السبت، 28 فبراير 2015

كيف تنجح في اجتذاب عميلك ؟

 

 تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١ مارس ٢٠١٥

بقلم: د. زكريا خنجي

ربما يعد سؤال العنوان من أهم الأسئلة التي يسألها صاحب أو رب العمل نفسه، وخاصة إذا كان هذا العمل يعتمد على جلب الزبائن وراحته. ومن المعروف أن العملاء والزبائن هم وقود المنشآت التجارية والصناعية، فهم من يجلبون الرواتب والمعاشات وكل المصاريف لذلك فإن رضاهم واجب، لذلك يقال دائمًا «إن الزبون على حق ولو كان على خطأ»، فرضا هذا الإنسان غاية كل منشأة.
ويبقى السؤال والإجابة عنه محور القضية والموضوع الأساسي لصاحب ورب العمل.
دخلت ذات مرة مع ابنتي لشراء تلفون نقال، استقبلنا صاحب المحل - وهو شاب - بكل ترحاب وبشاشة، وبعدما عرف مطلبنا بدأ يشرح لنا ويعطينا أفكارا عن هذا الجهاز وذاك، حتى وقع الخيار على جهاز واحد معين، وعندما بدأ يشرع في شرح مزايا هذا الجهاز، وأنه من الذكاء اختيار هذا الجهاز على الأجهزة الأخرى، وعندما طلبنا أن يعلمنا عن السعر، أخذ جهاز الحاسب وبدأ يجمع ويطرح ويقسم ويجري العديد من العمليات الحسابية وبعدها قال «إن هذا السعر الذي سوف أعطيكم إياه لم أعطه أحدا من قبلكم، صدقوني، وهذا الجهاز بمبلغ وقدره..».
ومن نافلة القول أن أذكر أننا كنا نعرف الأسعار مسبقًا، حيث قمنا بزيارة عدة محلات قبل هذا المحل، لذلك تبين أن هذا البائع وهو صاحب المحل لم يقم بالتخفيض كثيرًا عن نظرائه، وإنما يشبههم إلى حد ما، ولذلك بدأت أجادله وأحاول أن أقيم معه حوارا جادا وبناءً ليس من أجل سعر الجهاز بقدر أنني كنت أريد أن أعرف مكنونات هذا الشاب وقدراته على البيع والشراء، ومن ضمن الأسئلة التي طرحتها عليه أني قلت «هل حضرت من قبل دورة أو برنامجا تدريبيا حول موضوع خدمة العملاء أو ما شابه ذلك»، فقال «لا»، حينها ذكرت له إعجابي بقدرته على خدمة زبائن المحل؛ فقد كان يستقبل كل زبون بنفسه، ويرحب بهم ويعرف أسماءهم وربما رغباتهم، وكان طوال الوقت يبتسم للجميع، ويتحرك هنا وهناك من غير كلل أو ملل، بالإضافة إلى أنه كان يعطي أوامر للعاملين في المحل بأن يقدموا الخدمات المميزة للزبائن، وفي النهاية قلت له «إنك تبيع الهواء، وعلى الرغم من ذلك سوف أشتري منك، لأنك فعلاً تمتلك القدرة على سحر الزبائن العملاء».

حسنٌ، لنعد النظر في طريقة هذا الشاب في التعامل مع العملاء، والآلية التي استخدمها في كسب الزبائن أو بالأحرى سحرهم.

حتى نسحر الزبائن فإنه علينا:
1ـ ابتسم: يقول المثل الصيني «الإنسان الذي لا يملك وجهًا باسمًا، يجب ألا يفتح محلاً تجاريًا»، فبابتسامتك كأنك تقول للعميل «إني أحبك، فأنت تجعلني سعيدًا، وأنا سعيد برؤيتك». وقد جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير من الأحاديث وسلوكيات رسول الله صلى عليه وسلم التي تدعو إلى التبسم في وجوه الناس، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة» رواه الترمذي، وعن أبي ذر رضي الله عنه أيضًا أنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم «لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْـمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» رواه الترمذي، ويروي عبدالله بن الحارث رضي الله عنه «ما رأيت أحدًا أكثر تبسّمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الترمذي. فإذن تذكر دائمًا إن أردت أن تكسب محبة الزبائن فعليك بالابتسامة الصادقة وليست المخادعة.
2ـ الإصغاء والإنصات: لا يمكن أن تتم عملية الاتصال والتواصل بين صاحب العمل والعميل إلا بتفعيل عملية الإصغاء. ويعرف الإصغاء أنه العملية التي لا تتم بالأذن فقط وإنما هي العملية التي تتم بجميع الجوارح.
3ـ ما يعرف بالقيمة المضافة، والتي تعني ببساطة ما يمكنني أن أقدم للزبون ولا يستطيع غيري تقديمه، أي ما يمكن أن يجد لدي العميل ولا يجده عند غيري، سواء كمنتج أو حسن خلق وحسن معاملة، وهذه القيمة هي التي تتنافس عليها كل المؤسسات الضخمة.
4ـ الإلمام بالمنتجات والخدمات؛ على صاحب العمل أن يعرف ما يقدم للزبون، وما هذا المنتج، وأهميته، وكيف يعمل، وما أفضل أنواعه، وما أضراره وكل ما يريد أن يعرفه العميل، وألا يكذب عليه فحبل الكذب كما يقال قصير.
5ـ الثقة بالنفس؛ يجب على صاحب العمل أن يثق بنفسه وبمنتجه وخدماته التي يقدمها، فإن لم يكن واثقًا بما يقدم فلن يستطيع تقديمه بصورة إيجابية.
6ـ المظهر المهني المقبول؛ وهذا يعني الشكل العام لمن يقدم المنتج، وملابسه، وترتيب شعره وهيئته، فليس من المعقول أن يتصدى للعملاء إنسان ذو رائحة كريهة ومظهر لا يسر الناظرين.
7ـ الحماسة للعمل؛ دائمًا يحتاج من يقدم منتجات وخدمات للعملاء أن يكون متوقد النشاط والحماسة، فمن المفروض ألا يفتر، وإن كان مرهقًا، فعلى صاحب العمل إن وجد في العامل فتورا أن يبعده عن التصدي للزبائن والعملاء حتى يسترد نشاطه.
8ـ الصبر وضبط النفس؛ ودائمًا - كذلك - على صاحب العمل والعاملين في المؤسسات أن يضبطوا أنفسهم وأعصابهم عند التعامل مع البشر، فلكل عميل وزبون شخصية تغاير الآخرين، فيجب أن نتعامل مع كل شخصية على حدة.
9ـ المرونة والقدرة على التكيف؛ لذلك يجب أن تكون للعاملين وصاحب العمل القدرة على أن يتعامل مع البشر بمرونة تامة، فالزبون دائمًا على حق وإن أخطأ.
10ـ الصدق والأمانة؛ وهذه صفة أساسية يجب أن نتمتع بها في جميع حياتنا وليس عند التعامل مع العملاء فحسب.
11ـ القدرة على الإقناع والتواصل الجيد؛ وربما تكون هذه ملكة يهبها الله سبحانه وتعالى لبعض البشر ولا يمنحها للآخرين، ولكن الذي يفتقد مثل هذه الملكة عليه أن يتعلمها، فهي ثقافة جميع تجذب الناس حواليك.
12ـ التوازن النفسي والعاطفي؛ وتعني ببساطة: لا تغضب، ولا تتعامل مع الناس بعاطفتك حينما تغضب أو تسر، فليس من المعقول أن تتعامل مع الناس حسب مزاجك أنت، فأنت في مكان تقدم خدمة للناس، وهم أتوا باختيارهم، ويمكنهم أن يرحلوا باختيارهم أيضًا.
13ـ الولاء للمؤسسة والانتماء إليها؛ كثيرًا ما يعمل بعض الأفراد في أماكن لا يشعرون بالولاء لها، فهم يعملون من أجل العمل، وهذا شيء جيد، ولكن إن استطعنا أن نزرع الولاء للمؤسسة بين أضلعهم فهذا أفضل.
14ـ حفظ أسرار مكان العمل؛ فعندما يوجد ولاء للمؤسسة والمكان العمل الذي نعمل فيه فإنه من المستحيل أن ننتقد المحل أو أن نتذمر أمام العميل أو الناس سواء بسبب سوء المعاملة في بعض الأحيان أو قلة الراتب، وإن كان هذان العاملان من أساسيات حق العاملين، ولكن في الكثير من الأحيان يحدث التذمر بأسباب تامة لمجرد أن المرء يريد أن يتذمر.
15ـ احترام العميل؛ وقد تكون هذه آخر صفة نذكرها وإنما هي في الحقيقة يجب أن تعد الأولى والأخيرة، فدائمًا وأبدأ يجب أن نحترم العميل، نحترم شخصه وشخصيته، نحترم عقله، وكذلك نحترم قدراته المادية، فلا نسخر منه مهما بدر منه من سلوكيات أو حاجات يمكن أن نعتبرها سخيفة.
عمومًا، هذه بعض الصفات والسلوكيات لو استطعنا أن نطبقها في مؤسساتنا حتى العامة والحكومية وخاصة التي تتعامل مع العملاء، فإن الخدمة في تلك المؤسسات ستصبح راقية جدًا.

 

ملاحظة: عنوان المقال الأصلي هو (كيف تسحر عميلك ؟) وقد قامت إدارة الصفحة بتغيره إلى (كيف تنجح في اجتذاب عميلك ؟) وهذا مجرد تنويه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق