الثلاثاء، 20 مايو 2014

كيف نتعامل مع شخصيات الموظفين المختلفة.. للمرة الأخيرة؟

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٨ مايو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

سنحاول في هذا المقال أن ننهي - ولو مؤقتًا - الحديث عن شخصيات الموظفين المختلفة، بعدما تطرقنا إلى العديد من الفئات التي تعيش معنا ونعايشها شئنا ذلك أم أبينا، بعض من تلك الشخصيات خطير على نفسه قبل أن يكون خطيرًا على الآخرين، لذلك من الذكاء والفطنة أن نعرف كيف نتعامل مع كل هؤلاء البشر. واليوم سنحاول أن نتطرق إلى آخر صنفين.

الموظف المغرور
إن شعورنا بالرضا عن إنجازاتنا وتفوقنا مبرر إلى حد ما، ولكن أن يتحول هذا الشعور إلى انتفاخ وتكبر على من حولنا من الموظفين فإن هذا الأمر لا مبرر له، لأنه سيصبح أشبه بالهواء الذي يدور داخل بالون، فما أن تأتيه أول إبرة واختبار فما يكون من هذا البالون إلا أن ينفجر.
عادة ما يكون المغرور ناجحًا في مجال العمل وخاصة في بداياته، حيث يلمع نجمه وتشرق أضواؤه، وعندها يصل إلى غاية النجاح في العمل، ولكن فجأة نجد أن هذا البريق يخفت، وهذا النجاح يتحول إلى كابوس، وذلك لأن غرور هذه الشخصية يجعلها تعتقد أنها لا ترتكب أي خطأ، إلى جانب أن غرور شخصية هذا الإنسان تجعله لا ينمي مهاراته، فهو يرى أنه أفضل إنسان في الكون، وأن ذكاءه وقدراته لا حدود لها وبالتالي لماذا يطورها إذن؟ ومن هنا يتحول النجاح الذي حققته شخصية الإنسان المغرور في بداية طريقها الوظيفي إلى فشل ذريع، والغريب أنه بعد هذا الفشل لا يرى الرجل المغرور أنه هو السبب فيه، وإنما يعتقد أنها مكائد حيكت ضده.
وتجد الدراسات أن السبب الرئيسي وراء الغرور الذي يتملك شخصية هذا الإنسان هو شعوره بالنقص، ومحاولته لأن يداري هذا النقص عن طريق الغرور، ولذلك نجد أنه بمجرد أن تسمع شخصية الإنسان المغرور كلمة طيبة أو أن تشعر بلمسة حنان تظهر حقيقة هذه الشخصية، ويزول عنها هذا الغرور، وذلك لأنه تم تعويض النقص والحاجة الى الحنان التي تدفع هذه الشخصية المغرور لاتخاذ التكبر والغرور ستار لتصرفاته.
ومن أهم مشاكل المغرور أنه لا يرى الخيط الرفيع ويعمي نور الحقيقة عينيه، ليعتقد أن هذا الغرور الذي يسيطر عليه ما هو إلا ثقة بالنفس زائدة يحسده الناس عليها، ولذلك يجب أن ندرك أن المغرور لا يرى مطلقًا أن الغرور يسيطر عليه، ويكّذب كل من ينعته بالغرور، ففي نظره هو شخصية واثقة من نفسها لأقصى الحدود.
يتميز المغرور بأنه يتمتع بكم كبير من الإصرار، وهذا الإصرار هو الذي يجعل هذه الشخصية تعود الى مواجهة الحياة بعد الفشل بسرعة وقوة، وللأسف يقع الكثيرون في خطأ كبير عند التعامل مع شخصية الرجل المغرور، وهي محاولتهم لدك عنقه وكسر غروره، وهذا لا يجدي نفعًا مع هذه النوعية من الشخصيات حيث إن هذا الإنسان يحترف العند، ولكن من الأفضل أن يتعامل الناس مع المغرور على أنه شخصية مريضة بحاجة إلى الحنان، وتعويض ما بداخلها من نقص؛ فإظهار الاهتمام لهذا الإنسان ومحاولة احتوائه هي الطريقة المثلى للتعامل معه.

كيف نتعامل معه؟
نعتقد أن التعامل مع المغرور أسهل بكثير مما نظن، هذا الإنسان يحتاج الى أن نعامله على أنه إنسان طبيعي – على الرغم من علمنا أنه مغرور ومريض نفسيًا – وكأنه ليس به شيء مختلف عن بقيه الناس، وسيكون هذا كافيًا – نوعا ما – لجعله يتفاداك تماما، فعندما يشعر هذا الشخص أنه مهمل وأنك تتجاهله فإنك تذكره بالجرح الذي في نفسه، وربما يكون ذلك كافيًا لجعله يتخلى عن غروره معك، ولو للحظات.
وإذا كان الشخص المغرور قريب منك أو شخص مهم بالنسبة إليك فحاول أن تلفت انتباهه تجاه أخطائه تلك بطريقه لبقة حتى تساعده، ولا تواجهه بتلك الحقائق بوسيلة مباشرة وإلا ستخسره كصديق، حاول مساعدته قدر المستطاع ليكتشف تلك الحقائق بنفسه بدلاً من أن تخبره بها بشكل مباشر. ويمكن اتباع بعض الطرق الآتية:
1- كن هادئًا، أضبط أعصابك، لا تغضب، وأترك المغرور يتحدث حتى ينتهي من كلامه.
كن موضوعيًا، ولا تأخذ الكلمات القاسية على أنها إهانة شخصية، حدد هدفك معه، وحاول أن تتجه بفكرك، ثم بحوارك لتحقيقه.
2- وعندما تتمكن من بدء الحوار، أشرح الفوائد المتبادلة، لكل وجهات النظر، وقدِّم بدائل الحلول أو المسائل. قل لمَن تخاطبه: الاقتراح الذي أقدمه يعطيك الفوائد الآتية... وأذكر له الفوائد.
3- كن حريصًا على أن كل ما تقدمه يكون مدروسًا بكل دقة، وأن تكون لديك البيانات الكافية للاقتراح، قل له: أنا واثق من أنك ستوافق على هذا الاقتراح، لأنه يحل المشكلة الفلانية، ويعطي الفائدة الفلانية. قدم المستندات متى لزم الأمر، فالمستندات تجعل القاسي على استعداد للتفاهم، وتجعل العنيد يراجع عناده.
4- ويمكن أن يكون اقتراحك مكتوبا على الورق، فمتى وافق أطلب اعتماده على الاقتراح المكتوب.
5- كن واضحًا في أن اقتناع أحدكم برأي الآخر، لا يعني انتصار أحد على أحد، فهذه ليست حربًا، بل أنتم معًا في نفس السفينة، والقرار قد يؤثر عليكما معًا.

الموظف المادي
قال لي أحد المديرين: كانت تعمل معي ذات يوم موظفة، وكانت لا تدخل الخيط في الإبرة إلا بمقابل مادي معين، وكنت أكلفها في بعض الأحيان ببعض الأعمال بعد الدوام الرسمي وكانت تشترط وتتفق على المقابل المادي قبل أن تمس أي شيء، وكنت دائمًا أعتقد ان هذا حقها. وذات مرة أرسلتها إلى دورة تدريبية لمدة أسبوع، وتصادف أنه كان لدينا – أي الإدارة التي نعمل فيها – مؤتمر في نفس الفندق وفي نفس الوقت، فكانت تلك الموظفة عندما تنتهي من الدورة تأتي لتجالس الموظفين ثم كانت تتغدى، وكانت تقول لي: هل تريد مني أن أجلس في المؤتمر بعد العصر؟
يقول المدير: من الطبيعي كنت أوافق، فلا ضرر من بقائها في المؤتمر، حيث إن وقت المؤتمر مستمر حتى المساء.
ومرت أيام الدورة والمؤتمر، وفي نهاية الشهر جلبت لي قائمة بالأوقات الإضافية التي عملت بها، وكلها كانت عبارة عن حضور المؤتمر بعد الدوام الرسمي، وعندما ناقشتها في ذلك، قالت بكل بساطة: أنت وافقت على حضوري ووجودي، وهذا وقتي الخاص، فأدفع لي مقابل هذا الوقت.

كيف نتعامل معه؟
من الواضح أننا نتحدث عن شخصية تحب المال الذي تعتبره سر الحياة، فمن غير المال لا يمكن أن يتحرك ساكن، فلا الكلمة الحلوة تنفع، ولا رسالة الشكر تجدي، فكل الأمور المعنوية أو التشجيعية لا تسمن ولا تغني من جوع، أدفع إلي مبلغا من المال تجدني أمامك أؤدي لك عملا.
1- لا يجب أن نغضب من تصرفات هذه الشخصية وإن كانت شخصية – في الغالب – مستفزة، فهذا حقه وإن كان هذا الحق مبالغا فيه، وإنما يجب أن نتفهم بأقصى حد ممكن.
2- إن كانت الشخصية تستفزك بصورة كبيرة، فيمكنك أن لا تكلفه بأي عمل خارج الدوام الرسمي، إلا للضرورة القصوى.
3- وإن كان هذا صعب لأنه سيكون واضحًا أنك تتجنب هذا الشخص، فيمكن أن توزع العمل بنوع من العدل والمساواة بين كل الموظفين الموجودين في إدارتك أو قسمك.
4- لا تتعامل معه إلا بصورة رسمية ومن خلال الورق، مع تحديد الفترة الزمنية التي يجب أن يعمل بها، والتي يمكن منحه المقابل المادي عليها.
5- لا تقبل أن يحول العمل اليومي الروتيني إلى العمل خارج الدوام الرسمي بأي حال من الأحوال.

عمومًا، سيتوقف حديثنا هنا عن شخصيات الموظفين وإن كانت هناك العديد من الشخصيات التي لم نتناولها بعد، ولكن إن كانت هناك ضرورة في المستقبل فإنه يمكننا أن نطرح الموضوع مرة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق