الأربعاء، 2 يوليو 2014

حرق البخور والتلوث الناجم من حرقه

 

نشر من ضمن كتاب بعنوان "تهوية المنزل؛ من أجل مسكن صحي وسليم بيئيًا" عام 1997

بقلم الدكتور زكريا خنجي

الدخان – الناتج من الفحم المستخدم لحرق البخور والعود وكذلك العود نفسه وربما الدخان الناتج من عملية طبخ بعض الأغذية – ما هو إلا مزيج من العديد من الغازات التي قد يكون الكثير منها سامًا أو خانقًا مثل غاز أول أكسيد الكربون الذي يتحد بقوة تفوق الأكسجين بحوالي 240 مرة مع مادة هيموجلوبين الدم لينتج عن هذا الاتحاد مادة الكربوكسي هيموجلوبين والتي قدرت بأنها اكثر ثباتًا عن الهيموجلوبين المؤكسد بحوالي مائتين مرة، وينتج عن ذلك عدم قدرة كريات الدم الحمراء على حمل الأكسجين لمدة طويلة، وهذه التأثيرات يمكن أن تسبب الوفاة، وإن لم يتم ذلك فإنها تضعف بعض التحورات الغذائية في العضلات والنظام الأنزيمي بين خلايا الجسم. ولقد أوردت جريدة أخبار الخليج (بتاريخ 22 يناير 1989) خبرًا يفيد بأن أسرة كاملة تعرضت للاختناق في أحد مناطق البحرين بسبب تركها المدفأة التي تعمل على الفحم تعمل طوال الليل في غرفة النوم المغلقة، وكان سبب الاختناق كما اتضح بعد ذلك هو انتشار غاز أول أكسيد الكربون نتيجة للاحتراق غير الكامل للفحم.

وغاز ثاني أكسيد الكبريت سريع الذوبان والانتشار في الدم عند استنشاقه مع الدخان المتصاعد والناتج من الحرق، وقد أثبتت الدراسات الإكلينيكية إن ثاني أكسيد الكبريت يؤثر سلبيًا على التنفس عند تركيز 0.75 جزء في المليون لمدة ثلاثين دقيقة عند الأصحاء، كما لوحظت بعض التهيجات في الجهاز التنفسي عند تركيز 3000 ميكروجرام /المتر المكعب. وقد ثبت أن استنشاق ثاني أكسيد الكبريت عند تركيزات أقل من ذلك يمكن أن تؤدي إلى اختلاف في الإحساس العصبي بالإضافة إلى بعض ردود الفعل التي يصدرها المخ. ويعتقد أيضًا أن تلوث الهواء بغاز ثاني أكسيد الكبريت يمكن أن يسبب سرطان الرئة.

ويرتبط التلوث بغاز ثاني أكسيد الكبريت مع التلوث بالجسيمات الدقيقة، والتي تطلق عليه العامة مصطلح (الدخان أو السنان) وهذه الجسيمات – والتي تتراوح أحجامها ما بين أقل من 0.1 إلى 10 ميكرومتر – تمر عبر الأغشية المخاطية فتنتقل إلى الرئة وتستقر هناك لتسبب بعض الأمراض للإنسان مثل التهاب الشعب الهوائية والانتفاخ الرئوي والربو وبعض الأمراض المزمنة، ولقد أثبتت بعض الدراسات أنه تزيد نسبة الوفيات في المجتمعات السكانية المعرضة لتركيزات – خلال 24 ساعة – تزيد متوسطها على 2000 ميكروجرام /المتر المكعب من غاز ثاني أكسيد الكبريت والجسيمات الدقيقة. هذا بالإضافة إلى أن محتوى الجسيمات الدقيقة من المركبات الكيميائية يحدد نوعية الإصابة وخطورتها، فالجسيمات الدقيقة المحتوية على مادة السيليكا تسبب للإنسان مرض السليكوسز، والإصابة بمرض الاسبستوسس يحدث نتيجة لوجود مادة الاسبستوس مع الجسيمات العالقة.

وأما أكاسيد النيتروجين فإنها ذات تأثير سلبي على صحة الإنسان حيث اتضح أنها تذوب في أغشية الأنف المخاطية فيتكون نتيجة ذلك حمض النتريك الذي يصيب الغشاء المخاطي المبطن للرئة بأضرار جسيمة ويتلف الأنسجة والشعيرات الدموية والحويصلات الهوائية.

ماذا يمكن أن نفعل ؟

من غير الحكمة ترك هذه الملوثات تدور مع دورة الهواء في المنزل فتصيب من تشاء بمثل تلك الأمراض، وإنما من الأفضل إتباع الأمرين التاليين للتخلص منها:

1- التخفيف من استخدام المواد الكيميائية الطيارة التي تسبب تزايد في تركيز مثل هذه الملوثات في جو المنزل – مثلاً – التخفيف أو التقنين من استخدام المبيدات الحشرية، الروائح العطرية المستخدمة سواء للمنزل أو للأجسام البشرية، التقليل من تطيب الجو بالعود والبخور وما شابه ذلك، واستخدام البدائل الصديقة للبيئة والتي بدأت تتوفر الآن في الأسواق.

2- بالإضافة إلى ما سبق، فإنه يفضل تهوية المنازل بصورة دورة مستمرة ومنظمة حتى يتجدد الهواء وتخرج الملوثات حتى وإن كانت بتركيز ضئيلة، فإن ذلك يخفف كثيرًا من حدة انتشار الأمراض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق