السبت، 14 مارس 2015

كيف تتعامل مع رئيسك في العمل؟

 

 تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٥ مارس ٢٠١٥

بقلم: د. زكريا خنجي

من أصعب الأمور التي تجول في خاطر الموظف - أيًا كانت درجته - هو معرفة الطريقة المثلى للتعامل مع رئيسه – أيًا كان هذا الرئيس – سواء كان رئيس قسم أو وزيرا. إلا أننا يجب ألا ننسى أبدًا أن المسؤول ما هو إلا إنسان، يحتاج مثل ما نحتاج ويأمل مثلك تمامًا، لذلك فالتعامل العاقل مع المسؤول يمكن اكتسابه.
ونحن إذ نتحدث عن المسؤول، فإننا لا نتحدث عن بعض المسؤولين الشاذين الذي يعانون من مشاكل نفسية تؤرقهم وبالتالي يعكسون تلك العقد على موظفيهم، وإنما نحن نتحدث عن المسؤول السوي الذي يتعامل مع الناس بطريقة عاقلة إنسانية.
تشير الأدبيات الإدارية ذات العلاقة بطرق التعامل مع الأصناف المختلفة من البشر إلى وجود العديد من الطرق والأساليب التي لو قام الموظف باتباعها أو بعض منها مع المسؤول، فإنه يمكن إقامة علاقة جيدة مع الرئيس، من هذه الطرق ما يلي:


1ـ اعرف الرئيس جيدًا: إن معرفة الإنسان الذي تتعامل معه بصورة يومية، تملكك قوة، فمن الجميل أن تعرف من هو هذا الإنسان، ما خلفيته العلمية، ما خلفيته الإدارية، ما عاداته في العمل، وما أهدافه وما يحب وما يمقت. فالمسؤول - عادة - يحب الموظف الذي يعرفه جيدًا، ويعرف عاداته ورغباته، من دون أن يفصح عنها. ولكن من الأفضل دائمًا أن تكون حذرًا ولا تستخدم تلك المعلومات ضده.
2ـ لا ترفع الكلفة: فللمسؤول احترامه، ومهما تكن العلاقة بينه وبين الموظفين حميمة، فلا بد من الحفاظ على الاحترام اللازم فيما بينهم. حيث إن العلاقات الحميمة بين البشر قد تتخللها بعض التأثيرات الخطرة، فلربما ندم أحد الطرفين على سر باح به للطرف الآخر، أو ربما تلقى طلبات متطرفة من الآخر على نحو يحد من حرية التصرف واستقلالية التفكير لديه. ومن جانب آخر، فإن العلاقة الحميمة بين أحد الموظفين مع الرئيس قد تثير حفيظة الزملاء وتضعف ثقتهم بالموظف صاحب الحظوة. فالعلاقات الحميمة بين الموظف وبين المسؤول من أجل المحافظة على المركز والمنصب كمن يبني بيته على الكثبان الرملية، حيث لا تلبث أن تجرفه الرياح.

3ـ استمع إليه: إن الاستماع الجيد لا يعني فقط سماع الكلمات من المسؤول وتسجيلها، وإنما يعني التقاط المعاني الجانبية لكلماته أيضًا. وكذلك تلخيص الحديث والاستجابة بذكاء، فكيف يكون ذلك؟ ويمكن أن يتم ذلك بأن نركز على فحوى الكلام ونبعد عن أنفسنا التوتر والقلق، وأن نسجل بعض الملاحظات مما يقول، كما يجب أن يكون بيننا ما يعرف بالتواصل البصري وألا نقطع هذا التواصل، وعندما ينتهي من الكلام يمكن أن نطرح عليه سؤالاً أو اثنين حتى نتأكد من بعض النقاط. ولنتذكر عندما نتحدث مع المسؤول أن المسؤولين يفضلون الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى شرح كثير.
4ـ اختصر الحديث والحوار: نعتقد أن وقت المسؤولين أثمن كثيرًا من وقت المرؤوسين، ولذلك فإن إيجاز الحديث أمر أساسي جدًا، على ألا يكون الإيجاز على حساب توصيل الفكرة المطلوب وصولها إليه، فنحن دائمًا نقول إن الفكرة الجيدة يجب ألا تتعدى صفحة واحدة من دفتر المذكرات، وإن كان بالكلام فإنها يجب ألا تتعدى ركوب المصعد الى الدور الرابع فقط، فهل يمكننا ذلك؟
5ـ لا ترفع مشاكلك إلى الرؤساء بصورة دائمة مملة: فالمسؤولون يتوقعون أن يقوم الموظفون بحل مشاكل العمل اليومية بأنفسهم إلا فيما ندر والتي تحتاج فعلاً إلى تدخل إداري، فليس من الحكمة أن نطرق باب المسؤول بين الفينة والأخرى، لأنه حدثت مشكلة تافهة بين فلان من الموظفين والآخر بسبب تحريك كرسي أو طاولة أو ما شابه ذلك.
6ـ التزم اللباقة: أن تكون لبقًا يعني أن تكون دبلوماسيًا، فإن كنت ترغب في عرض فكرة، أو رأي، أو موضوع فمن المستحسن أن ننظم أفكارنا على نحو يجعل من هذا الرأي هو الخيار البديهي، وإن أمكننا نجعل الرئيس هو من يصوغ الفكرة بنفسه وبكلماته، فيكون ذلك أفضل.
ومن اللباقة أيضًا أن نعرض على المسؤول عددًا من الخيارات، بدلاً من أن نطرح حلاً واحدًا، مع شرح واف لكل فكرة وعرض محاسنها ومساوئها، وبعد ذلك نترك الأمر للمسؤول ليتخذ القرار المناسب، وفي المقابل إن تقدم المسؤول بأي اقتراح أو فكرة فإنه يجب ألا نتسرع في نبذها، فمن الأفضل أن نقوم بدراستها بدقة، ونحاول أن نتعرف على إيجابياتها وسلبياتها، وإن لم نوافق على الفكرة فمن الأفضل أن نستخدم الأسلوب الإيجابي في طرح أفكارنا، كأن نقول مثلاً: «هل يمكننا إجراء هذا التغيير من دون إحداث تعطيل كبير؟» أو «ربما تعترض الإدارة الفلانية على الفكرة، فهل يمكن أن نعيد صياغتها بالطريقة التالية ..»، مع توضيح بعض النقاط التي غابت عن رأيه.
7ـ لا تتكلم بسوء عن المسؤول: وهذا لا يعني أبدًا ذلك أن نمدح المسؤول في كل شارة وواردة، وأن نتملقه بمناسبة أو من غير مناسبة، وإنما القصد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال: رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذ كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره». كما يجب أن نبرز حسنات الرئيس أمام الآخرين، وخاصة أمام منافسيه. وكذلك فإنه من غير اللائق أن ندلو بأي معلومات جديدة في اجتماع بحضوره، فإن ذلك يقلل من شأنه، بالإضافة إلى أنه يرى بعض الباحثين في مجال التنمية البشرية في مجال الإدارة أنه يتعين – أحيانًا – أن نتنازل للرئيس عن شرف إتمام عمل يعود الفضل فيه إليه، فهذا فيه مصلحتك على المدى الطويل بشرط ألا يتحول ذلك «سرقة» مزمنة لأفكاركم. ويقول أحدهم «عندما تبدو صورة رئيسكم جيدة فصورتكم أنتم أيضًا تبدو جيدة. وعندما ينال هو ترقية، فإن نصيبكم في الترقية يصبح أفضل».
8ـ أبرز الجوانب الإيجابية: بصورة دائمة، يجب أن نبرز الجوانب الإيجابية لجميع العاملين وزملاء العمل وخاصة للمسؤول، فمن الجميل أنه عندما يرد اسم أحد الزملاء أمام الرئيس أو الريس أمام المسؤولين في الإدارة العليا أن نذكر حسناتهم لا سيئاتهم، فذلك يجعلكم في نظره كلاعبين في فريقه ويعزز سمعتكم كأشخاص يحسنون التعامل مع الناس.
9ـ التزم عادة البكور: لنتذكر دائمًا أن الوصول باكرًا الى العمل شبيه بالقول: «إنني متشوق لبدء العمل»، بينما المكوث بعد الدوام يعني «أنني لم أنجز عملي بعد»، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم بارك لأمتي في بكورها». ونحن نعتقد أن التبكير لا يعني الحضور مبكرًا فحسب، وإنما الإسراع في إتمام العمل وعدم التسويف وكل ما يؤدي إلى تأخير الأعمال.
10ـ كُن وفيًا: فإن وعدت المسؤولين بشيء فالتزم به، وإن أظهرتم أن في استطاعتكم إنجاز عمل ما وأخفقتم في إنجازه، فإنه من المستحسن أن تذكر ذلك للمسؤول مع ذكر الأسباب الحقيقية للإخفاق، وإن أيقنتم أنكم عاجزون عن تسليم العمل في الوقت المحدد، فأعلموا الرئيس بذلك، وسيكون انزعاجه أقل كثيرًا مما لو اكتشف الأمر لاحقًا. ويقول المستشار الإداري وليم ديلاني: «أفضل لكم أن تقترفوا خطأ شريفًا وغير مقصود من أن يذيع صيتكم كأناس لا يؤثق بوعودهم ولا يعتد بكلامهم».

وربما يختلف معي الكثيرون في بعض النقاط، وربما يتفقون معي، ولكن في النهاية ما نريد أن نقوله إنه يجب أن تتعايش مع مسؤولك مهما كان، لذلك حاول بطريقتك أن تكسبه إلى جانبك، ولكن كن حذرًا من التملق والمداهنة، فإن مثل هذه الأمور يمكن أن تكتشف بسهولة.
كل ما عليك أن تكون أنت نفسك، ولكن مع تقديم احتراماتك وقبولك للطرف الآخر.

ولكن تبقى قضية أخرى، كيف نتوقع من المسؤول الذي يتم معاملته بهذه الطريقة أن يتعامل مع مرؤوسيه؟ هل يتعامل معهم بالمثل والاحترام؟ وهذا موضوع آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق