الاثنين، 8 سبتمبر 2014

الإيبولا.. الفيروس والمرض


الفيروس لا ينتقل بالهواء وإنما عن طريق لمس إفرازات المريض.. لذلك فالحذر واجب

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٩ سبتمبر ٢٠١٤

الدكتور زكريا خنجي

تسعى «منظمة الصحة العالمية» ودول عديدة إلى إيقاف انتشار حمى «إيبولا» القاتلة، التي أودت بحياة أكثر من ألف شخص، مستخدمين في ذلك كل السبل المتاحة من علاجات لا تزال قيد التجربة. فبعد ان وافق خبراء المنظمة على استخدام دواء غير مرخص في علاج هذا المرض، وافقت الولايات المتحدة على ارسال دواء « ZMapp» التجريبي إلى ليبيريا لعلاج الأطباء المصابين بالمرض، ثم أعلن وزير الصحة الكندي، روني امبروز، عن استعداد بلاده لإرسال 800 – 1000 جرعة من الدواء الذي ابتكره المختبر الوطني للأحياء المجهرية إلى أفريقيا، لعلاج المصابين بهذه الحمى القاتلة، مع العلم أن هذا الدواء لم يخضع لاختبارات سريرية أيضًا، أي أنه غير مرخص رسميًا. وأضاف الوزير الكندي، أن كندا مستعدة لإرسال الأطباء والأموال اللازمة لمكافحة المرض.
وعلى الرغم من كل تلك الإجراءات الحازمة التي تتخذها مختلف الدول لمواجهة المرض ومنع انتشاره، إلا أن «إيبولا» مستمر في حصد أرواح الناس. فما الإيبولا؟ وكيف ينتشر؟

ما الإيبولا؟
الإيبولا مرض فيروسي (Ebola virus disease) ويعرف بحمى إيبولا النزفية (Ebola hemorrhagic fever)، وهو مرض فيروسي معدي يصيب الإنسان وبعض أنواع القرود. اكتشف للمرة الأولى سنة 1976، ومن حينها ظهرت أنواع مختلفة منه مسببة أوبئة في كل من زائير، الغابون، أوغندا، والسودان وبنسبة وفيات تتراوح ما بين 25% - 90%.

أعراض الحمى
تبدأ علامات وأعراض الإيبولا عادة فجأة مع مرحلة تشبه الإنفلونزا تتميز بالتعب، والحمى، والصداع، وآلام في المفاصل، والعضلات، والبطن، وكذلك القيء والإسهال وفقدان الشهية أيضًا شائعة. وتشمل الأعراض الأقل شيوعًا ما يلي: التهاب الحلق، وألم في الصدر، الفواق، وضيق في التنفس وصعوبة في البلع، ولقد وجد أن متوسط الوقت بين الإصابة بالفيروس وبداية ظهور الأعراض هو من 8 إلى 10 أيام، ولكن يمكن أن تتفاوت ما بين يومين و 21 يومًا. وقد تشمل المظاهر الجلدية: طفح جلدي (في حوالي 50% من الحالات). أما الأعراض المبكرة لمرض فيروس الإيبولا قد تكون مماثلة لتلك التي من الملاريا وحمى الضنك، أو الحمى المدارية الأخرى، قبل أن يتطور المرض إلى مرحلة النزيف. وقد لا تظهر على جميع المرضى أعراض نزفية.

العدوى
ليس من الواضح تمامًا كيف ينتشر فيروس إيبولا، حيث يعتقد أن المرض يحدث بعد انتقال فيروس الإيبولا إلى الإنسان عن طريق الاتصال مع سوائل جسم الحيوان المصاب، أما بالنسبة من الإنسان إلى الإنسان يمكن أن يحدث انتقال العدوى عن طريق الاتصال المباشر مع الدم أو سوائل الجسم من شخص مصاب (بما في ذلك التحنيط لشخص ميت مصاب بالمرض) أو ملامسة شفرات حلاقة أو معدات طبية ملوثة، وخاصة الإبر والمحاقن، والمني قد يكون معديا في الناجين مدة تصل إلى 50 يومًا، وكذلك فإن انتقال العدوى يمكن أن يتم عن طريق الفم والملتحمة هو من المرجح، وقد ثبت ذلك في الحيوانات الثديية. وتعتبر احتمالات العدوى على نطاق واسع لمرض إيبولا الفيروسي منخفضة حيث إن المرض ينتشر فقط عن طريق الاتصال المباشر مع إفرازات من شخص تظهر علامات للعدوى. والظهور السريع للأعراض يجعل من السهل تحديد هوية الأفراد المرضى ويحد من قدرة انتشار المرض عن طريق السفر. لأن الجثث تعتبر معدية، ينصح بعض الأطباء التخلص منها بطريقة آمنة.
وحتى الآن لم يتم توثيق انتقال الفيروس عن طريق الهواء خلال الفاشيات السابقة، ومع ذلك فقد تم تصنيف هذه الفيروسات على أنها من الفئة (أ) من ضمن الأسلحة البيولوجية، مؤخرًا أظهر الفيروس القدرة على السفر من دون اتصال من الخنازير إلى الثدييات.
ولقد وجد أن خفافيش الفاكهة (ويعتقد أنه المضيف الطبيعي للفيروس) تسقط الثمار المأكولة جزئيًا واللب على الأرض، فتقوم الثدييات الأخرى مثل الغوريلا والظباء بالتغذي على هذه الثمار الساقطة، وتعد هذه السلسلة وسيلة محتملة غير مباشرة لانتقال الفيروس من المضيف الطبيعي للمجموعات الحيوانية الأخرى، حيث يعتقد أن لعاب الخفافيش الفاكهة تحوي الفيروس وبالتالي تنتقل إلى الفاكهة ومنها إلى الحيوانات الأخرى حتى تنتشر بين الإنسان، مما أدى إلى البحث في سلوك الحيوان، وعوامل أخرى لمعرفة كيفية تفشي المرض وحدوث فاشيات.

اكتشاف المرض
اكتشف في بلدة تقع على طرف غابة مطيرة تسمى كيكويت في زائير، حيث كان هناك بائع فحم نباتي، وكان يعد فحمه النباتي في عمق الغابة ويحزمه ويحمله على رأسه إلى كيوكويت. وفي 6 يناير 1995 شعر الرجل بأنه مريض، ووقع على الأرض مرتين وهو في طريقه من الغابة إلى البيت، وعندما وصل قال إنه مصاب بصداع وحمى. وفي خلال الأيام القليلة التالية تدهورت حالته، وفي 12 يناير حملته عائلته إلى مستشفى كيكويت العام. وهناك ازدادت حالته سوءًا وابتدأ يتقيأ، وكان الدم يتدفق بشكل يتعذر ضبطه من أنفه وأذنيه، ثم توفي في 15 من الشهر نفسه. وسرعان ما أصبح آخرون من عائلته – ممن لمسوا جسده – مرضى. وبحلول شهر مارس مات اثنا عشر فردًا من أقربائه اللصقاء. وفي أواسط شهر أبريل ابتدأت هيئة العاملين في المستشفى وآخرون يمرضون ويموتون مثل الرجل وعائلته، وبسرعة انتشر المرض إلى بلدتين أخريين في المنطقة، وغدا من الواجب طلب المساعدة. فتوجه أحد العلماء وقام بجمع عينات من دم المرضى وقام بإرسالها إلى مراكز مكافحة الأمراض في أتلانتا، أمريكا، ووجد أن المرض هو «فيروس الإيبولا».

واليوم تعاون دولي لمواجهة هذه المخاطر والتهديدات
وأمام خطورة تفشي فيروس إيبولا الذي اسفر عن وفاة أكثر من ألف شخص، وافقت الأوساط الطبية في العالم على استخدام أدوية تجريبية لمكافحة هذا الوباء، فوافقت لجنة خبراء في منظمة الصحة العالمية على استخدام أدوية تجريبية لمكافحة فيروس إيبولا في دول غرب افريقيا، في وقت توفي فيه أول أوروبي هو قس إسباني أعيد من ليبيريا، جراء إصابته بالفيروس.
وقالت منظمة الصحة في بيان «نظرًا للظروف المحددة لهذه الموجة (الوبائية) وعلى أساس تلبية بعض الشروط، توافقت اللجنة على أنه من الاخلاقي إعطاء أدوية تجريبية لم يتم بعد التحقق من فعاليتها وآثارها الجانبية كعلاج محتمل أو وقائي».
ويأتي بصيص الأمل هذا في حين حصد إيبولا ضحية جديدة بين المتطوعين لمعالجة الاشخاص المصابين.
ويذكر أن فيروس إيبولا أدى حتى اليوم (أغسطس 2014) إلى وفاة 1013 شخصًا وتسجيل 1848 إصابة مؤكدة أو مشبوهة في غينيا وسيراليون وليبيريا ونيجيريا، وفقًا لآخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية.
كما يذكر أنه لا يوجد حاليًا أي علاج أو لقاح محدد لفيروس إيبولا الذي ينتقل بالاتصال المباشر بدماء وسوائل أو أنسجة المرضى أو الحيوانات المصابة أو بأدوات ملوثة بدماء المرضى وأنسجتهم مثل الإبر والحقن.

1280px-Ebola_virus_virion

virus-Ebola-chauves-souris

1-617815

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق