الخميس، 17 أبريل 2014

الأمن الغذائي في البحرين ؟

 

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 21 يونيو 1994

بقلم: د. زكريا خنجي

قلنا سابقًا وفي أعداد ماضية – سواء بلغة الأرقام أو بلغة الواقع – إن المنطقة العربية من أقصاها إلى أقصاها يستهلك من الغذاء أكثر مما ينتج بكثير، وبمعنى آخر أن هذا الجزء من العالم يعاني من فجوة غذائية يصعب ترميمها في الوضع الراهن الذي نعيشه، فما بالكم بجزيرة ذات مناخ صحراوي وتحيطها المياه المالحة من جميع الجوانب كالبحرين. وهذه قضية لم نرغب في الكشف عنها والتحدث فيها إنما أن تنقل إحدى الصحف المحلية يوم الأربعاء 15 يونيو 1994 عن أحد خبراء التغذية الذين زاروا البحرين مؤخرًا قوله "بأن الأمن الغذائي بالبحرين ممتاز" فهذا أمر لا نقبله مهما صدر عن شخص خبير ومبعوث من قبل منظمة دولية. ولم تكتفي الجريدة بهذا العنوان وإنما نقلت قول الخبير الذي قال (إن الأمن الغذائي في البحرين في وضع ممتاز من الجانب الكمي النوعي ...) ويقول في مكان آخر (أن البحرين من الدول المتميزة على المستوى العالمي في الوضع الغذائي الجيد حيث لا تعاني البحرين من أي نقص في جانب التغذية).

أيها السادة أن الواقع يقول أن البحرين تعاني – كما تعاني كل الدول العربية – من عجز غذائي يجب الانتباه إليه والسعي إلى تقليصه مهما كلف الأمر. فلا يغرنك أيها الخبير تكدس الأغذية في الأسواق والمحلات التجارية فما هي إلا نتاج دول أخرى سعينا إليها بمليء إرادتنا واضعين تحت أقدامها عوائد النفط حتى نملئ الفجوة الاستهلاكية التي نعيشها.

وأما بلغة الأرقام فإن الاحصائيات تشير – أيها السادة – إلى أن الأراضي الزراعية في البحرين قد زادت بنسبة 54% في عام 90 / 1991 بالمقارنة مع عام 74 / 1975، وهذا مؤشر جيد يدل على زيادة الاهتمام بهذا القطاع الذي كاد أن ينتهي، ولكن هذه الزيادة في الأرض الزراعية لم ترافقها زيادة في تطوير القطاع الزراعي، فقد تبين أن هذه الأراضي لم تستغل إلا لزراعة بعض المحاصيل الخضرية التي كانت تجود بها الأرض منذ سنين طويلة مثل الخس، الطماطم، الملفوف، البصل، القرع، البامية وما شابه ذلك، وغني عن الذكر أن هذه المحاصيل لا تشكل إلا جزء يسيرًا من غذاء الإنسان فلا يمكن أن يعتمد عليها اعتمادًا كاملاً في غذائه وغذاء أولاده كالحبوب والقمح والأرز التي ما زالنا نستوردها من الخارج.

وحتى لو افترضنا جدلاً أنه يمكن الاعتماد – ولو جزئيًا – على هذه المحاصيل، إلا أن الاحصائيات تشير إلى أن زراعتها في البحرين لم تحقق الاكتفاء الذاتي لسوق الاستهلاك المحلي، فعند المقارنة فيما بين عامي 88 / 1989 و90 / 1991 فإن الأرقام توضح إلى عجز كبير في معظم الخضراوات، فقد بلغ العجز في زراعة الطماطم 263 طن، الخس 212 طن، الجزر 71 طن، الباذنجان 96 طن، الشوندر 23 طن، البطاطس 34 طن، الطروح 320 طن، البامية 76 طن، ومن الطبيعي إذن أن نقوم باستيراد مثل هذه المحاصيل وغيرها لنعمل على التخفيف من حدة هذا العجز في الإنتاج.

وأما بالنسبة للثروة الحيوانية فإن نسبة العجز كانت واضحة فقد بلغت في الحليب الطازج حوالي 1461 لتر، وحوالي 8679 كيلوجرام للدجاج، واستوردنا معظم الأبقار والأغنام التي ذبحت في المسلخ المركزي. فهل هذا هو الأمن الغذائي الذي كان يقصده الخبير ؟

وللحقيقة نقول أن البحرين لم تحقق فائضًا في الإنتاج في عام 1991 إلا في البيض حيث بلغ الإنتاج المحلي بالمقارنة مع المستورد حوالي 10239 بيضة، مع العلم إننا نستورد الدجاج الذي ينتج هذا البيض، وبلغ فائض الملفوف حوالي 255 طن، القرنبيط 133 طن، والبصل الأخضر 148 طن.

على الرغم من إننا لا نتهم جهة معينة، فنحن وغيرنا يعلم أن هذا العجز ناتج – في أغلب الأحوال – عن الظروف البيئية التي نعيشها، فنحن نعيش في منطقة صحراوية يزيد فيها معدل البخر عن معدل تساقط المطر وتقل فيها المياه الجوفية ودرجة حرارتها في تزايد مطرد وظروف بيئية أخرى، إلا إننا وغيرنا يعلم – أيضًا – أن هذا هو واقع الوضع الغذائي في البحرين، فلماذا نخدع أنفسنا بقول إنسان لم يعش على هذه الأرض إلا لأيام قليلة، ولم يطلع على أبعاد هذه القضية إلا من خلال بعض الملفات وبعض الأشخاص.

وحتى لا نظلم هذه الأرض الطيبة فإننا نقول أن في البحرين ثروة لو وعينا لها وقدرناها حق التقدير فإننا نستطيع أن نخفف من عبء الفجوة الغذائية التي نعيشها، وهي الثروة السمكية التي سنحاول أن نتطرق إليها في الأسابيع القادمة إن شاء الله.

••••

رد على قارئ

نشكر الأخ القارئ على حسن جعفر على البطاقة التي بعثها بمناسبة يوم البيئة العالمي، كما ونشكره أيضا على جهده الواضح في إعداد الكلمات المتقاطعة تحت عنوان بيئتنا، ولكن أيها الأخ الكريم يسعدنا أن نخبرك بأن صفحة البراحة فيها متسع لمثل هذه المشاركات (الكلمات المتقاطعة)، ولكننا نأمل بمشاركاتك الأخرى عن القريب العاجل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق