الاثنين، 17 نوفمبر 2014

كائنات فطرية - بلسم مكة.. خزانة أدوية منذ القدم

 

 تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٨ نوفمبر ٢٠١٤

بقلم الدكتور زكريا خنجي

بلسم مكة أو «مر مكة» شجرة فطرية اسمها العلمي (Commiphora myrrh). وتوجد هذه النبتة في منطقة الحجاز على شكل شجيرة يبلغ معدّل ارتفاعها ثلاثة أمتار، وتتميز بأغصان شائكة وأزهار صغيرة مائلة إلى الحمرة. وتتواجد النبتة التي تعرف أيضا بـ«شجرة المُرّ» في المساحات الممتدة ما بين مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، وخصوصًا في المناطق الجبلية الواقعة غرب المدينة المنورة حيث تظهر بشكل كبير مع بداية موسم الأمطار.
وتعرف الشجرة بتسميات متعددة منها حب البلسان أو بيلسان نسبة إلى ثمارها، أو يسمى أيضًا بشجر البشام وخصوصًا في اليمن، وكذلك يسمى في بلاد الشام ببلسم الجليل. وتتميز الشجيرة برائحتها الفواحة العطرة عند فرك أوراقها أو أخذ غصن منها، لهذا تستخدم أغصان شجيرة البشام من قبل أهل البادية كمسواك ذي رائحة عطرة تعطر الفم، كما أن القشور المأخوذة من لحاء الشجيرة تحتوي على مادة عطرية تستخدم كعصارة مطهرة للجروح ومبيدة للبكتيريا، فضلاً عن استخدام تلك القشور كشاي لذيذ ذات رائحة محببة.
وقد استخدم الصحابة رضوان الله عليهم مشتقاتها في علاج الجرحى في الغزوات والحروب، فللبلسم خاصية مهمة في كونه قاتلا للجراثيم والميكروبات ولذا يستخدم في تطهير الجروح وتقرحات الجلد. أما حجاج بيت الله الحرام من الهند وباكستان فقد استخدموه بوضع حبة من المر في أنوفهم في فترة الحج وقاية من الأوبئة، والأمراض.
وقال خبير الأعشاب الأردني رزق عز الدين لمجلة نادي المال والأعمال «مر مكة» أو مر الحجاز ويعرف أيضا بــ«مر البطارخ» لمشابهته لبيض السمك، أو مر الجليل، لا يخلو مرجع قديم أو حديث في طب الأعشاب إلا وذكره، وقد أسهب الأقدمون في فوائده كثيرًا. وهو مستخلص من شجرة البشام او البيلسان. وتظهر مادة البلسم حين يتم استخلاص الزيت من السائل الذي يرشح بعد خدش اللحاء، فيقطر منه ببطء سائل لزج تفرزه النبتة له رائحة عطرة تربنتينية نفاذة، ويتصلب هذا السائل حين يتعرض للهواء. أما عن النوع الجيد منه فهو ذو لون شفاف وقد يميل إلى اللون البني الفاتح، أما النوع الرديء، فهو الذي يدخل فيه ألوان بنية أو سوداء ويبدو كأن فيه رمالا. وأضاف عز الدين «فالمادة المستخلصة هي مر غروي، يحتوي على مادة صابونية ذات خواص جمالية، تعطي للجلد ملمسًا ناعمًا مخمليًا وتساعد على التخلص من الرؤوس السوداء وتخفف من حساسية الجلد وتساعد على شفاء والتحام الجروح. وقد تساعد هذه المادة في بعض المستحضرات مع مواد أخرى لمعالجة الكلف والأمراض الجلدية، وتستخدم أيضًا في صناعة العطور، لكون رائحتها تبقى فترة طويلة من الوقت والبعض يستخدمه كبخور».
وتابع عز الدين: «أما أوراق الشجيرة فهي تعتبر علفًا جيدًا للحيوانات وخصوصًا الإبل حيث يؤدي رعيها إلى زيادة إدرار الحليب، أما ثمار البشام الناضجة التي تعرف بالبلسان أو البيلسان فهي ذات قدرة كبيرة على إطفاء العطش عند تناولها، أما غير الناضجة ففيها درجة من السمية. وللمر فائدة بإضافة مواد أخرى فعالة في حالات السعال المزمن والربو ولصفاء الصوت، وإزالة البحة، ولأوجاع الكلى والمثانة وخصوصًا في حالات الالتهابات البولية، ويفيد في نفخ المعدة ووجع الأرحام والمفاصل، وقد يفيد في طرد الديدان».
وختم عز الدين «مراجعنا في هذه الاستخدامات كثيرة وموثقة منها قانون الطب لابن سينا وتذكرة داوود الأنطاكي، وكذلك تجربتنا العملية المتواضعة التي شهدناها على مرضانا الذين تجاوبوا وبشكل إيجابي مع العلاج ومن دون آثار جانبية».

commiphora6

GhadiNews-%20Mecca%20Balsam11635483898420468750

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق