الاثنين، 6 أكتوبر 2014

فوضى التخطيط البيئي

 

 تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٧ أكتوبر ٢٠١٤

الدكتور زكريا خنجي

تفتخر دول العالم بأنها تخطط لإقامة المشاريع بمختلف أنواعها سواء كانت الصناعية أو الخدمية أو حتى الإسكانية، لذلك فعندما تزور مثل هذه الدول تجد أن كل الأمور مرتبة، شوارعها نظيفة، مدنها مزدانة بالأشجار، وحتى مصانعها تجد أنها موجودة في مناطق محددة وتراعي أبسط الاعتبارات البيئية، وإن كانت هناك مخالفات إلا أنها تبقى حالات فردية واستثنائية.
أما في البحرين فإن الفوضى هي السائدة، فما أن تدخل أي منطقة خدمية - مثلاً - سواء في عراد أو سلماباد أو غيرها، تشعر وكأنك رجعت ثلاثة قرون إلى الخلف من حيث التنظيم والتخطيط، وكذلك النظافة والاهتمام بالمكان وإدارته، تشعر وكأن من قام بتخطيط هذه الأماكن لا يعرف معنى التخطيط ولم يسمع قط عن الإدارة البيئية للمناطق الخدمية، تجد أن ورش عمل السيارات تضرب بالأنظمة عرض الحائط غير مبالية بالمؤسسات الحكومية لأنها تعرف أن هذه المؤسسات عاجزة تمامًا عن تنظيم مثل هذه المناطق.
تبنى مدن جديدة، ولكن لا يراعى فيها أي اعتبارات بيئية، فلا تستخدم فيها مواد بناء صديقة للبيئة، ولا تستخدم فيها أجهزة لتوفير الطاقة، ولا يراعى فيها حتى تهوية المناطق ووجود الحدائق والمتنفسات التي يمكن أن يستخدمها السكان للترويح عن النفس وتنقية البيئة.
تغلق سواحل وتفتح، ثم تفتح ويتم دفنها وتبنى عليها مدن ترفيهية أو تجارية من أجل بعض أفراد يستطيعون أن يدفعوا، عندئذ تموت الكائنات الحية، تتلف السواحل، تتأثر الثروة السمكية، الموضوع وكأن لم يكن.
وإن كنا لا نعترض - أبدًا - على إقامة المشاريع التنموية إلا إننا بحاجة إلى ما يعرف بالإدارة البيئية لمثل هذه المناطق، فليس من المعقول - ونحن في القرن الواحد والعشرين - أن نرى الفوضى تعم مثل تلك المشاريع، ولم يعد من المقبول أن تتداخل المناطق الخدمية بالمناطق السكنية، وكذلك لم يعد من المقبول أنه بين ليلة وضحاها أن تتحول المناطق السكنية إلى مناطق تجارية لأن فلانا من الناس سكن في تلك المنطقة ويريد أن يحول منزله إلى محل تجاري!
أتمنى أن يقام مشروع تنموي في البحرين وفق تخطيط هندسي بيئي اجتماعي، مشروع ينظر إلى عشرات السنوات في المستقبل، مشروع يتم التحكم فيه وإدارته بيئيًا، لا أن يترك الحبل على الغارب لما شاء وكيفما شاء، عندئذ تتحول تلك المشاريع إلى فوضى عارمة كما هو حادث اليوم.
ونحن لا نجني على أحد، فأينما تلو وجهك تجد فوضى.
لذلك دائمًا يدور في ذهنك سؤال، هل مثل هذه المشاريع موجودة في الغرب؟ وإن كانت موجودة، كيف تدار؟ هل تدار بالفوضى الموجودة في البحرين؟
لا أمتلك الإجابة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق