الأحد، 4 مايو 2014

شخصيات الموظفين المختلفة.. كيف نتعامل معها؟

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٤ مايو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

ما زلنا نتحدث عن شخصيات الموظفين وأمزجتهم المختلفة، وهذا أمر طبيعي بعدما ألقينا بصيصا من الضوء على شخصيات المسؤولين وأمزجتهم المختلفة. وفي المقال الماضي تحدثنا عن مجموعة من الصفات منها: الشخصية الخشنة والودودة والمترددة وذو ردود الفعل البطيئة والعدواني وأخيرًا مدعي المعرفة. وبعد المقال السابق كتب لي أحد الأخوة القراء يسأل عن شخصية الموظف الوصولي «الذي لا يشبع من المديح، وهو يألب عليك الموظفين ويحزب ضدك، ولكن في نفس الوقت خبير في مجال عمله وذو طاقة عمل كبيرة». لذلك سنحاول اليوم أن نسلط الأضواء على بعض من تلك الشخصيات المتناقضة التي تعيش معنا في بيئة العمل.

الشخصية الوصولية
هو كل شخص يعمل على تحقيق أهدافه وغاياته وحاجاته بمختلف الوسائل المشروعة أو حتى غير المشروعة والبعيدة عن القيم والمبادئ والأخلاقيات، مطبّقًا مبدأ النفعيّة ومستغلاًّ لذلك علاقته بالآخرين للوصول إلى ما يريد، أو لتحقيق الامتيازات من دون أي مجهود أو تضحية، معتبرًا أن سلوكه ممارسة ذكية.
وهو مثال للإنسان الخائن الذي يبرّر خيانته لشخص بخيانة آخر حفاظًا على موقعه وأهدافه، ونادرًا ما يشعر بوخز الضمير، هو الرجل المقنّع الذي يخفي خلف قناعه جلاّدًا ومسكينًا في آن واحد، إذ يبكي ويتمسكن حين يشعر بالتهديد ويجد نفسه في موقع المساءلة، ويصبح شرسًا وعدائيًّا عندما يشعر بالتفوّق. عدائي ينزع إلى الإطاحة بالآخر ليحفظ بقاءه أو لضمان السيطرة على الحيّز الذي يشغله، والاستيلاء على ما لدى الآخر من مركز أو مال أو علاقات اجتماعية يستغلّها لمصلحته الشخصية.
هو أسير القلق الدائم من افتضاح أمره ومن فشله في تحقيق مآربه ويرتعد عندما يشعر بخطر يهدّده.
وعلى الرغم من قلة كفاءة هذا الإنسان فإنه يكرس جل وقته للترقي في المناصب والتقلب فيها، لذلك فهو على استعداد لتنفيذ كل المتطلبات المعروضة عليه، وخاصة إن جاءت من المسؤولين الكبار، وهي شكل من الأنانية في الميدان المهني. الوصوليون يبيحون لأنفسهم استخدام جميع الوسائل للوصول إلى أعلى المراكز ولو على حساب الآخرين، ويتملقون ويتقربون من رب العمل بحجة أنهم الأفضل، لهم أسلوبهم في استمالة المسؤول لا يدخرون جهدًا لإثبات تفوقهم وإن داسوا على زملائهم في العمل، حتى إننا نقول عادة إنهم ماسحو أحذية المسؤولين وحاملو البشوت والمباخر.

كيف نتعامل معه؟
1- يجب أن تتعامل مع هذا الشخص بحرفية، فيمكنك أن تستفيد من قدراته وعلمه في العمل، وتعطيه حقه ولا تبخسه، ولكن لا تعطيه الفرصة أن يستغلك وأن يركب على أكتافك للوصول إلى المسؤول الأعلى، الذي ربما ينقل إليه ما تريد وما لا تريد.
2- ألزمه باللوائح والقوانين والأنظمة الداخلية، والتي من أهمها عدم تخطي مسؤوله المباشر، مهما كانت الظروف.
3- يجب أن نشعره أن المناصب - يجب - أن تكون بحسب الكفاءة والقدرات، وليس بحسب نقل الأخبار والتملق والتقرب من المسؤولين، وإن كان الواقع غير ذلك، حيث إن الكثير من المسؤولين يحبون المصفقين والمتملقين والذين يفتحون الأبواب.
4- هذه النوعية من الشخصيات تعد من أصعب الشخصيات في التعامل، فلا ينفع معها - في الكثير من الأحيان - اللين والهدوء، ولا القسو والخشونة ولا حتى تطبيق اللوائح والأنظمة، فهو يستطيع أن يمتص كل ذلك بالتقرب إلى المسؤول الذي أعلى منك، وخاصة إن كان ذلك المسؤول يحب هذه النوعية من الأفراد، لذلك يمكن بالتعاون مع بقية موظفي الإدارة التحدث معه بصراحة وتوضيح له أنه مكشوف أمام الجميع، وعندها يمكن أن ينبذ من بقية فريق العمل، ولكن على الرغم من ذلك فيجب أخذ الحذر والحيطة عند التعامل معه، فهو غير أمين، ولا يتورع عن فعل أي شيء ليحافظ على نفسه ومكتسباته.

الشخصية الاتكالية
الشخصية الاتكالية أو الاعتمادية، وهي شخصية غير واثقة بنفسها وغير قادرة على القيام بالأعمال التي تخصها وحدها من دون الاعتماد على الآخرين، وهذه الشخصية تنفرد بعدم القدرة على مواجهة صعوبات الحياة وافتقارها الى الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، وأنها تعودت على التدليل والمبالغة بإشباع الحاجات من دون تحمل للمسؤوليات، وأنه يميل إلى التعلق بالآخرين ليقوموا بمهامه لأنه يتجنب القيام بها، ولا يستطيع حل المشكلات التي تواجهه فهو غالبًا يبحث عن الحلول عند الآخرين، وتزيد درجة قلقه إن ألقيت عليه مسؤولية ما، ويخاف من ردود أفعال وخاصة الناس الذي يحيطون به.
هذه النوعية من الشخصيات عادة ما تشكل عبئا على بيئة العمل، ويسبب عدم الرضا للموظفين الذين يعملون أو يتعاملون معه.

كيف نتعامل معه؟
عادة يعاني الشخص الذي تظهر عليه هذه الصفة بسبب التربية التي تلقاها في صغره، فربما لم تمنح له فرصة الاعتماد على النفس، لذلك فإن دخوله في عالم العمل والمهنة تحتاج من المسؤولين الصبر ومراعاة قدراته، حيث قد يمتلك هذا الشخص إمكانيات جيدة، وكل الذي يحتاج إليه قليل من الثقة بالنفس، وربما الثقة الزائدة أيضًا، وإن كان ذلك ليس من مسؤوليات جهات العمل، ولكن إن كانت هناك إمكانية للتعامل مع هذا الشخص، فإن المسؤول يمكنه أن:
1- عدم الغضب من صاحب هذه النوعية من الشخصيات والتسرع عليه.
2- يمكن تكليفه ببعض الأعمال – وخاصة في البداية – التي تحتاج إلى اتخاذ قرار، واتركه يتخذ القرار، ولا تتخذ عنه القرار أنت، ويمكنك منحه التشجيع اللازم إن تطلب الأمر.
3- عند تكليفه ببعض الأمور قم بتبسيط الأمور له، وأفهمه أن القلق طبيعي.
4- انظر الى العالم من منظوره وأفكاره، ولا تتجاهله مهما استفزتك شخصيته، وإنما حاول أن تجد الجوانب الإيجابية التي يتمتع بها.
5- حاول أن تتفهم نفسيته، واشرح ذلك لفريق وزملاء العمل.

شخصية الصياد
هو الإنسان الذي يحب - أو بالأحرى متعة حياته - أن يتصيد أخطاء الآخرين، مهما كانت صغيرة، وغير مؤثرة، فيقوم بتحويلها الى قضية وما أن تنتهي حتى يقوم بتصيد أخرى، ويجعلها محور حديث ذلك اليوم، وبالتحديد لمن يعلونه في الرتب والمسؤوليات حتى يبين للجميع أنه قادر على أن يحل كل تلك المشاكل وأن يعدل كل تلك الأخطاء لو منح الفرصة المناسبة لذلك.

كيف نتعامل معه؟
ومن أكبر الأخطاء في أن نتعامل مع شخصية الصياد أن نعامله بالمثل، فتصبح الحياة العملية وفي بيئة العمل عبارة عن مجموعة من الاتهامات المتبادلة بلا توقف، بل يفضل أن يكون التعامل معه كالتالي:
1- على المسؤول أن يستوضح وبهدوء بمجموعة من الأسئلة الواضحة حول الواقعة أو القضية ومحاولة معرفة النقاط الدقيقة التي جعلت من الصياد ينظر إليها على أنها مشكلة.
2- على الشخص الذي نقل عنه الموضوع ألا ينسحب ويترك الموضوع، فإن ذلك يجعل الصياد يشعر أن ذلك الشخص صيد سهل، يمكنه أن يعيد الكرة إليه مرة ومرات.
3- إن كان الصياد يبحث عن الفرصة حتى يقوم بحل المشاكل والأخطاء كما يدعي، فيمكننا أن ندخله في فرق العمل واللجان ويوضع بين يديه عدد من المشاكل مع تحديد فترة زمنية ليقوم بحل المشاكل والأخطاء، فإن ذلك يخفف كثيرا من حدته وتصيد أخطاء الآخرين.

هذه بعض الصور والشخصيات التي نعايشها ويتعايش معها المسؤولون، فكما أن هناك بعض المسؤولين يصعب التعامل معهم بسبب شخصياتهم الصعبة، فإنهم أيضًا يعانون من عدد من الموظفين صعبي المراس الذين يحتاجون إلى حكمة وتروي للتعامل معهم، وما زال لنا لقاء في نفس الموضوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق