو بأخرى.
ويبقى سؤالنا الأخير قبل أن نغلق ملف إدارة فرق العمل وهو، ماذا يمكن أن يحدث إن نشب خلاف بين أعضاء فريق العمل؟
نعتقد أنه تكمن أول خطوة في حل النزاعات بين أفراد الفريق الواحد في الاعتراف بوجودها – وأحيانًا بضرورة وجودها – فإن عدم الاعتراف يؤجل الصراع ولا يلغيه، ودور القائد أو المسؤول هنا هو في البحث عن الأسباب الحقيقية للنزاع، هل هي أسباب متعلقة بجوهر المهمة الموكلة، أم أنها ترجع إلى أسباب شخصية ونفسية؟ إن الكثير من النزاعات التي تحدث في المؤسسات وبين أعضاء الفريق لا تتعلق إلا بشكل هامشي بجوهر القضايا أو المهام، بل تتعلق أكثر بانعدام التآلف النفسي وربما أسباب أخرى شخصية.
وفي حال الصراع ينبغي أن يستمع القائد أو المسؤول إلى كل الأطراف، وينبغي على أعضاء الفريق أن يسمحوا لبعضهم البعض بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم، فقد يختلف الناس في تعريف المشكلة، وقد يتفقون في ذلك، ولكن قد تكون لديهم وجهات نظر مختلفة، وربما تتوافق وجهات نظرهم، لكن قد يختلفون في تحديد الحلول المناسبة لتلك المشاكل.
لذلك فمن الضروري عند حل النزاعات، التي تنشأ بين أعضاء فريق العمل، أن يعمل القائد على التوصل إلى حل جماعي، ليس بالضرورة إجماعًا، ولكن بالضرورة يأتي بعد الاستماع لكل وجهات النظر، وتحليلها وإعطائها القدر المناسب من الأهمية. يبقى أن نشير إلى أنه في فرق العمل الشديدة الانسجام، قد يحرص القائد بنفسه على إثارة الصراع عبر استثارة أعضاء فريق العمل بأفكار جريئة – وربما غير ملائمة – ولكنها تبعث الحياة في الأفكار، وتحفز الأعضاء نحو مزيد من الابتكار والتجديد.
الخلاصة: إن العمل مع فرق العمل تحتاج من الأعضاء وخاصة رئيس الفريق إلى روح جديدة، تنظر إلى الأمور بنظرة غير اعتيادية، وخاصة إن كان أعضاء فريق العمل من ذوي الخبرة الفنية الطويلة في مجال العمل المنوط، لذلك فإن إدارتهم تحتاج إلى وعي وثقافة خاصة، وهي بالفعل إدارة السهل الممتنع.

الاثنين، 14 يوليو 2014

إلى الأسواق الكبيرة (السوبرماركت).. تحية إلى أسواق بنده

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٥ يوليو ٢٠١٤

بقلم: الدكتور زكريا خنجي

لفت نظري قبل عدة أسابيع وأنا أتجول في أسواق (بنده) بمدينة الخبر أن الأكياس البلاستيكية التي تعبأ فيها المستلزمات والبضائع والتي يأخذها الزبائن معهم مكتوب عليها بعض العبارات التي لم أعهد أن تكتبها الأسواق الكبيرة «السوبرماركت» إلا فيما ندر، مثل: «بيئتي صديقتي» و«بأيدينا نحافظ على بيئتنا» و«أكياسنا تتحلل 100% حيويًا»، وأخيرًا جملة «أعرف المزيد عن برنامج بندة للمحافظة على البيئة.. وثم هناك اسم الموقع الإلكتروني للشركة».
وبسبب طابع الفضول الذي اتمتع به وخاصة فما يتعلق بالموضوعات البيئية وجدتني أدخل الموقع الإلكتروني لأتعرف على برامج بندة للمحافظة على البيئة، ولكني للأسف لم أتوصل إلى شيء موجود على الموقع، ربما لأني لم أعرف كيف أدخل المدخل الصحيح، ولكن لفت نظري خبر أسعدني بشكل كبير هو أن أسواق بنده تبنت حملة أطلقت عليها اسم «بيئتي صديقتي» منذ مطلع العام الماضي وذلك من أجل تطوير الجهود المبذولة في الشركة للحد من التلوث والحفاظ على الموارد الطبيعية من أجل حماية البيئة وصحة الإنسان في المملكة.
ويقول السيد موفق منصور جمال الرئيس التنفيذي لشركة العزيزية بنده المتحدة في الخبر المنشور أن الشركة سعت إلى ضمان استيفاء الممارسات الداخلية للسيطرة على التلوث البيئي والتقليل من حجم آثارها التشغيلية في النسخة الأولى لحملة «بيئتي .. صديقتي»، في حين تهدف النسخة الثانية إلى نشر الوعي البيئي داخل وخارج المنشأة وتعزيز الممارسات البيئية سعيًا لتقليص التأثيرات السلبية على البيئة إلى حدها الأدنى.
ونحن من خلال هذه الصفحة نبارك لأسواق بنده هذا التوجه ونتمنى تطوير هذا المشروع حتى يصل إلى كل إنسان وكل شرائح المجتمع من خلال نشر الثقافة البيئية في المجتمع، كما نتمنى من جميع الأسواق الكبيرة «السوبرماركت» في البحرين ودول الخليج العربي أن تحذوا حذو أسواق بنده في هذا الموضوع، فهذه مسئولية مشتركة لا تستطيع جهة واحدة أن تتبناها لوحدها، لذلك يجب أن يساهم القطاع الخاصة ولو بجزء يسير في هذا الموضوع، حيث أن هذه مسئوليته المجتمعية التي يجب أن يقدمها للمجتمع الذي يتواجد فيه.
مرة أخرى شكرًا شركة أسواق بنده على هذا المشروع وعلى شخصية «صحصوح»، وكل الذي نتمناه أن نرى مثل هذه المشاريع تسري في مجتمعاتنا وكأنها جزء منه.

المضافات الغذائية - صبغة الكارموزين القرمزية (E122)

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٥ يوليو ٢٠١٤

بقلم: الدكتور زكريا خنجي

صبغة الكارموزين ذات اللون الأحمر القرمزي صبغة صناعية تتبع صباغات (azo)، وتصنف حسب أنظمة الاتحاد الأوروبي بالرقم (E 122)، ولها عدة أسماء ولكن من أشهرها (Azorubine)، وتستخدم عادة للأغذية التي يتم معاملتها بالحرارة بعد التخمير.
كما ويتم استخدامها في العديد من الأطعمة مثل: بعض أنواع المهلبية وخاصة ذات اللون الأحمر، والمربات، وبعض أنواع المعلبات، والجلي (الهلام)، شراب الورد وما يعرف بخليط الجيس كيك (cheesecake) وبعض المشروبات الغازية الحمراء.
وتشير بعض الدراسات أن صبغة الكارموزين لا تعتبر من المواد الخطيرة، اتضح ذلك من نتائج دراسات السمية التي أجريت على الفئران والخنازير، كما لم يتبين أنها تعبر المشيمة إلى أجنة الفئران، ولكن وجد أنها تزيل صبغة بكتيريا حمض اللاكتيك (حمض اللبن)، إلا أنها لم تسبب تحورات في معظم البكتيريا أو الخمائر، كما بينت تلك الدراسات أن الصبغة تتحلل في الأمعاء ويتم التخلص منها مع البراز.
وتعد صبغة الكارموزين من الصبغات المحظورة في أغذية الأطفال مفرطي النشاط، كما تشير بعض الدراسات الحديثة إلى علاقة صبغات (الأزو) بسرطان المثانة، إلا أن هذه الدراسات لم تتمكن من التأكيد على أن هذه الصبغة (E 122) تعد من الصبغات مسرطنة.
وتحظر كل من الولايات المتحدة وكندا واليابان والنرويج والسويد وجود صبغة الكارموزين في الأغذية وخاصة الأطفال مفرطي النشاط، وتجري منذ عام 2007 العديد من المحاولات في المملكة المتحدة لحظر إضافة هذه الصبغة في المواد الغذائية وإزالتها طوعًا من منتجاتها.

summer2010_4S6Ycy

كائنات فطرية - القرد ذو الخرطوم

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج:١٥ يوليو ٢٠١٤

هو قرد ضخم من عائلة (Ceropihecidae) يعيش على أوراق الأشجار، وموطنه الأصلي جزر بورنيو في جنوب شرقي آسيا، ويكتسب اسمه من خرطومه، ويزن الذكر حوالي 24 كجم. ويتراوح طول هذه القرود بين 50 و75 سم بخلاف طول الذيل الذي يبلغ حوالي 75 سنتمتر.
والانثى أصغر وأكثر بياضًا، وهو نهاري النشاط يقتات بالنباتات ويحيا ضمن قطعان يبلغ عددها 20 حيوانًا، للصغار وجه مزرق والأنثى تلد صغيرًا واحدًا في أي وقت من السنة وتستمر مرحلة الحمل 166 يومًا.
وللقرد المكتمل النمو شعر أحمر اللون على الرأس والظهر والكتفين والفخذين، وشعر رمادي على الذراعين والساقين. وعندما يولد الصغار يكون لون الفراء فضيًّا، ويتحول إلى الرمادي بعد ثلاثة أشهر. والأسنان الخلفية حادة إلى درجة يسهل بها شق وتمزيق الأوراق. وقد تحورت إبهامه بدرجة تهيئه لاقتطاف أوراق الأشجار والأجزاء النباتية. وتعيش هذه القرود فوق الأشجار وقرب الأنهار، وغذاؤها الرئيسي هو أوراق الأشجار والثمار والأزهار. ومن الجدير بالذكر القرد ذو الخرطوم سباح ماهر، إلا أن التماسيح تقضي على الكثير منه في الأنهار والمجاري المائية، ومع ذلك فإن التهديد الأكبر والمستمر لبيئة القرود، هو إزالة الأشجار للأغراض الزراعية، وهذا يؤدي إلى تناقص كبير في عدد هذه النوعية من القرود.

proboscis-mothers-and-babies

السبت، 12 يوليو 2014

ثقافة العمل بأسلوب فرق العمل

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٣ يوليو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

يروى أنه في أحد مراكز التدريب العسكري طلب القائد من الجنود التسلق والسباق حتى يحصلوا على إجازة نهاية الأسبوع، وقد حدد مسافة للسباق وزمنا لا يجب تجاوزه، وقال لهم بالحرف: «إذا قطعتم جميعًا المسافة المطلوبة فستحصلون على إجازة مدة يومين»، ولم ينتبه الجنود إلى كلام القائد، فتسابقوا وتركوا وراءهم بعض الجنود من المرضى وربما غير القادرين. وفي الزمن المحدد الممنوح لهم وصلت مجموعة إلى خط النهاية فرحين، وبدلاً من أن يمنحهم القائد الإجازة كما وعدهم عنفهم، وأصدر قراره بحبسهم جميعًا وحرمانهم من الإجازات لفترة معينة. وعندما تظلم أحدهم: لماذا؟ لقد فزنا وقطعنا المسافة المطلوبة وفي الزمن المطلوب.
رد القائد بحزم: «وماذا عن زميلكم المريض أو غير القادر؟ ألم تفكروا فيه؟ لماذا تركتموه خلف ظهرك؟ ألا تعتقدون أن العدو يمكنه أن يتمكن منه فيفقد الفريق زميلاً أو عدد من الزملاء؟».
الشاهد من القصة أن روح المنافسة والتفكير في الذات عند بعض الجنود أو بعض من أعضاء الفريق قد تغلبت على روح التعاون والفريق، وللأسف هنا وفي هذه اللحظة يتفكك الفريق، عندها لا عمل ينجز ولا أهداف تتحقق.
وإن كنا لا ننكر أن التنافس والتفكير في الذات سلوك إنساني ولا بد منه، إلا أن روح الأنا يجب أن تضمحل أو على الأقل تقنن عند العمل مع فريق العمل، حيث يجب أن تتمثل لنا أهداف فرق العمل العليا، فالتعاون في فريق العمل يجب أن تعد عملية تكاملية الأدوار، حيث يرى المتعاون في الآخرين أناسًا مختلفين عنه في المقومات والقدرات لذلك فإنه يجب أن يسعى لتوظيف مقوماتهم وقدراتهم لتحقيق أهداف مشتركة بالتكامل فيما بين قدراته وقدراتهم.
إن العمل بروح الفريق الواحد يتطلب قدرًا عاليًا من مهارات فهم مشاعر الآخرين وتنمية الاحترام المتبادل بين الأفراد وكذلك فن التعامل معهم، فهو يتطلب الانفتاح والأمانة والاتصال المباشر والقدرة على حل الصراعات، والتغلب على الكراهية وتقنين العمل الذاتي الفردي ليذوب مع الأفراد، من أجل تحقيق هدف سامٍ، وهذا لا يعني أبدًا قتل التفرد والطموح وإبراز النفس والتفكير في الذات، إلا أن كل هذه السلوكيات الفردية تحتاج إلى التحكم فيها وتوجيهها الاتجاه الجماعي، وفي نفس الوقت لا يمنع أبدًا إبراز الفردية وصقلها بين الحين والآخر تحت المظلة الجماعية فإن ذلك يعزز العمل بروح الفريق الواحد.
إلا أن ما يحدث على أرض الحقيقة ربما يكون عكس ذلك، فالأفراد – أيًا كانوا – أثناء تحولهم إلى فرق عمل يعانون من الخوف والسيطرة، وإن كانت هذه المشكلات لا نراها على السطح إلا عندما تبرز أعراضها، وتتضح من خلال قلة المشاركة وحجب المعلومات واحتكار المناقشات وتفشي السلبية وكثرة الشكوى. وإذا تعمقنا في تلك المشكلات أكثر فإننا سنجد صراعًا محتدمًا بين الأفراد وبين متطلبات الثقافة الجديدة التي تترتب على تشكيل الفريق.
ولقد أشارت معظم الدراسات التي درست ظاهرة التحول من العمل الفردي والانخراط في عمل الفرق إلى أن الفرق تواجه في فترة التحول مشكلات كثيرة، وتكون السمة الغالبة على الأداء هي الترقب والقلق وكثرة الأخطاء والتجريب الحذر للأفكار الجديدة وتقويم ما يقوم به الآخرون ومقاومة التغيير والتوتر والإحساس بقرب الانهيار. إلا أن معظم تلك الدراسات أكدت أن تلك المشكلات تعتبر أعراضًا صحية ولا يجب الخوف منها، إذ إن جميع الفرق تمر بهذه المرحلة الثقافية المرتقبة.
وإن كنا نؤمن بأن هذه الأمور تعد حقائق علمية مؤكدة إلا أن هذا لا يعطينا مبرر أن يستمر الصراع والخلافات بين الأفراد إلى الأبد أو على أقل تقدير لفترة طويلة، فمن الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى فشل الفريق وجود صراع كامن ومستمر تحت سطح العلاقات القائمة بين أعضائه. وإن كنا لا نؤيد كبت مشاعر أفراد الفريق وإنما نؤيد بصورة تامة أن يعبر أعضاء الفريق عن مشاعرهم بحرية تامة، إلا أننا في المقابل نجد أن على أعضاء الفريق أن يولوا اهتمامًا متوازنًا بين إتمام المهام والعلاقة بين الأفراد والتي تتضمن التعبير عن المشاعر.
ومع ذلك نجد أنه عند احتدام تلك الخلافات والصراعات فإن على رئيس الفريق أن يلعب دورًا حاسمًا في إظهارها ومناقشتها وحلها قبل أن تستفحل ويصعب احتواؤها، وتحتاج أيضًا من الأفراد إلى مشاركة طوعية كاملة وإيمان كبير بالعمل المؤسسي والمكاسب الحقيقية التي يمكن أن نكسبها في حالة حل الخلافات، ويحتاجون كذلك إلى التركيز على المشكلة بدلاً من التركيز على الأفراد، فضلاً عن الالتزام بالقرارات والرغبة في تعديل السلوك.
لذلك نعتقد جازمين أن ثقافة العمل بأسلوب فريق العمل يمكن أن تبدأ ببناء الثقة بين أعضاء الفريق، وتعرف بناء الثقة بأنها «الوجه الإيجابي للخوف»، كما يُعرف أحدهم بناء الثقة في فريق العمل أنه «التأكد من أن الآخرين لن يتميزوا عليّ أبدًا، سواء تمّ هذا بقصد أو بدون قصد، بتعمد أو من دون تعمد، بوعي أو بدون وعي. أي أنني أستطيع أن أضع موقفي في هذه اللحظة، ومركزي وتقديري لذاتي في هذه المجموعة، وحتى حياتي ذاتها في يد من أثق بهم، وهم قائد الفريق وأعضاؤه». لذلك نعتقد أنه يتحدد مستوى ثقتنا – سواء كانت تلقائية أو حذرة موجودة أو غير موجودة – على إدراكنا بوجود توازن بين ما نعطي وما نأخذ، وإن كنا نفكر بصفة مادية بحتة فهي تندرج تحت مبدأ «مكسب/ مكسب»، حيث إنه وكلما زادت أسباب عدم الثقة زاد إحساس كل عضو بالتهديد، وبالتالي بالحاجة إلى السيطرة، ولتقليل هذا التهديد يحاول كل عضو الاستئثار لنفسه بأكبر قدر من مصادر القوة لنفسه.
ولسنا نجافي الحقيقة عندما نقول إن بناء الثقة ليس بالعملية السهلة وإنما هي عملية معقدة، وتحتاج إلى نفوس صافية عالية الهمة، تلك النفوس هي في ذاتها ترغب في بناء تلك الثقة، وتجد أنها بأمس الحاجة إلى تواجد هذه الخصلة الحسنة فيها حتى تتمكن من إنجاز العمل المنوط بها، فلا يمكن لأفراد مهما كانت تربطهم فرق العمل واجتماعات وضحكات وابتسامات وساعات من الجلوس والتحدث معًا من إنجاز أي عمل إن كانت قلوبهم تحمل الحقد والحسد والكراهية على بعضهم البعض، وهذا هو المبدأ الأول في بناء فرق العمل.
أما المبدأ الثاني فإن على أعضاء الفريق – كلهم – المشاركة في وضع الفكرة والأفكار والخطة والمخطط وآلية التنفيذ والتعرف على الأهداف وكل ما يتعلق بالفريق، فلا ينفرد بعض الأعضاء دون الآخرين في ذلك، فالكل سواء على الرغم من الفروق الفردية التي بين الأعضاء، إلا أنه من المهم أن يشترك الجميع في كل ما يتعلق بالفريق، حتى لا يشعر أحد من أعضاء الفريق أنه أقل من بقية الأعضاء وأنه مهمش.
والمبدأ الثالث هو التفكير بصورة جماعية، ولا نعني هنا التسليم والاستسلام والموافقة على كل ما يطرح في الفريق حتى وإن اختلف ذلك مع أفكارنا، وذلك خوفًا على الفريق وتفكيك الفريق، وإن ما نريد أن نقوله إن هناك أساليب كثيرة للتفكير بصورة جماعية مثل العصف الذهني وقبعات التفكير الملونة وما إلى ذلك، حيث إنه يمكننا استخدام هذه التقنيات في التفكير لتوصلنا إلى اتفاقات جماعية خرجت من عقول أعضاء الفريق كلهم، وفي هذه الحالة لا يوجد شخص واحد هو الذي يسيطر على العقول وفكرة تجرجر أفكار الآخرين خلفها.
والمبدأ الرابع والأخير هو أن نقوم بتقسيم أفكارنا إلى ثلاثة أنواع من الأفكار، النوع الأول: ما يتم الاتفاق عليها، النوع الثاني: أفكار تحتاج إلى بعض النقاش والحوار حتى يتم التوافق عليها، والنوع الثالث: الأفكار المختلف عليها.
وبناء على ذلك فإنه يجب العمل – أولاً – على النقاط التي تم التوافق والاتفاق عليها في المرحلة الأولى وهي النوع الأول من الأفكار، أما النوع الثاني من الأفكار فإنه يمكن التوصل إلى خطوط مشتركة وخاصة في النقاط التي لم يتم الاتفاق عليها سابقًا، حيث يمكننا أن نتوصل إلى تداخلات وخطوط مشتركة في نقاط الاختلاف عبر الحوار الهادئ والتفكير بصورة جماعية، فإن وجدنا أننا اتفقنا على بعض النقاط فإنه يمكننا العمل عليها وضمها إلى نقاط التوافق أي إلى النوع الأول، وهكذا حتى نصل إلى توافق تام، وهكذا تبنى الثقة ويتم التخلي عن التحكم والسيطرة الفردية، أما النوع الثالث من الأفكار فلا نتخلى عنها ولكن لنرجئها إلى وقت لاحق.
الخلاصة: إن قرار العمل بروح فريق العمل ليس قرارًا إداريًا فحسب، وإنما هو بالإضافة إلى ذلك إحساس ومشاعر ورغبة في التوافق ورغبة في العمل بهذه النوعية وبهذا الأسلوب من العمل، وكذلك إدراك من أن العمل بروح فرق العمل يمكن أن توصلنا إلى أن اللامركزية في إدارة أعمال فرق العمل هو جوهر نجاحها، فالرأي السديد ليس حكرًا على أحد، فالكل يتحاور مع الكل حتى يصلوا إلى رأي واحد يغلب مصلحة الفريق، عندئذ تتغلب روح وثقافة العمل بروح الفريق بدلاً من الفردية وحب الذات والأنانية.

الجمعة، 11 يوليو 2014

الكراجات قضية ليست ذات حدود

 

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 1 فبراير 1994

بقلم الدكتور زكريا خنجي

على الرغم من أن قانون الصحة العامة رقم (3) لسنة 1975 لم ينص صراحة إلى موضوع الكراجات والمخالفات التي تقوم بها هذه الورش، إلا أن القانون يشير بطرف خفي إلى بعض المخالفات التي تنتج عن مثل هذه المنشآت والكيفية الصحيحة في التعامل معها، فمثلاً:

تنص المادة (4) "المخالفات الصحية" بند (ب) نقطة (1) على أن الغرامة تقع على : "كل عقار يكون أو من المرجح أن يكون في حالة ضارة بصحة ساكنيه أو بصحة أي أشخاص آخرين ضمن العقار أو بالقرب منه" وهذا البند وإن كان بعيدًا نوعًا ما عن موضوع الكراجات إلا أن هذه الورش يمكن اعتبارها عقار يضر بصحة الأشخاص الذين يسكنون بالقرب من هذه المنشآت.

كما أن الفصل العاشر من نفس القانون المذكور أعلاه ينص في مادته (75) "على السلطة المنفذة أن تراعي الاشتراطات التالية عند منح الشهادة المشار إليها في المادة السابقة، وغنى عن الذكر أننا لا نريد أن نتحدث عن هذه الشهادة الآن.

أ‌- عدم وجود ما من شأنه أن يسبب ضررًا على الصحة العامة.

ب‌- عدم وجود ما يسبب مضايقات أو اقلاقًا لراحة سكان الحي.

والآن وبنظرة سريعة على ما تقوم به الكراجات وخاصة تلك التي تمارس نشاطها التجاري في الأحياء السكنية، ترى ما المضايقات التي تقوم بها ؟ أو يمكن أن نصيغ السؤال بطريقة أخرى، ما المضايقات التي لم تقم بها هذه المنشآت التجارية حتى الآن ؟

أعتقد – وحسب ما تصلنا من شكاوي – أنها لم تترك جانبًا من هذه المضايقات وإلا قامت بها، ضاربًا بالقانون عرض الحائط، متحديًا كل من تسول له نفسه بالتحدث وإبداء الرأي، وحتى نكون واضحين أكثر فإننا سنقوم بتلخيص بعض من هذه المخالفات:

1- كثيرة من هذه الورش لا تتسع لإدخال السيارات فيها للقيام بإصلاحها، لذلك يضطر أصحاب الورشة بترك هذه السيارات المتزايدة بالخارج فترة من الزمن حتى يحين دورها، وخلال هذه المساحة الزمنية بين ترك السيارة والقيام بالعمل بها يمكن أن تسبب أعدادها في ازعاج المارة وقاطنين الحي وهذا ما يحدث في حالات عادية، فيا ترى ماذا يمكن أن يحدث إذا تزايدت عدد السيارات أكثر من نطاق الحي وهذا ما يحدث عادة ؟

2- في بعض الأحوال وخاصة عند تزايد أعداد السيارات، حيث لا يتسع المجال للعمل داخل نطاق مبنى الورشة نفسها يقوم أصحاب الكراجات بإصلاح السيارات في الهواء الطلق، والهواء الطلق هنا نقصد به الحي الذي يعيش فيه البشر الذي نص القانون على عدم اقلال راحتهم وازعاجهم، ونعتقد أن العمل في الهواء الطلق يسبب العديد من المخالفات، منها ازعاج المارة وذلك بتضيق مساحة الشارع وهذا يسبب ارباكًا لحركة المرور، وفي كثير من الأحوال تزعج هذه الأعداد المتزايدة من السيارات والواقفة تنتظر دورها في الفك والربط سكان الحي حيث تقف في الممرات والشوارع الضيقة غير النافذة التي تستخدم عادة للمارة وسكان المنطقة نفسها، والتي يستخدمها السكان وفي بعض الأحيان لأغراض خاصة كأنزال الأطفال وبعض المستلزمات المنزلية وما شابه ذلك، هذا بالإضافة للضوضاء وبعض المشاكل الأخرى.

3- بعض الكراجات وحتى تقدم خدمة أفضل للزبون فإنها بعد أن تنتهي من إصلاح السيارة تنفث على أجهزة السيارة الداخلية بعض من الكيروسين وذلك لتنظيفها. فيا ترى ألا يعتبر نفث أحد مشتقات البترول في الهواء الجوي تلوثًا للبيئة ؟ ألا يمكن اعتبار ذلك ضررًا على الصحة العامة ؟

ومخالفات كثيرة وأسئلة أكثر، ولكننا لا نريد أن نطيل، فهذا هو القانون وهذه هي بعض المخالفات التي نعتقد جازمين أن الجهات الرسمية تعرف منها الكثير وأكثر مما نعرفها نحن، ولكن سؤالنا الذي نود أن نطرحه للجهات المسئولة في ختام حديثنا: أين هو النقص، في التوعية أم في تطبيق القانون أم عند أصحاب الكراجات أنفسهم ؟

عمومًا وحتى نلتزم بالأمانة العلمية فإن هذه بعض من الصور التي التقطها مصور الجريدة احمد العجيمي، والتي وضعناها تحت زاوية "بقعة ضوء بالصور" والتي نرجو ان توضح بعضًا مما يحدث في هذه المنشآت.

الغذاء الملوث بالإشعاع ما هو .. وما أضراره ؟

 

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 27 يوليو 1993

بقلم الدكتور زكريا خنجي

نشرت "اخبار الخليج" في عددها الصادر يوم الأربعاء الموافق 21 / 7 /1993 خبرًا يفيد أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد صادرت شحنة كبيرة من الحليب المجفف المعبأة بسبب تلوثه بالإشعاع، فمنعتها من دخول البلاد. وأن السلطات هناك اكتشفت أن الحليب الملوث كان آتيا عن طريق هولندا وباسمها، إلا أنه أساسًا من إنتاج ليتوانيا – إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي المنهارة – ثم تبين لها أيضًا أن الإشعاع الذي لوث الحليب قد يكون مصدره التسربات التي حدثت من مفاعل "تشرنوبل" عام 1986.

وينتهي الخبر في حدود هذا المعنى، ونحن هنا لا نريد أن نؤكد الخبر أو ننفيه، فليست لدينا حتى الآن الأدلة لذلك، وإنما ما نستطيع – بما لدينا من قرائن – أن نتحدث فيه هو موضوع الأغذية الملوثة بالإشعاع، ومخاطر هذه الأشعة، وكيف تحدث ؟ من الناحية العلمية البحتة.

ما الإشعاع ؟ ومن اين يأتي ؟

ببساطة يمكن أن يقال أن الاشعاع ما هو إلا جسيمات تنطلق من ذرات العناصر الكيميائية غير المستقرة – والتي عادة تعرف باسم (النظائر المشعة) – في أثناء تحولها من عنصر ثقيل إلى آخر أخف، ولتوضيح ذلك نستدل بهذا المثال: تتفكك نواة عنصر اليورانيوم – 238 الثقيل إلى نواة عنصر الثوريوم – 234 الأخف، أثناء هذا التفكك ينطلق إشعاع أو ما يعرف بجسيم الفا .. وهكذا من عنصر إلى آخر مع انطلاق أشعة الفا تارة واشعة بيتا تارة أخرى حتى يستقر العنصر نهائيًا عندما يتحول إلى مادة الرصاص – 206.

وهذا ما يحدث عادة في الطبيعة، التي يستغرق تحولات العنصر فيها عشرات وربما مئات السنين. أما في المفاعلات النووية، فإنهم يستحثون المادة باستفزاز خارجي حتى تتفكك خلال سويعات قليلة فتطلق الأشعة المرغوبة التي يستفاد منها في توليد الطاقة أو في أغراض أخرى.

وغني عن الذكر أن الجسيمات المنطلقة من هذه العناصر تعرف بالجسيمات النووية أو الإشعاعات الذرية، وهي ذات أنواع كثيرة مثل أشعة الفا – أشعة بيتا – أشعة جاما – النيوترونات - الأشعة تحت الحمراء – الأشعة فوق البنفسجية – أشعة الميكروويف – الأشعة السينية (اكس) وغيرها.

غذاؤنا والإشعاع

يتعرض غذاء الانسان للإشعاع نتيجة لانطلاق كميات غير محسوبة من المواد المشعة التي تتراوح ما بين كميات ضئيلة جدًا وكميات كبيرة للغاية من عدة مصادر، منها المفاعلات النووية سواء عن طريق مخلفاتها أو عن طريق التسربات التي تحدث فيها كما حدث في مفاعل جزيرة الثلاث أميال عام 1979 بولاية بنسلفينيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وكارثة تشرنوبل التي وقعت في الاتحاد السوفياتي عام 1986 التي اعتبرت اسوأ كارثة للمفاعلات النووية عرفها العالم حتى الآن.

كما تتلوث الأغذية أيضًا بسبب التفجيرات النووية وما يصاحب ذلك من سحابة من الغبار الذري الذى يظل معلقًا في الهواء لحين تساقطه حسب حجم وثقل جزيئاته، وهذا الغبار المتساقط يعتبر من أهم مصادر التلوث الإشعاعي.

ماذا يحدث للغذاء حين تعرضه للإشعاع ؟

عند تعرض الاغذية للإشعاع أيًا كان ومن أي مصدر فإن بعض مكونات الخلية تتأين، خاصة جزيئات الماء الذي يمثل الجزء الأكبر من الخلية الحية، ويؤدي هذا التأين في الماء ومكونات الخلية الحية الأخرى إلى حدوث تغييرات كيميائية تؤدي بدورها إلى إحداث تغيير في تركيب ووظيفة الخلية، فيضعف هذا التأين من تماسك الروابط الكيميائية التي بين الخلايا والأنسجة، مما يسبب – مثلاً – زيادة في نزف اللحوم، وضعفًا عامًا في الخضراوات والفواكه، فتصبح أكثر عرضة للهجوم والفساد الناتج من الكائنات الدقيقة. كذلك فإن بعض التغييرات الكيميائية قد تتسبب في انبعاث بعض الروائح الكريهة وافراز النكهة غير المرغوبة.

كما إنه بالإضافة إلى هذه الآثار الذاتية التي تظهر على الغذاء نفسه، فإن تعرض الكائنات الحية المستخدمة كغذاء – كالأبقار والأسماك وما شابه ذلك – للتلوث الإشعاعي قد ينتج عنه تلف في أعضاءها التناسلية، فتظهر أعراض الضعف أو الاستعداد للتلف والفساد في ذريتها، وهذا ما يعرف بالآثار الوراثية.

مخاطر الإشعاع على الإنسان

يتميز ترسيب الإشعاع في الجسم بأنه ذو صفة تراكمية، بمعنى آخر أن تركيزها يتزايد كلما انتقلت من مادة غذائية إلى أخرى عبر السلسلة الغذائية حتى تصل للإنسان، فتترسب بعض من هذه الملوثات في عظامه وفي أنسجته وخلاياه، فتسبب له في الكثير من الأحيان الأورام الخبيثة (السرطان) في أماكن متنوعة من جسمه. ولسوء الحظ فإن الجسم البشري لا يملك الوسيلة المناسبة للتحذير من مغبة التعرض لهذه الملوثات، فالحواس مهما كانت مرهفة فإنها لا تستطيع أن تدرك الإشعاع.

مختبرات الجودة والنوعية

تحدثنا في هذا الموضوع كثيرًا، فقلنا مرارًا وتكرارًا، ومازلنا نقول بأننا بحاجة ماسة لمختبرات لإجراء اختبارات الجودة والنوعية على جميع المواد التي تدخل البلاد بغير استثناء، فهل يلقى كلامنا هذا القبول ؟

الاثنين، 7 يوليو 2014

كائنات فطرية - فأر الخلد العاري

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٨ يوليو ٢٠١٤

بقلم الدكتور زكريا خنجي

يعد فأر الخلد العاري من الحيوانات الثديية التي تعيش في صحارى شرق إفريقيا، خاصة في جنوب إثيوبيا وفي كينيا والصومال، ويعيش في مستعمرات كبيرة اجتماعية عليا، وهو بهذا يظهر سلوكا نادرا مقارنة بالثدييات الأخرى.
ولأن هذا الحيوان يعيش في جحور داخل الأرض، فإن الله وهبه بعض الخصائص التشريحية التي تؤهله ليعيش في مثل تلك البيئية، مثل التنفس والشعور بالألم وما إلى ذلك.
فمن المعلوم أن وجود الأوكسجين في الجحور يكاد يكون شبه معدوم، لذلك فإن الرئة تشكلت بصورة صغيرة، وبالتالي غدت قدرة جذب الهيموجلوبين لجزيئات الأكسجين أقوى، بهذا تستطيع فئران الخلد العارية امتصاص الأكسجين في الدم بشكل فعال، على أن تبقي معدلات التنفس والأيض المنخفضة بالقياس إلى حجمها الصغير الذي يستهلك الحد الأدنى من الأكسجين، هذا مع العلم أن لهذه الحيوانات القدرة على خفض هذه المعدلات إلى 25% في فترات الجفاف.
كما أن فئران الخلد العارية لا تشرب الماء، ولكنها تحصل عليه عن طريق الغذاء، بما أن غذاءها ذو محتوى ملوحة عالية، تملك فئران الخلد العارية كلى عالية الكفاءة تعمل على إنتاج بول بدرجة كثافة قصوى إلى 1,5 مول لكل كيلوجرام بول، يعادل 87.5 جرام لكل ليتر.
وفي عام 2013 أعلنت مجلة العلوم، حيوان «فأر الخلد العاري» كحيوان العام (بين الفقاريات)، وذلك بعد أن استطاعت الدراسات العلمية أخيرًا تفسير الظاهرة الغريبة التي تتمثل بعدم إصابة هذا النوع من الحيوانات بالسرطان مهما تعرض للعوامل المؤهلة للإصابة في المخابر، وهو الكشف العلمي الذي يُعول عليه مستقبلاً على أمل القضاء على السرطان بين البشر إلى الأبد.
ولقد وجد أن الخلد العاري يتميز بمجموعة من الصفات الغريبة التي أثارت دهشة العلماء، منها أنه على عكس كل القوارض يعمر حوالي ثلاثين عامًا من دون أمراض، كما أنه الحيوان الوحيد بين الثدييات الذي يملك دمًا باردًا، والوحيد الذي يعيش حياة اجتماعية مماثلة للنحل والنمل بحيث تكون الرئاسة لملكة واحدة تختص بالإنجاب، وذلك برفقة ذكر واحد أو ذكرين، في حين تكون الإناث الأخريات عقيمات بشكل مؤقت حتى وفاة الملكة حين تحل إحداهن مكانها، بينما يختص العمال في إحضار الطعام للصغار والدفاع عن المملكة الموجودة في أنفاق تحت الرمال.
وليست هذه الصفات هي ما دفعت «مجلة العلوم» لاختيار هذا الفأر كحيوان العام، ولا حتى شكله، بل لأنه يقدّم درسًا للبشرية للتخلص من السرطان، فقد استعرضت المجلة أهم دراستين حدثتا خلال عام 2013 استطاعتا تفسير سبب مناعة هذا الحيوان من الإصابة بأي نوع من السرطان، تتحدث إحداهما عن امتلاك خلايا هذا الفأر طريقة تستطيع فيها اكتشاف أي خطأ في عملية إنتاج «البروتينات»، بحيث إنها تتخلص من البروتينات الشاذة التي حدث خطأ أثناء إنتاجها في الخلية.
وأما الدراسة الأهم فهي اكتشاف نوع من السكاكر الضخمة جدًا والتي توجد بين خلايا هذا الفأر، بحيث إن هذه السكاكر تجعل هناك مسافة كبيرة بين خلية وأخرى، وتمنعها من الالتحام وتشكيل الورم، وهو الكشف الذي أذهل العلماء خلال الأشهر القليلة الماضية ودعا إلى التفكير بطريقة للاستفادة منه من أجل إيجاد علاج وقائي قد يقضي على السرطان نهائيًا بين البشر.

البرازيل تزرع غاباتهاوفقًا لأهداف كأس العالم

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٨ يوليو ٢٠١٤

بقلم: الدكتور زكريا خنجي

أثارني خبر نشر عبر وكالات الأنباء مع بداية مونديال 2014 تحت عنوان «وفرة أهداف كأس العالم تمثل تحديًا لمشروع تشجير في البرازيل» ويهدف المشروع الذي يتم في ولاية باهيا في شمال شرق البرازيل إلى غرس أشجار مقابل كل هدف يتم إحرازه في استاد «فونتي نوفا» في مدينة سلفادور، ويقول الخبر إن منظمي المشروع لم يكونوا يتوقعون إحراز أهداف كثيرة جدًا، حيث خطط المنظمون لزراعة 1111 شجرة في غابة اتلانتك في جنوب الولاية مقابل كل هدف يحرز،
إلا أنه في أول مباريتين سجلت هولندا خمسة أهداف في مرمى إسبانيا التي أحرزت هدفًا، بينما فازت ألمانيا على البرتغال 4 - 0 بمجموع عشرة أهداف في المباريتين أي ما يعادل 11110 شجرات يجب زراعتها، وهو ما جعل المنظمين يكافحون من أجل الالتزام بهدف المشروع.
ومن الجدير بالذكر أن المشروع يعد جزءا من مبادرة لحكومة الولاية تدعمها شركات منها شركة «فيراسيل» المحلية، ومع تبقي أربع مباريات ستقام في سلفادور يسعى المنظمون للحصول على تمويل خاص لزراعة المزيد من الأشجار.
انتهى الخبر.
لا نريد التعليق على الخبر أو الثناء على البرازيل لأنها استفادت من موسم كأس العالم، ولكن في الحقيقة الخبر جميل والفكرة رائعة وخاصة أن مساحة غابات البرازيل تقلصت إلى حوالي 8% من حجمها الأصلي، والفكرة في حد ذاتها أسلوب راقٍ وعملي للربط بين الرياضة والبيئة الذي ما زلنا في خليجنا العربي نتنطق باللجان التي أنشئت ولكنها حتى الآن تراوح في مكانها ولم تفعل أي شيء.
ونحن هنا لا نريد أن نعلق على هذه الفكرة في حد ذاتها، ولكننا نطلب بل ونطالب من الاتحادات الرياضية بدول مجلس التعاون وخاصة اللجنة المسؤولة عن دورة كأس الخليج ودورة كأس أندية دول المجلس بأن تعمم مثل هذه الفكرة أو بعض الأفكار الأخرى التي تخدم البيئة.
ما الذي يمنع -أيها السادة- من تبني نفس هذه الفكرة في الدولة التي تقام فيها دورة كأس الخليج ؟ لا نريد زراعة 1111 شجرة مقابل كل هدف، وإنما -على الأقل- زراعة 100 شجرة مقابل كل هدف.
أيها الاتحادات الرياضية بدول مجلس التعاون لنجعلها نوعا من المهرجان، لنفكر في أوطاننا ولنستفد من المواسم الرياضية التي يتم صرف آلاف الدنانير عليها، ولا يستفيد منها إلا فئة قليلة، لننشر الوعي البيئي بين هذا الكم الكبير والشريحة الأكبر من الجماهير، ولنقل لهم فقط «حافظوا على بيئتكم فإنها حياتكم».
هل يمكننا يا اتحادات كرة القدم والاتحادات الرياضية بدول المجلس واللجان الأولمبية أن نفكر وأن نناقش مثل هذه الفكرة وأن نخدم أوطاننا ولو مرة واحدة؟
اتمنى أن يسمعني أحد.

السبت، 5 يوليو 2014

هل لفرق العمل من أهمية؟

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٦ يوليو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

بعد أن نشرنا الأسبوع الماضي مقالنا «فرق العمل.. ما هي؟ وكيف تعمل؟» وددت أن أواصل الحديث عن كيفية عمل تلك الفرق المؤسسية وبعض الأمور المتعلقة بتلك الفرق وكيفية تشكيلها والمشاكل التي يمكن أن تواجهها أو تلك التي تحدث داخل الفريق الواحد وبين أفراد الفريق، ولكن في نفس ذلك اليوم هاتفني أحد الإخوة المسئولين متهجمًا ومتجهمًا على المقال زاعمًا أن ما نشر أو بالأحرى ما يقال عن فرق العمل كلام مثالي لا يرقى إلى الواقع بأي حال من الأحوال، وأنه سبق أن عمل مع فرق عمل أو دعا إلى إنشاء فرق عمل وأنشأها بالفعل، إلا أنها لم تتمكن من أداء العمل المنوط بها، وأنه -كما يدعي- يمكنه أن يقوم بأداء عمل بما يوازي فريق عمل كامل، وما فرق العمل إلا مضيعة للوقت والجهد.
ثم انتهى به القول إلى أن العمل ضمن فرق العمل يضيع الجهود الذاتية الفردية، فلا يبرز عمل الإنسان الفرد، إذ يصبح الفرد ترسا في جهاز.
وبعد أن هدأ عنه الغضب، وتحدثنا في بعض الأمور الأخرى، قلت له: بما أننا في موسم كأس العالم (2014) فهل تعتقد أنه لو لعب كل لاعب من الفريق الألماني أو الأرجنتيني من غير أن يتعاون مع زملائه، أنه يمكن أن يحققوا أي نتيجة؟ تصور أن خط الدفاع لا يتعاون مع خط الوسط، وخط الوسط لا يتعاون مع خط الهجوم، هل تعتقد أنه يمكن أحراز أهداف في مرمى الخصم؟ تصور إن كان خط الدفاع لا يتعاون مع الحارس، فهل يمكن صد الكرة عن المرمى؟ أجاب بالنفي.
ثم واصلت، وقلت: هب أنك أخذت بعض عمال البناء من هنا وهناك، ومن غير أن يكون هناك انسجام بينهم، وأخذتهم إلى أرض فلاة، وقلت لهم هذه أرضي أريد منكم أن تقيموا عليها منزل العمر، فهل تعتقد أنه يمكنهم القيام بذلك ؟ إجاب بالنفي. عندئذ سألته: لماذا؟
قال: لأن المنتخب إن لم يلعب كفريق واحد فإنه حتمًا سينهزم ولا يمكنه أن يحقق أي نتيجة، وكذلك العمال، فمن غير هدف ولا خارطة طريق ولا انسجام بين العمل، فكيف يمكنهم أن يحققوا المطلوب منهم؟
فقلت له: هكذا هو عمل الفريق الواحد، فمهما كنت أنت وقدراتك في العمل، فإن الفريق يكملك، فكل شخص في الفريق له إمكانيات تختلف عن إمكانياتك، وطرق في التعبير تختلف عما تمتلك، فإن فشل فريق عمل في تحقيق نتائج فلا تلم فكرة إنشاء فرق العمل، وإنما حتمًا الخطأ في مكان آخر، ابحث عن السبب وعندها ستكتشف أن فكرة وفلسفة إنشاء فرق العمل بعيدة كل البعد عن أسباب فشلها في مؤسستكم.
عند هذا الحد انتهى حديثي مع الأخ المسئول، ونفسي تراودني للكتابة عن الضرورات اللازمة لإنشاء فرق العمل والعمل معها، ولعلي أستطيع أن ألخص تلك الأسباب في الأمور التالية:

أـ مواجهة الآثار السلبية للتخصص: نحن في عالم التخصص، وربما التخصص الدقيق، ومن المعروف أن المتخصص في مجال معين من العلم يصعب عليه أن يلم ببعض العلوم الأخرى، فالمتخصص في مجال الكمبيوتر لا يعرف أي شيء عن البكتيريا وبالعكس، لذلك فإن العمل ضمن فرق عمل يتيح المجال للتفكير بعقل واحد ولكن بمختلف التخصصات، حيث إنه من المفروض أن تتميز فرق العمل بأفراد من مختلف التخصصات، حتى إذا تمت مناقشة قضية علمية أو فنية أو اجتماعية يستطيع كل صاحب تخصص أن ينظر إلى الأمور من ناحية تخصصه، فلو -مثلاً- أردنا إنشاء فريق عمل لتخطيط وبناء شارع في منطقة جديدة، فيجب أن يتكون هذا الفريق من مهندسين مدنيين وكيميائيين وربما متخصصين في الطقس وما إلى ذلك، وذلك حتى يكمل كل فرد النقص في التخصص الآخر، فالكيميائي يمكن أن يتحدث عن المواد التي يمكن أن تصنع منها الشوارع، واختصاصي الطقس يمكن أن يتحدث عن درجات الحرارة والمطر في تلك المنطقة وما إلى ذلك.

ب ـ محدودية الهياكل الإدارية: إن الهيكلية الإدارية التقليدية العادية والتي تُقَسِّم النشاطات الإدارية إلى أقسام لا تستطيع أن تفي بمختلف الحاجات الموجودة في المؤسسة، ولا تستطيع مواجهة مختلف التحديات التي تواجه المؤسسة من داخلها وخارجها، إن تخصص الوزارات والإدارات والهيئات أمر مطلوب ومتوقع، حتى لا تتضارب الصلاحيات والمسؤوليات، ولكن هناك العديد من التحديات والمشاكل التي لا تنتمي إلى إدارة بمفردها، أو إلى هيئة وحدها بل كثيرًا ما تتقاطع، فعلى سبيل المثال مشكلة مثل مشكلة البطالة لا تعني مؤسسة بعينها دون غيرها، فتتقاطع فيها وزارات وإدارات معينة بالواقع الاقتصادي، والشئون الاجتماعية، والتربية والتعليم، والتنمية الإدارية وغير ذلك، وهذا المثال بالطبع مثال واسع وشامل، غير أن المرء يستطيع ذكر العديد من التحديات، التي هي ربما أقل حجمًا، ولكنها تستدعي جهودًا مشتركة من عدد من الهيئات والإدارات العامة، وحينذاك يصبح دور فرق العمل وما يمكن أن تقدمه لتحليل المشكلة واقتراح الحلول لها أكثر بروزًا، أضف إلى ذلك أن فرق العمل تتميز بالمرونة، ولهذا فهي أكثر استجابة للمتغيرات التي تطرأ في واقع المؤسسة من التشكيلات الإدارية التقليدية التي يغلب عليها الجمود في الكثير من الأحيان.

ت ـ مشاركة العاملين وتمكينهم: لا تقتصر فوائد فرق العمل على المزيد من الفاعلية والكفاءة، بل إن فرق العمل بحد ذاتها هي فرصة لتحفيز العاملين وتمكينهم، وإضفاء جو من الثقة والمشاركة، وهذا بدوره يسهم في رفع مستوى الأداء ويحسن نوعية وجودة الخدمات التي يقوم العاملون بتأديتها، إن الإدارة التي تشكل فريق عمل لهدف معين، هي إنما تقول للموظفين والعاملين في ذلك الفريق: «إننا واثقون من قدرتكم ومهاراتكم، كما أننا واثقون من أمانتكم وحسن رعايتكم للمهمة الموكلة»، وفي هذه الرسالة غير المباشرة الكثير من التشجيع والتحفيز لمعظم العاملين.

ث ـ التعاون وتبادل المعلومات: إن العمل بأسلوب الفريق يحقق التعاون بين أعضاء المجموعة، ويسهم بصورة كبيرة في مساندة الأفراد بعضهم البعض؛ لأنهم يتوحدون في فريق يريدون له النجاح، ما يقلل من المنافسة الفردية، كما يتيح أسلوب إدارة وبناء فرق العمل بفعالية فرص تبادل المعلومات المطلوبة بحرية وبطريقة انسيابية حيث تتدفق المعلومات بسهولة من أسفل إلى أعلى (من الأعضاء إلى الإدارة)، ومن أعلى إلى أسفل (من الإدارة إلى الأعضاء)، لأن الأفراد يدركون عند العمل بفرق فعّالة أهمية تبادل المعلومات المطلوبة والمشاركة بفعالية في تحقيق أهداف الفريق والمنظمة.

جـ ـ سهولة اتخاذ القرار: ومن الفوائد المهمة لفرق العمل أن القرارات يتم اتخاذها في آن واحد، بدلاً من الطرق التقليدية في الإدارة المتمثلة في اتخاذ القرارات بالتتابع، وفي ذلك تأثير كبير على تحقيق السرعة في الإنجاز والاستغلال الأمثل لعنصر الوقت كأحد أهم عناصر العملية الإنتاجية والخدمية، ويولد اتخاذ القرارات بهذه الصفة الشعور العالي بالالتزام بهذه القرارات نظرًا إلى مشاركة الأعضاء في اتخاذها.

وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن الأخذ بمنهجية فرق العمل يترتب عليه العديد من الفوائد الأخرى، منها:
1- خلق بيئة عالية التحفيز، ومناخ مناسب للعمل يقلل من شعور العاملين بالوحدة ويزيد من إحساسهم بالهوية المشتركة.
2- إشعار العاملين بالفخر بأدائهم الجماعي لتقليل حالات الغياب والإهمال والكسل.
3- الحد من الصراعات.
4- الإحساس المشترك بالمسؤولية تجاه المهام المطلوب إنجازها، ما يؤدي إلى التركيز على الأهداف.
5- تشجيع المبادرات، وتقديم الاقتراحات، ما يؤدي إلى تحفيز القدرات الإبداعية والمواهب الذاتية لدى الأفراد.
6- استجابة أسرع للمتغيرات البيئية.
7- تقليل الاعتماد على الوصف الوظيفي.
8- التفويض الفعال من قبل المديرين.
9- توقع المشكلات قبل حدوثها، وتقديم حلول لها.
10- زيادة فعالية الاتصالات بين الأعضاء مما يؤدي إلى تحسين وتنمية مهارات الاتصال لدى الأفراد.

عمومًا، هذه بعض الأسباب والأمور التي تدعونا إلى العمل ضمن فريق عمل حتى لو كان هذا الفريق صغيرًا، فإن كان العمل الفردي مطلوبا في جزء من الوقت، فإن العمل ضمن فرق العمل مطلوب بصورة دائمة، فهي تشكل شخصياتنا وتنمي قدراتنا وتظهر مؤسساتنا بالصورة الذهنية المطلوبة، ومازال للحديث بقية.

الجمعة، 4 يوليو 2014

العزف على أوتار البيئة/1

 

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 16 نوفمبر 1993

بقلم الدكتور زكريا خنجي

خلال الفترة القصيرة الماضية نقلت لنا صحافتنا المحلية مجموعة من الأخبار التي تعزف على أوتار البيئة، بعضها ايجابية تسر البيئيين والبعض الآخر أنغام نشاز تزعج العازفين على الأوتار الناعمة، وبين هذه وتلك تتشكل سمفونية البيئة الهادرة ويزيد الوعي والإحساس بهذا الكائن الحي الذي نعيش فيه والذي يعرف بالبيئة، لذلك فلنعزف مع العازفين ولنستعرض السمفونية الهادرة ولنوضح مع القراء ما هو الغث وما هو السمين من هذه الأنغام.

••••

تحية إلى شركة نفط البحرين (بابكو)

نظمت شركة نفط البحرين في 9 نوفمبر 93 تمرينا لمكافحة الإنسكابات النفطية عند رصيف خفر السواحل على الجانب البحريني من جسر الملك فهد، وقد كان الفريق المشارك في التمرين مكون من حوالي 70 شخصًا خضعوا لتدريبات وتمارين كافية تؤهلهم لمكافحة التلوث النفطي في حال حدوثه.

وهذا اتجاه صحيح، أو عزف ناعم على أوتار البيئة الناعمة فنحن في البحرين وبقية دول الخليج العربية في حاجة لمثل هذا الفريق ولمثل هذه التدريبات التي نتمنى أن تستمر وتتطور، فمياه الخليج مهددة باستمرار بالإنسكابات النفطية سواء الآتية من ناقلات النفط أو بسبب الحوادث والحروب، أو لأسباب أخرى، كما نرجو أن يتزايد عدد أفراد الفريق العامل وأن لا تكون المشاركة في الفريق حكرًا على موظفي وعمال الشركة فقط. ومرة أخرى نشد على أيدي المسئولين وموظفي شركة بابكو.

••••

الدورة الأولمبية الشتوية والتدخين

يقول الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء أن منظمو دورة (ليليهامر) الأولمبية الشتوية والتي ستقام في النرويج في عام 1994 تعهدوا بحظر التدخين في الدورة، بل أقر المتعهدون إلى حد الرغبة في منع المشجعين من التدخين في الملاعب المفتوحة، وذلك بالاتفاق مع منظمة الصحة العالمية من أجل اقامة "دورة أولمبية خالية من التدخين"، وقال (توريل بروتش) أحد مديري اللجنة المنظمة للدورة "إن الرياضيين يضيقون ذرعًا بالدخان المتصاعد من الجمهور، لذلك فلن تباع السجائر في مناطق المنشآت الرياضية وسيمنع التدخين في جميع الألعاب التي تقام على الصالات المغطاة".

ومرة أخرى نقول إن هذا عزف ناعم، ونرجو أن يعمم مثل هذا الحظر في الأماكن العامة – على الأقل – في البحرين، كما نرجو أن تقل أعداد مقاهي الشيشة لا أن تزحف على الحدائق الصغيرة المنتشرة بين الأحياء.

••••

همبرجر على لحم القطط

نشرة الزميلة (الأيام) في 10 نوفمبر 93 خبرًا يقول أنه تم القبض على آسيويًا يدير محلاً لبيع السنبوسة والسندويشات في منطقة الخميس وذلك بسبب استخدامه للحم القطط في تحضير سندويشات الهمبرجر – آسف (كات برجر) – ولم يفتضح أمر هذا الدجال إلا عندما اكتشفت رؤوس القطط وعظامها في قمامة منزله، وقد تبين بعد ذلك أن هذا الآسيوي استخف بعقول المواطنين ومراقبي المطاعم – هذا إن كان الخبر صحيحًا – فكان يقوم باصطياد هذه الحيوانات ثم يذبحها ويسلخها ويفرمها ويعتقد أنه كان يقوم بخلط لحومها مع اللحم المفروم وفي النهاية يصنع منها الكات برجر.

وإن كان هذا الخبر مقززًا وعزفًا نشازًا على أوتار البيئة الناعمة، إلا أنها حقيقة ويمكن أن تحدث في أوقات كثيرة وفي دولة مختلفة، والخبر المذكور في حد ذاته مؤشر خطير نرجو من المسئولين على مثل هذه الأمور الانتباه إليه وعدم ترك الحبل على الغارب، فحياة المواطنين مسئولية خطيرة رضيتم بالتصدي لها فنرجو أن تلتزمو بها.

ومن جانب آخر فإن هذا الخبر يفتح أمامنا الباب على مصراعيه في السؤال التالي: هل يتم فحص اللحوم الآتية من الدول المختلفة من حيث تركيبها الكيميائي، وحتى أكون أكثر دقه في طرح السؤال أقول: هل يتم فحص اللحوم المعدة للاستهلاك الآدمي (الابقار، الاغنام، وما شابه ذلك) من حيث احتوائها أو خلطها بأنواع أخرى من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي (مثل الكنغر، القرود، الخيول وما شابه ذلك) ؟

••••

قرى المحرق وتلوث الهواء

في صفحة بريد القراء في (اخبار الخليج) وبتاريخ 10 نوفمبر 93 وبالتحديد في زاوية فلاش نشرة القارئة فاطمة المناعي خبرًا وسؤال وربما اتهام، يقول الخبر "في الفترة الأخيرة لاحظنا تزايد نسبة الغازات المتصاعدة في الجو من مصنع الحديد والصلب عند الحوض الجاف، إننا نخشى على أنفسنا من هذه الغازات السامة فقد بدأت الأمراض تظهر على أهالي المنطقة، فهل من حل ؟" وانتهى الخبر.

وبالإضافة إلى سؤال القارئة عن الحل، فإننا نسأل عن مدى صحة الخبر يا من تقيسون تلوث الهواء في أرجاء البحرين ؟

الأربعاء، 2 يوليو 2014

البخور يهدد الأطفال بالربو

 

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 10 مايو 2011

بقلم الدكتور زكريا خنجي

كشفت دراسة أجريت مؤخرًا في تايوان أن الأطفال الذين يعيشون في بيوت تعتاد استخدام البخور يكونون أكثر عرضة للإصابة بالربو الشعبي، كما أشارت الدراسة إلى احتمال وجود علاقة لتحول جيني محدد بهذه الحالة.

وسنحاول أن نلخص هذه الدراسة

أشرف على الدراسة الباحث (يونجلينج ليو لي) من الجامعة الوطنية التايوانية في تايبه، وأجريت الدراسة على حوالي 3800 طفل من المدارس المتوسطة، فوجدت الدراسة أن 3% منهم يعانون من الربو، في حين يعاني ما يزيد على 5% من صعوبة التنفس أثناء التمارين الرياضية.

وقالت النتائج التي نشرتها مجلة (يوروبيان ريسبيراتوري جورنال) المختصة بأمراض الجهاز التنفسي أن الأطفال الذين يحرق آباؤهم البخور في المنزل معرضون للإصابة بالربو المزمن بنسبة 36% أكثر من غيرهم في حين تبلغ نسبة من يتعرضون لصعوبة التنفس أثناء التمرينات الرياضية 64% أكثر من غيرهم. كما أن 48% من الأطفال لم تكن لديهم نسخة من جين يعرف باسم (جي.اس.تي.تي 1) الذي يساعد على تنظيم مجموعة من الإنزيمات تحمي خلايا الجسم من أضرار الأكسدة بما في ذلك الأضرار الناجمة عن التدخين وغيره من الكيماويات السامة. وتبين أن الناس الذين لا يحملون هذا الجين يواجهون خطر الإصابة بالحساسية والربو بنسبة أكبر من غيرهم.

وكتب (لي) وزملاؤه في الدراسة (إن حرق البخور عامل ينطوي على مخاطرة فيما يتعلق بالربو وصعوبة التنفس المصحوب بالصفير خاصة في الأطفال الذين لا يحملون الجين (جي.اس.تي.تي 1) كما أن الأطفال الذين شملتهم الدراسة من الذين لا يحملون هذا الجين معرضون للإصابة بالربو حاليا بنسبة 43% أكثر من أقرانهم الذين يحملون نسخة واحدة على الأقل من الجين.

ومن بين هؤلاء الأطفال فإن الذين يتعرضون لاستنشاق البخور يوميًا في منازلهم عرضة للإصابة بالربو بنسبة 78% أكثر من زملائهم. وهو ما لا ينطبق على الأطفال الذين يحملون الجين (جي.اس.تي.تي 1). وانتهى عرض الدراسة.

عمومًا، هذه ليست أول مرة نتحدث فيها عن مخاطر البخور والتدخين في المنازل وخاصة في الغرف المغلقة، لذلك لا نريد أن نوجه إلى أهمية تهوية المنازل وخاصة في ساعات الصباح الباكرة، فخلال هذه الأوقات عادة ما تكون الأجواء قليلة الغبار والتلوث، فهذا موضوع تحدثنا فيه كثيرًا.

ولسنا هنا أيضًا نحاول أن نبعد الناس أو نوجههم في التقليل من استخدام البخور، فهذه عادات توارثناها أبًا عن جد، ولكن نحاول دائمًا أن نشير إلى تهوية المنزل والغرف بعد ممارسة تبخير المنزل وتعطيره بهذه الأدخنة العطرة.

ولكننا لا نرغب في انتشار الأمراض، لذلك من الجميل جدًا أن نمارس حياتنا بصورة بيئية حتى نقلل من الأضرار الصحية التي يمكن أن ترافق ممارساتنا الخاطئة.

حرق البخور والتلوث الناجم من حرقه

 

نشر من ضمن كتاب بعنوان "تهوية المنزل؛ من أجل مسكن صحي وسليم بيئيًا" عام 1997

بقلم الدكتور زكريا خنجي

الدخان – الناتج من الفحم المستخدم لحرق البخور والعود وكذلك العود نفسه وربما الدخان الناتج من عملية طبخ بعض الأغذية – ما هو إلا مزيج من العديد من الغازات التي قد يكون الكثير منها سامًا أو خانقًا مثل غاز أول أكسيد الكربون الذي يتحد بقوة تفوق الأكسجين بحوالي 240 مرة مع مادة هيموجلوبين الدم لينتج عن هذا الاتحاد مادة الكربوكسي هيموجلوبين والتي قدرت بأنها اكثر ثباتًا عن الهيموجلوبين المؤكسد بحوالي مائتين مرة، وينتج عن ذلك عدم قدرة كريات الدم الحمراء على حمل الأكسجين لمدة طويلة، وهذه التأثيرات يمكن أن تسبب الوفاة، وإن لم يتم ذلك فإنها تضعف بعض التحورات الغذائية في العضلات والنظام الأنزيمي بين خلايا الجسم. ولقد أوردت جريدة أخبار الخليج (بتاريخ 22 يناير 1989) خبرًا يفيد بأن أسرة كاملة تعرضت للاختناق في أحد مناطق البحرين بسبب تركها المدفأة التي تعمل على الفحم تعمل طوال الليل في غرفة النوم المغلقة، وكان سبب الاختناق كما اتضح بعد ذلك هو انتشار غاز أول أكسيد الكربون نتيجة للاحتراق غير الكامل للفحم.

وغاز ثاني أكسيد الكبريت سريع الذوبان والانتشار في الدم عند استنشاقه مع الدخان المتصاعد والناتج من الحرق، وقد أثبتت الدراسات الإكلينيكية إن ثاني أكسيد الكبريت يؤثر سلبيًا على التنفس عند تركيز 0.75 جزء في المليون لمدة ثلاثين دقيقة عند الأصحاء، كما لوحظت بعض التهيجات في الجهاز التنفسي عند تركيز 3000 ميكروجرام /المتر المكعب. وقد ثبت أن استنشاق ثاني أكسيد الكبريت عند تركيزات أقل من ذلك يمكن أن تؤدي إلى اختلاف في الإحساس العصبي بالإضافة إلى بعض ردود الفعل التي يصدرها المخ. ويعتقد أيضًا أن تلوث الهواء بغاز ثاني أكسيد الكبريت يمكن أن يسبب سرطان الرئة.

ويرتبط التلوث بغاز ثاني أكسيد الكبريت مع التلوث بالجسيمات الدقيقة، والتي تطلق عليه العامة مصطلح (الدخان أو السنان) وهذه الجسيمات – والتي تتراوح أحجامها ما بين أقل من 0.1 إلى 10 ميكرومتر – تمر عبر الأغشية المخاطية فتنتقل إلى الرئة وتستقر هناك لتسبب بعض الأمراض للإنسان مثل التهاب الشعب الهوائية والانتفاخ الرئوي والربو وبعض الأمراض المزمنة، ولقد أثبتت بعض الدراسات أنه تزيد نسبة الوفيات في المجتمعات السكانية المعرضة لتركيزات – خلال 24 ساعة – تزيد متوسطها على 2000 ميكروجرام /المتر المكعب من غاز ثاني أكسيد الكبريت والجسيمات الدقيقة. هذا بالإضافة إلى أن محتوى الجسيمات الدقيقة من المركبات الكيميائية يحدد نوعية الإصابة وخطورتها، فالجسيمات الدقيقة المحتوية على مادة السيليكا تسبب للإنسان مرض السليكوسز، والإصابة بمرض الاسبستوسس يحدث نتيجة لوجود مادة الاسبستوس مع الجسيمات العالقة.

وأما أكاسيد النيتروجين فإنها ذات تأثير سلبي على صحة الإنسان حيث اتضح أنها تذوب في أغشية الأنف المخاطية فيتكون نتيجة ذلك حمض النتريك الذي يصيب الغشاء المخاطي المبطن للرئة بأضرار جسيمة ويتلف الأنسجة والشعيرات الدموية والحويصلات الهوائية.

ماذا يمكن أن نفعل ؟

من غير الحكمة ترك هذه الملوثات تدور مع دورة الهواء في المنزل فتصيب من تشاء بمثل تلك الأمراض، وإنما من الأفضل إتباع الأمرين التاليين للتخلص منها:

1- التخفيف من استخدام المواد الكيميائية الطيارة التي تسبب تزايد في تركيز مثل هذه الملوثات في جو المنزل – مثلاً – التخفيف أو التقنين من استخدام المبيدات الحشرية، الروائح العطرية المستخدمة سواء للمنزل أو للأجسام البشرية، التقليل من تطيب الجو بالعود والبخور وما شابه ذلك، واستخدام البدائل الصديقة للبيئة والتي بدأت تتوفر الآن في الأسواق.

2- بالإضافة إلى ما سبق، فإنه يفضل تهوية المنازل بصورة دورة مستمرة ومنظمة حتى يتجدد الهواء وتخرج الملوثات حتى وإن كانت بتركيز ضئيلة، فإن ذلك يخفف كثيرًا من حدة انتشار الأمراض.

رمضانيات -2

Foto75