الأحد، 27 أبريل 2014

الموظفون أنواع وأمزجة .. فكيف نتعامل معهم ؟

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢٧ أبريل ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

خلال الأسابيع الماضية، ونحن نحاول أن نسلط الأضواء على بعض الأنواع من المسئولين والطرق المثلى للتعامل معهم، خابرني عدد من الأخوة المسئولين -من القطاعين العام والخاص- يلومونني لأني -كما حسبوا- تجاهلت معاناتهم في التعامل مع الموظفين بأنواعهم وأمزجتهم المختلفة.
فقال أحدهم: عندي موظفة لا تعمل إلا بدفع الوقت الإضافي حتى وإن عملت في وقت الدوام، فذات مرة رفعت لي تقرير عملها للشهر الفائت، وذكرت فيه أنها عملت كذا ساعة إضافية، وفي الحقيقة أنها لم تعمل فرفضت أن أوقع لها على التقرير، فقالت: إنها عملت وعملت وعملت.. فإن كنت لا تصدق فقد عملت في البيت كل هذه الساعات. يقول هذا المسئول: وأنا أعرف أنها كذابة لأنه لا يوجد عمل بين يديها يستحق أن يُرحل إلى البيت، وعندما رفضت بشدة، لم تترك أحدا من أهلي إلا شتمته، وأنزلت لعناتها علي وعلى أولادي وكل الناس الذين يعرفونني، ثم صفقت الباب وخرجت، والغريب أنها من بعد ذلك الحادث زعلت ولم تكلمني حتى اليوم، تصور !
ومسئول آخر يقول: عندي موظف لا يعمل وعندما أحول له عملا، يقول: أنا أعمل بقدر راتبكم! أو يكرر جملته المعهودة: ألا يوجد في الإدارة إلا أنا حتى أقوم بهذا العمل؟
وموظف لا يداوم إلا في وقت متأخر، وعندما يتم تأنيبه يهرع إلى والده الذي يأتي ويدخل على المدير العام مباشرة، وعندها تمسح كل أوقات غيابه وتأخيره !
يقول أحد المسئولين كيف يمكننا نحن أن نتعامل مع كل هذه الأنواع والأمزجة من البشر، ونحن ليست لدينا سلطة إلا من خلال بعض البنود في القانون، الذي بموجبه يمكن أن يجدوا للموظف مخرجا إن رغب المسئولون الكبار في ذلك؟
وعدتهم خيرا، فالطرف الآخر من المعادلة هو الموظف، فمعظم الأدبيات تتحدث عن المسئولين وتتجاهل الموظفين، وإن كانوا يشكلون الثقل الموازي للمسئولين.
لنتحدث الآن عن الموظفين بأنواعهم المختلفة، ولنر كيف يمكننا التعامل معهم.

الموظف الخشن في التعامل: تجده قاسيا في تعامله حتى إنه يقسو على نفسه أحيانًا، ولا يحاول تفهم مشاعر الآخرين لأنه لا يثق بهم، ويكثر من مقاطعة الآخرين بطريقة تظهر تصلبه برأيه، ويحاول أن يترك لدى الآخرين انطباعًا بأهميته، مغرور بنفسه إلى درجة أن الآخرين لا يقبلونه، ولديه القدرة على المناقشة مع التصميم على وجهة نظره، ويرى نفسه أنه بخير، ولكن الآخرين ليسوا بخير.

كيف نتعامل معه؟
اعمل على ضبط أعصابك والمحافظة على هدوئك معه، ويجب أن تصغي إليه جيدًا، وتأكد من أنك على استعداد تام للتعامل معه، ولا تحاول إثارته بل جادله بالتي هي أحسن، وحاول أن تستخدم معلوماته وأفكاره أثناء الحديث ضده، وكن حازمًا عند تقديم وجهة نظرك واستعمل معه أسلوب: نعم... ولكن.. لكي تتفادى مهاجمته، وإن أمكنك ردد على مسامعه الآيات والأحاديث المناسبة، وفي الوقت نفسه يجب أن تفهمه أن الإنسان يُحترم على قدر احترامه للآخرين.

الودود ذو الشخصية البسيطة: تجده هادئا وبشوشا، وتتميز أعصابه بالاسترخاء وطيب القلب ويرحب بزواره، ومقبول من الآخرين، ولكنه -عادة ما يكون- غير منظم ولا يحافظ على المواعيد، وليس للزمن قيمة عنده، وفي الوقت نفسه يرغب في سماع الإطراء من الآخرين وحسن المعاملة، ويحب المرح أيضًا، ولديه شعور بالأمان ويرى نفسه بخير والآخرين بخير أيضًا، لكنه يتحاشى الحديث حول العمل، وتجده يثق بالناس ويثق بنفسه.

كيف نتعامل معه؟
قابله باحترام، وحافظ على الإصغاء الجيد، وحاول العمل على توجيه الحديث إلى الهدف المنشود ويجب المحافظة على مناقشة الموضوع المطروح وعدم الخروج عنه، وحاول المحافظة على المواعيد، وأفهمه مدى أهمية الوقت.

الشخص المتردد: يفتقر إلى الثقة بنفسه، وتظهر عليه علامات الخجل والقلق، ويجد صعوبة في اتخاذ القرار، وتتصف مواقفه غالبًا بالتردد، ويضيع وسط البدائل العديدة، وتجده كثير الوعود ولا يهتم بالوقت، ويميل إلى الاعتماد على اللوائح والأنظمة، وغالبًا تجده يطلب المزيد من المعلومات والتأكيدات، ويرى نفسه أنه ليس بخير والآخرين بخير.

كيف نتعامل معه؟
حاول زرع الثقة في نفسه، ويجب أن تخفف من درجة القلق والخجل عنده بأسلوب الوالدية الراعية، وساعده على اتخاذ القرارات وأظهر له مساوئ التأخير في ذلك، وأعمل على توفير نظام معلومات جيد لتزويده به، حاول أن تفهمه أن التردد يضر بصاحبه وبعلاقته مع الآخرين وأعطه مزيدًا من التأكيدات، وأفهمه أن الإنسان يحترم بثباته وقدرته على اتخاذ القرار.

الشخص ذو ردة الفعل البطيئة: يتميز بالبرود ويصعب التفاهم معه، ولا يرغب في الاعتراض على الأفكار المعروضة، ويتميز بدرجة عالية من الإصغاء، ويتفهم المعلومات، ويتهرب من الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه، ولا يميل إلى الآخرين فهو غير عاطفي.

كيف نتعامل معه؟
عالجه بأسلوبه من خلال إصغائك الجيد، وأظهر له الود والاحترام، واستخدم معه الصمت؛ لتجبره على الإجابة، ووجه إليه الأسئلة المفتوحة التي تحتاج إلى إجابات مطولة، ولتكن بطيئًا في التعامل معه ولا تتسرع في خطواتك.

الشخصية العدوانية المستعدة للمشاجرة: دائمًا عدواني ويثير المشاكل ويتمسك برأيه، ويعتمد فقط على نفسه، ويمكن إثارته بسهولة. تجده عابس الوجه، متقلب المزاج ومتوتر الأعصاب ويستخدم أسلوب الهجوم على الجوانب الشخصية، ويرفض الآخرين وأفكارهم ويبدي عدم الاهتمام، ويكثر من الصياح لكي يروع الآخرين.

كيف نتعامل معه؟
أصغ إليه جيدًا لكي تمتص انفعاله وغضبه ولا تأخذ كلامه على أنه يمس شخصيتك، وتمسك بوجهة نظرك ودافع عنها بقوة الحجة والبرهان وحافظ على هدوئك معه دائمًا، ولا تنفعل أمامه وأعده إلى نقاط الموضوع المتفق عليه، وابتسم وحافظ على جو المرح، واستخدم معه المنطق وابتعد عن العاطفة.

مدعي المعرفة: لا يصدق كلام الآخرين، ويبدي دائمًا اعتراضه، ويفتخر ويتحدث عن نفسه طيلة الوقت، عنيد، رافض، ومتمسك برأيه وشكاك، ويرتاب بدوافع الآخرين ويحاول أن يعلمك حتى عن عملك أنت.

كيف نتعامل معه؟
سيطر على أعصابك وحافظ على هدوئك التام وتقبل تعليقاته، ولكن عليك أن تثابر في عرض وجهة نظرك، والجأ في مرحلة ما إلى الإطراء والمدح ولتكن واقعيًا معه دائمًا، ولا تفكر في الانتقام منه أبدًا، واختر الوقت المناسب لمقاطعته في مواضيع معينة.

ختامًا، إن دراسة علم الشخصيات وطرح طرق التعامل معها تعد من العلوم الإنسانية الصعبة جدًا، وإن كنا نحاول أن نسبر غورها هنا، وإن كنا ألقينا بصيصا من الضوء على بعض الشخصيات فإننا نأمل أن تكون لنا لقاءات أخرى حول هذا الموضوع نفسه؛ حتى تكتمل لنا الصورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق