الأحد، 2 مارس 2014

المسئولون أنواع.. كيف نتعامل معهم؟.. (المسئول الدكتاتور)

 

  تاريخ النشر في جريدة أخبار الخيج :٢ مارس ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

ونحن نتحدث عن الشخصيات الإنسانية وطرق التعامل معها، نواجه بالعديد من النماذج في عالم الإدارة وخاصة أنواع المسئولين الذي يتحكمون في رقاب الموظفين، ويعتبرون أن المنصب الذي يشغلونه يمنحهم الحق في هذا النوع من التحكم، حتى وإن كان المنصب الذي يشغلونه جزءا من منظومة حكومية أي قطاع عام، وليس قطاعا خاصا.
ولقد وجدنا أن المراجع تعدد أنواعا مختلفة من نوعيات المسئولين وكيف يصبغون تلك الإدارات بلونهم الخاص، وللأسف لا يوجد اتفاق على عدد معين من تلك النوعيات ولا أنواعها، فبعض من تلك المراجع يقسمهم إلى نوعين والبعض الآخر إلى أربعة أنواع، وكما نقول دائمًا هذه التقسيمات وتلك النوعيات تتم وفق تخصصات الكاتب أو الباحث، ولكن المهم هناك هو كيف نتعامل مع كل تلك الأمزجة وكل تلك الشخصيات؟
في هذا المقال والمقالات التالية سنحاول أن نستعرض بعضًا من تلك الشخصيات وسنحاول أن نسلط بعض الأضواء على بعض الطرق للتعامل معها.
أولاً: المدير الأوتوقراطي ويعرف أحيانًا بالمدير الدكتاتور، ولهذا المسئول منهج واحد لا يتغير، ويجسده قوله تعالى في سورة غافر - الآية 29 على لسان فرعون (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، هكذا ببساطة.
هذا المسئول يعتقد أن النساء عجزن أن يلدن مثله، فهو القائد الفذ الملهم الذي يعلم كل شيء ويفهم كل شيء، وإن قيادته أفضل مما كان ومن يكون، لذلك يتوقع خضوع كل العاملين له، فإن لم يخضعوا فإنه يستعين بأساليب القهر والتهديد. يجلس وحيدًا ويفكر وحيدًا ولا يدع فرصة للعالمين – أيًا كانوا – أن يشاركوه الأفكار، فهم أتباع وليسوا شركاء. وإن اجتمع معهم فهو الذي يملي ما يريد قوله، وإن شكّل لجان فإنه يقرر عملها وواجباتها وبرنامجها والخطوات التي يجب أن تسلكها وربما يقوم ببعض أعمالها، هذا إن لم ينصب نفسه رئيسًا للجنة، والجميل في الموضوع أنه إن خرج في إجازة فإنه لا يكلف أحدًا ليقوم بمهامه.
هذا النوع من المسئولين يحب أن يجمع حوله المنافقين والمؤيدين والمطبلين، لذلك فإن النتيجة تكون استشراء الفساد في كل أنحاء العمل، وبذلك يتعطل العمل الفعال والايجابي، وكذلك تولد الرغبة لدى المرؤوسين بعدم تحمل المسؤولية، وتدني مستوى رضاهم الوظيفي، وإلى إحكام السيطرة وانتظام مظاهر العمل وربما إلى ارتفاع مستوى الأداء والانضباط بحضور هذا المسئول مقابل تناقصها في حالة غيابه.
حسنٌ، كيف نتعامل مع هذا النوع من المسئولين؟
ابدأ دائمًا بالنقاط العشر التي ذكرناها في مقال السابق «شعرة معاوية في العلاقات الإنسانية» فهي تعطيك فكرة كاملة وواضحة عن الأساليب العامة للتعامل مع البشر، ثم يمكنك أن تقوم بالتالي:
1ـ تعرف على نفسك، ونقصد أن تتعرف نقاط قوتك ونقاط ضعفك، ولا تترك له أو لغيره فرصة للانقضاض عليك عبر نقاط ضعفك، لذلك طور نفس من الناحية المهنية بقدر الإمكان.
2ـ تحلّ بأخلاقيات الصبر والهدوء، فهما سلاحك، فهو يحاول أن يستفزك باستمرار ليوقعك في الخطأ ليمسك أي شيء يدينك.
3ـ يمكنك أن تدرس هذا المسؤول والسبب الذي – ربما – جعله يسلك معك أو مع غيرك هذا السلوك، فهل هو شخص عصبي المزاج دائم الصراخ في وجه موظفيه؟ أم هو من النوع الذي لا يعرف ما يريد ودائمًا ما يغير مهام العمل ولا تستطيع الإيفاء بمتطلباته كما يريد؟ أم هو من النوع الحقود الذي يخشى أن تتفوق عليه فيكبح طموحك وإبداعك؟ فكل الأنواع السابقة يمكن التعامل معها بنجاح بخطوات بسيطة.
أما النوع الأخير ونقصد به «النوع الحقود» فيتطلب منك مهارة خاصة، فهذا النوع من المديرين يتوجب عليك الاحتراس منه، وأن تشرك المستوى الأعلى من الإدارة في مناقشات العمل بينكما ولو عبر البريد الإلكتروني؛ كأن تضع بريد رئيس المنشأة أو من يرأس مديرك في العمل في البريد الخاص بتسليم مهام أو أفكار معينة من جانبك حتى لا ينسبها مديرك الى نفسه أمام رئيسه، ولكي يدرك رئيس المنشأة مهاراتك وخبراتك في العمل إن لم يكن المدير المباشر يوصلها اليه بأمانة.
3ـ لا تناقشه على الفور وخاصة أمام الموظفين حتى وإن استشارك أو كنت في اجتماع، ولا تقل له ان فكرتك خطأ بصورة مباشرة، وإنما حاول أن تطرح فكرتك بأسلوب علمي موثق سواء على ورق أو عبر البريد الإلكتروني، حتى لا يدعي أن الفكرة فكرته.
4ـ يجب أن تختار الوقت المناسب لمناقشته وعرض الأمور عليه، ولا تشير في حديثك معه أو طرح فكرتك سواء من قريب أو من بعيد أنك أفضل منه أبدًا، فهذا الموضوع يستفزه.
5ـ يجب أن تختار طريقة مناسبة للنقاش وتقديم رأيك له بطريقة جيدة مع جعل روحك المعنوية مرتفعة أمامه، وقليل من المجاملة – لا يضر – مع تقديم معلومات كافية وواضحة له، ولكن من غير أي نوع من النفاق أو المبالغة في المجاملة.
6ـ تجنب ما يغضبه أو يثير غضبه واستفزازه.
7ـ في الاجتماعات والتجمعات العامة حاول أن تبرهن أنك مهتم بكلامه وتنفيذ تعليماته حتى وإن كانت كل أفكاره خطأ، ولاحقًا عند الهدوء يمكنك مناقشته إذا استدعى الأمر ذلك.
8ـ لا تتحمل أخطاءه مهما حدث، ولا تدعه يحملك أخطاءه أمام المسئولين في الإدارة العليا، مهما كانت الأسباب.
9ـ إن استدعى الأمر أعطه تقريرًا يوميًا وأطلعه على كل مجريات العمل، بقدر الإمكان، فهذا النوع من المسؤولين في حاجة دائمًا إلى معلومات ثابتة. وأفضل طريقة للتعامل مع المهووس بالسيطرة هو وضع تقرير بكل التفاصيل حتى يغرق فيها، وإن كان ذلك مرهقًا بالنسبة لك لكنه سيبعده عن رأسك حينًا من الزمن.
10ـ طريقة أخرى للحفاظ على هدوء أعصابك، هو أن تسأل الكثير من الأسئلة حول المهام أو المشاريع التي قد يعطيها لك. إنه يستخدم المعلومات للسيطرة على مرؤوسيه، لأنه يعتبر طالما لديه معلومات فإن السلطة بيده. طرح الأسئلة يساعدك على الحصول على أكبر قدر مما يعرفه من معلومات ويخفيها عنك. ولكن ضع في اعتبارك أنه لا يحجب المعلومات لتفشل، بل لتظل ترجع إليه لطلب المعلومات والمساعدة، لأن ذلك يعطيه شعورًا بالأهمية، والأهم من ذلك أن يظل مسيطرًا عليك.
11ـ ومع ذلك فإنه لا ينبغي أن تقترب منه كثيرا، ولا تحاول أن تتعرف على خصوصياته وأسراره، اجعل العلاقة التي بينك وبينه علاقة مهنية بقدر الإمكان.
12ـ مهما حدث وحاول هو أو غيره فإنه لا يجب أن تتصادم معه، مهما كانت الظروف، إلا إذا بلغت الأمور الحلقوم، فإنه يمكن أن تلجأ إلى الإدارة العليا لتوضيح ما أنت فيه، ولكن من غير تقديم شكوى.
عمومًا، على الرغم من كل الذي قلنا فإن العلاقة ستكون دائمًا متوترة بينك وبين مديرك الذي من النوع الدكتاتوري، وخاصة إن وضعت في ذهنك أنه إنسان ظالم ومتسلط، لذلك باختصار فإن أفضل طريقة لك هي أن تؤدي واجباتك الوظيفية على أحسن ما يكون، وأن تتقيد بالنظم الإدارية، والإجازات، والتقييم، وأن تحضر إلى عملك باكرًا وأن يكون سلوكك عقلانيًا، ثم دع الأمور تجري كما تجري، فمن خلال ذلك نعتقد أن المدير لن يستطيع أن يظلمك وخاصة إذا ابتعدت عنه قليلاً.
zkhunji@hotmail.com
@Z_khunji

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق