الأحد، 12 أكتوبر 2014

منظومة العلاقات العامة.. ما هي؟ وكيف نتعامل معها؟

 

 تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٢ أكتوبر ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

قلنا في المقال السابق إنه مما يزيد من غموض مفهوم العلاقات العامة اتجاه عدد من الباحثين والخبراء إلى وضع تعريفات متعددة للعلاقات العامة تتسم بالتفاوت والتباين، لذلك فمن الضروري الوصول إلى مفهوم موحد وشامل وحديث للعلاقات العامة يصلح كأساس لتحديد وظائف العلاقات العامة وأنشطتها وأهدافها، وكمعيار لقياس مدى قيام المنظمات بالأداء السليم للعلاقات العامة، ويتبع هذا الاحتياج من عدة عوامل من أهمها:
أ‌- يؤدي عدم وضوح النشاط الذي يقع في محيط العلاقات العامة إلى تضارب الاختصاصات في المنشآت المختلفة، مما يعرقل سير العمل ويؤدي إلى سوء التفاهم بين الإدارات، وبعضها البعض.
ب‌- يؤدي عدم وضوح الاختصاصات إلى عدم إمكانية تنظيم إدارة العلاقات العامة تنظيمًا سليمًا بحيث تؤدي الأعمال المنوطة بها على أحسن وجه.
ت‌- يؤدي عدم وضوح مفهوم العلاقات العامة إلى إهمال الإدارة العليا لها، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى الاستغناء عن خدماتها أو على الأقل عدم وضعها في المكان المناسب.
ث‌- يؤدي عدم الاتفاق على تحديد نشاط العلاقات العامة إلى صعوبة تحديد ميزانية لأعمالها.
وقد أسهمت عدة عوامل في زيادة صعوبة تحديد مفهوم العلاقات العامة وتعريفها، ومن أهمها:


أ‌- تعتبر العلاقات العامة من أحدث الوظائف الإدارية، ومازال باب الاجتهاد النظري والتطبيقي مفتوحًا أمام المزيد من تطوير أساليب الممارسة وطرائقها، وصقل المفاهيم النظرية للعلاقات العامة على ضوء الممارسة.
ب‌- على الرغم من أن العلاقات العامة قد ظهرت وحققت تقدمًا ملموسًا ولاقت قبولاً متزايدًا خلال الخمسين عامًا الأخيرة، فمازال يشوبها حتى الآن الغموض وعدم الفهم الحقيقي لرسالتها وأهدافها، كما لم تحظ باهتمام الباحثين مثلما حظيت فروع علمية أخرى، وهكذا لم يتحقق لها قدر كبير في الإطار النظري الذي ترتكز عليه ويشكل نظريتها فضلاً عن خلط الممارسين لمفاهيمها، وتباينهم في تقدير أهميتها للمنظمة.
ت‌- كما تواجه العلاقات العامة مشكلة أجمع عليها كل الخبراء والتي تتمثل - من جهة - في الاعتقاد أن العلاقات العامة هي الدعاية أو النشر أو الإعلان، أو العلاقات الإنسانية أو المعلومات أو الشئون العامة أو الإقناع، كما تتمثل - من جهة أخرى - في تداخل أنشطة العلاقات العامة مع بعض الأنشطة الأخرى كالدعاية والإعلام والإعلان والتسويق وترويج المبيعات والعلاقات الإنسانية والعلاقات الصناعية، وتزيد هذه المشكلة من صعوبة الوصول إلى اتفاق على مفهوم موحد للعلاقات العامة، أو الوصول إلى تحديد الأنشطة المتخصصة للعلاقات العامة التي تميزها عن غيرها من الوظائف الأخرى المتداخلة معها.
ث‌- وجود عدة مفاهيم للعلاقات العامة يعبر كل مفهوم منها عن زاوية معينة تتكامل معًا لتأكيد المفهوم المتكامل للعلاقات العامة فهناك المفهوم الفلسفي للعلاقات العامة الذي يؤكد أن العلاقات العامة مهمة كل شخص في المنظمة، وهناك المفهوم التنظيمي، والمفهوم الإداري، والمفهوم الوظيفي، والمفهوم الاتصالي والفني، كما أن هناك محاولات علمية للتفرقة بين العلاقات العامة كعلم وبينها كفن، ومثل هذه المفاهيم الفرعية قد تقود - في غياب نظرة متكاملة للعلاقات العامة - إلى تشتيت الجهد الذي يستهدف التوصل إلى مفهوم شامل للعلاقات العامة.
ج‌- كما ساعد على ذلك أيضًا اجتهاد عدد كبير من الباحثين - منذ بداية القرن العشرين حتى الآن - في صياغة مصطلحات للعلاقات العامة تتميز بالاختلاف والتنوع إما بسبب اختلاف الخبراء والباحثين، وإما بسبب التطور الزمني وما صاحبه من تطور في مجالات العلاقات العامة وأنشطتها ونتائج أعمالها. وقد قام أحد الباحثين بحصر معظم هذه التعريفات ونشرها ضمن محتويات (دائرة معارف العلاقات العامة الدولية) التي صدرت عام 1968م، إلا أن تعريفات كثيرة للعلاقات العامة ظهرت بعد ذلك في العديد من المؤلفات الحديثة أضافت إلى التعريفات القديمة متغيرات ومكونات جديدة.
ومن هنا تأتي أهمية استخلاص وتحديد مفهوم للعلاقات العامة يتسم بالشمول والدقة والتكامل، وخاصة أنه قد أثبتت بعض نتائج البحوث - الخاصة بمفاهيم العـلاقات العامة وأساليب ممارستها- أن وضوح هذه المفاهيم والأساليب يساعد على تقوية الأداء في مجال العلاقات العامة وتحقيق الأهداف الوظيفية لها.

وجملة القول إنه يمكن استخلاص العديد من النقاط الآتية من تعريفات العلاقات العامة حتى يمكن أن نتعامل مع هذه المنظومة والإدارة الأساسية المهمشة في المؤسسات، وهي كالتالي:
أ‌- العلاقات العامة علم يستعين بالأسلوب العلمي، ويستند إلى النظريات العلمية والخبرات المقننة والتجارب المدروسة.
ب‌- العلاقات العامة فن، بمعنى أنها تعتمد تطبيقات العلوم الاجتماعية، وتعتمد على مهارات خاصة في تطبيق النظريات المختلفة، واستعدادات فردية تختلف من متخصص لآخر.
ت‌- تحتاج العلاقات العامة إلى متخصصين على مستويات مختلفة، يتخرجون من خلال معاهد وكليات متخصصة، فهم يقومون بتحديد وتقييم الرأي العام من الزاوية التي تهم المنظمة وتتعلق بها، كما أنهم يقدمون النصح والمشورة إلى المديرين بالنسبة إلى طرق التعامل مع الرأي العام.
ث‌- تعد العلاقات العامة وسيلة لتدريب وإعداد الجماهير لتقبل أفكار وآراء جديدة أو للقيام بمسئوليات مطلوبة.
ج‌- تتضمن العلاقات العامة التفاهم بين المؤسسات وجماهيرها، وتعمل على الترابط وتحقيق التعاون بينها.
ح‌- تستخدم العلاقات العامة أدوات الاتصال والإعلام والبحوث العلمية لتحقيق أغراضها.
خ‌- أصبحت العلاقات العامة ضرورية، ولا بد من وجودها في جميع المؤسسات، على كل المستويات، فهي تدخل في مجال التجارة والصناعة والإدارة والتعليم والصحة والجيش وغيرها، كما توجد في المجتمعات المتقدمة والنامية، على السواء، وبين الجماهير في مختلف المجتمعات.
د‌- وهي عملية اتصال تعبر تعبيرا صادقا عن الواقع وتحترم الجمهور، وهي رسالة صريحة وصادقة تستهدف إعلام الجمهور وإغرائه بهدف تغيير ميوله واتجاهاته، وهي وظيفة للإدارة مستمرة ومخططة هدفها كسب التفاهم بين المؤسسة والجمهور وهي تستهدف الرأي العام وتقيسه وتستخدم الإعلام كأهم وسيلة من وسائلها، وهي علم اجتماعي تطبيقي لها أجهزتها المختلفة ويفرد لها مستوى تنظيمي واضح في كل مؤسسة أو منظمة.

فالعلاقات العامة ببساطة هي وظيفة إدارية دائمة ومنظمة تحاول المؤسسة العامة أو الخاصة عن طريقها أن تحقق مع من تتعامل أو يمكن أن تتعامل معهم بالتفاهم والتأييد والمشاركة، وفي سبيل هذه الغاية على المؤسسة أن تستقصي رأي الجمهور إزاءها وأن تكيف معه بقدر الإمكان سياستها وتصرفاتها وأن تصل عن طريق تطبيقها لبرامج الإعلام الشامل إلى تعاون فعال يؤدي إلى تحقيق جميع المصالح المشتركة.
ولسنا بحاجة إلى أن نشير إلى أن بعض الجماهير التي تدخل في نطاق علاقات هيئة واحدة، قد تكون متعارضة المصالح، وبالتالي فإن مشاكل العلاقات العامة بالنسبة لهيئة أو إدارة تبدأ بالتعرف على الجماهير المختلفة وفهمها وإدراك توقعاتها، والعمل على استمرار الصلات بينها وبين الهيئة في حالة طيبة.
وأخيرًا فإن أهمية العلاقات العامة تظهر في إحساس المؤسسة بأهمية الاتصال الفعال الذي يجب أن تقوم به مع جميع الهيئات والجماهير ذات الصلة بالنشاط الذي تقوم به، وخاصة تلك التي اهتمت بوضع العلاقات العامة كوظيفة أساسية للمؤسسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق