الأربعاء، 23 أبريل 2014

أفيقوا .. فقد مضى يوم البيئة الإقليمي

 

مقال لم ينشر قط ..

بقلم: الدكتور زكريا خنجي

في الرابع والعشرين من شهر أبريل الماضي كان من المفروض أن نحتفل بيوم البيئة الإقليمي، ولكننا تعالينا على هذه المناسبة ولم نحتفل، ليس ذلك فحسب وإنما مر علينا اليوم ونحن لم نشعر به، ربما كان عند البعض يوم ثقيل أسود بسواد الملوثات التي تجوب منطقتنا الخليجية، لماذا لم نحتفل ! لماذا لم نتذكر هذا اليوم ؟

ربما كان من المفروض أن نسأل بالصيغة التالية: لماذا نحتفل بيوم البيئة الإقليمي ونحن نعيش في أفضل بيئة بالمنطقة ؟ ليس مهما نوعية التلوث الذي يعيشه أهالي منطقة الحد، فالشكاوى التي كتبها أهل المنطقة عن الدخان المنبعث من مصنع الحديد والصلب ما هي إلا حبر على ورق، والدفان المزعج الذي يخنق بحر المنطقة ما هو إلا رمل يؤخذ من مكان ويوضع في مكان آخر، فلماذا نحتفل ونذكر الناس بالبيئة ؟

وخليج توبلي نفذ فيه حكم الإعدام ولكن بلمسه جمالية هذه المرة حيث أعلنت الصحف المحلية عن مصادر مسئولة أنه تم تنظيف المنطقة، آسف ليس كل الخليج وإنما منطقة شجرة القرم فقط ! فلماذا نحتفل ؟

أنحتفل بيوم البيئة ونذكر الناس بساحل أبو صبع القذر، ودخان قرية عالي، والكسارات التي تطبق على قريتي جو وعسكر، والتخطيط العمراني السيئ الذي يعيشه أهالي منطقة عراد حيث تتداخل المنطقة الصناعية بالسكنية ؟

أنحتفل بيوم البيئة ونحن نعاني من مشكلة المجاري تارة، ومن مشكلة نقص المياه الصالحة للشرب تارة أخرى، والمسئولون يهددون بقطع التيار الكهربائي في ساعات الذروة ؟ وعلى الرغم من ذلك تبقى مشكلة الأمن الغذائي قضية أساسية ونحن لا نحفل بها ؟ فلماذا نحتفل بيوم البيئة، فإن أحتفلنا فإن الناس سيتذكرون كل هذه المشاكل وربما أكثر، فلنترك هذا اليوم يمضي كالأيام التي مضت.

ليس مهما أن يعلن الأمين العام التنفيذي للمنظمة الاقليمية لحماية البيئة البحرية الدكتور عبدالرحمن العوضي بأن المنطقة البحرية في الخليج تعتبر من أكثر المناطق تلوثًا في العالم، ماذا يعني هذا الكلام ؟ هل سنأكل – بعد اليوم – الأسماك والكائنات البحرية الملوثة، ونحن في هذا البلد لدينا من المسئولين من لديه الفتوى الجاهزة لكل حدث ! فلتخسأ الملوثات فمختبراتنا تستطيع أن تكشف – ليس ذلك فحسب – وإنما أن تقبض على جميع الملوثات التي يمكن أن تتسرب مع الأغذية، ولكن بعد أن تأتينا أخبارها من الدول الخليجية الاخرى !

لماذا نحتفل أيها السادة ونحن لم ينتشر الجرب بين أظهرنا، ولم تزعجنا الفئران ولا نسمع طنين الذباب والبعوض، ألسنا في ديلمون حيث لا توجد الهوام ؟ لماذا الإسراف وتبذير المال على احتفال لا يأتي بنتيجة ؟ أليس من الأولى أن نستخدم هذه المبالغ في إقامة مشاريع بيئية ثم ننام عنها ونتركها لأيدي الزمن يلعب فيها كما يشاء !

لا نريد احتفالات بعد الآن، فلنترك يوم البيئة الإقليمي والعربي فنحن لسنا على استعداد ولن نكون على استعداد حتى بعد مائة سنة، وليس لدينا مانع أن نحتفل بيوم البيئة العالمي فنحن لا نبذل فيه جهد فالشعار وبرامج الحفل نستلمه مع ركوبنا السيارة ونحن في طريقنا لنحتفل بيوم البيئة العالمي، هذا بالإضافة للظهور بابتسامة عريضة على شاشات التلفزيون ؟

أيها السادة .. كان يجب أن تعلموا أن يوم البيئة الإقليمي حدث مهم ذو علاقة مباشرة بمنطقتنا الخليجية الذي ينوء من ثقل الملوثات المحيطة به، ليس من جانب البحر فقط وإنما من جميع الاتجاهات، نعتقد أنه كان من المفروض أن لا يمر الحدث من غير الإشارة إليه، لقد عقدتم وجوهكم حينما قالنا ذات يوم فليشهد التاريخ أننا لا نهتم – في هذا البلد – بأمر البيئة، وحاولتم أن توقفوا اصدار هذه الصفحة، ترى ماذا فعلتم بيوم البيئة الإقليمي ؟ أين كنتم تختبئون ؟ أم هل نقول أين كنتم نائمون ؟ حسنٌ أفيقوا أيها السادة فقد مضى يوم البيئة الإقليمي ولن يعود على شعب لا يقدر للبيئة معنى.

ملاحظة: كان من المفروض أن ينشر هذا المقال في 3 مايو 1994 وذلك بمناسبة يوم البيئة الإقليمي، إلا أنه بسبب المباشرة في الحديث والطرح لم ينشر، ومنذ تلك اللحظة والمقال قابع في الأدراج، وبعد 20 سنة ونحن وفي نفس المناسبة إلا أننا في عام 2104 نجد أن الأمور والقضايا البيئية لم تتغير كثيرة، فما زلنا نراوح في نفس المكان تقريبًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق