الخميس، 14 أغسطس 2014

المستهلكون والأغذية المجمدة

 

تم النشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 19 إبريل 1994

بقلم الدكتور زكريا خنجي

سألني صاحب أحد الاسواق الكبيرة (السوبرماركت) المنتشرة على أرض الوطن النصيحة في بعض الزبائن الذين يعيدون الأغذية المجمدة (مثل الدجاج، اللحم المفروم، السمبوسة وما شابه ذلك) بعد شرائها وأخذها للمنزل، سألني الجانب العلمي في هذه القضية حتى لا يخسر زبائنه الذين يصر الكثير منهم القيام بذلك، فنصحته بادئ ذي بدأ أن يضع لافتة على هذه النوعية من الأغذية ينوه فيها أن مثل هذه الأغذية لا يمكن إرجاعها وذلك لأسباب صحية، ثم شرحت له الأسباب الصحية التي أقصدها، وحتى لا نقصر الحديث على طرفين سنحاول أن نلقي بعض من الضوء على هذه النوعية من الأغذية.

لماذا تجمد الأغذية ؟

يستخدم التجميد لتثبيط التفاعلات الكيميائية وعمل الإنزيمات الذاتية ولإبطاء أو إيقاف نمو الكائنات الدقيقة في الطعام، فكلما انخفضت درجة الحرارة بطأت التفاعلات الكيميائية والفعل الإنزيمي والنمو الميكروبي، حتى تصل لمرحلة تتوقف فيها تلك الأنشطة نهائيًا أو إلى ما قبل مرحلة الصفر.

ومن ناحية القيمة الغذائية فإن عملية التجميد تحفظ الأغذية في ظروف قريبة من حالتها الطبيعية، وأما من الناحية الأخرى – وهي فساد الأغذية – فيمكننا الافتراض بأن الغذاء سواء كان من مصدر نباتي أو حيواني يحتوي على مجموعة متباينة من البكتيريا والفطريات، وهذه الكائنات لا تحتاج إلا لظروف ملائمة لكي تنمو وتتكاثر وتسبب التغيرات غير المرغوبة في الغذاء.

التجميد والكائنات الدقيقة

يسبب التجميد عادة تخفيضًا كبيرًا للكائنات الدقيقة في الغذاء لكنه لا يؤدي إلى تعقيمه وخلوه منها، وتختلف النسبة المئوية للكائنات الدقيقة المقتولة خلال علمية التجميد باختلاف عوامل كثيرة منها نوع الكائن وحالته وكذلك درجة حرارة التجميد وسرعته وأيضًا خزن المادة الغذائية وزمن الخزن بالإضافة إلى نوع الغذاء وقيمته الغذائية، ولكنه وجد أن عملية التخلص من الميكروبات خلال التجميد لا تقل عن 50% ولا تزيد عن 80%، وهذا يعني أن الأغذية المجمدة تحتفظ بجزء كبير من كائناتها الطبيعية التي ارتبطت بها منذ لحظات الحصاد والجني أو الذبح الأولى، ومرورًا بمراحل التجميد كلها حتى عندما تصل هذه الأغذية إلى يد المستهلك. لذلك ينصح عادة بأخذ الحيطة والحذر أثناء عملية تذويب هذه الأغذية، وأن لا تترك في العراء – درجة حرارة الغرفة – فترة زمنية طويلة نسبيًا فيذوب الجليد مما يتيح الفرصة المناسبة للكائنات الدقيقة بالنمو والتكاثر، فمن الجدير بالذكر أن البكتيريا تستطيع أن تنقسم إلى خليتين في غضون فترة زمنية تتراوح ما بين 10 - 20 دقيقة، وبهذه الطريقة فإن الخلية البكتيرية الواحدة – المسببة فسادًا للغذاء أو الممرضة – يمكن أن تنتج عدة ملايين من الخلايا خلال 24 ساعة، وبذلك يعج الغذاء المجمد بعدة ملايين من الخلايا البكتيرية التي تظهر تأثيراتها وأعراضها في روائح كريهة أو لزوجة غير مرغوبة والكثير من عوامل الفساد غير المرغوبة.

الأغذية المجمدة المرتجعة

والآن، لنعود للموضوع الذي بدأنا منه ولنفترض أحد أمرين، الأول: أن يكون المستهلك حريصًا على المادة الغذائية فحفظها مباشرة في المجمدة المنزلية بعد أن أخذها من السوبرماركت، ولكنه اكتشف بعد ذلك أنه لا يرغب في استهلاك مثل هذا المادة الغذائية أو لنقل إنها لم تعجب أفراد الأسرة، فما كان منه إلا أن أرجعها لمصدرها لعله يسترجع جزء من ماله المهدر. قد يكون المستهلك على حق ولكن ألم يكن من الأفضل أولاً وقبل كل شيء التأكد من المادة الغذائية التي يرغب في شرائها، هل هي نفس المادة الغذائية المقبولة لدى أفراد الأسرة كلهم ؟ ثانيًا من يضمن أن المادة الغذائية المجمدة لم تتعرض للتلف خلال السويعات القليلة التي قضاها المستهلك منذ لحظة الشراء حتى وصوله للمنزل ؟

أما الأمر الثاني: فهو أن لا يكون المستهلك حريصًا على المادة الغذائية المجمدة، وهذا الإنسان لا يناقش فيكفيه عدم حرصة.

ونقول للجميع من منا يرغب في شراء مادة غذائية مجمدة مرتجعة ؟ وإذا رغبنا هل نضمن سلامتها ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق