الجمعة، 29 أغسطس 2014

النخلة في مهرجان التراث والثقافة

 

بقلم: الدكتور زكريا خنجي

تم نشره في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 26 إبريل 1994

 

الاهتمام بالنخلة وتبني تربيتها والاكثار منها والعناية بها اتجاه صحيح لا نختلف عليه، بل على العكس تمامًا فإنه من المهم أن نشد على أيدي المسؤولين الذين اتخذوا من هذا الكائن شعارًا للمهرجان الثالث للتراث والثقافة. فإن كان شعار المهرجان يتخذ حسب أهميته فليس لهذا الكائن من فوائد فحسب وإنما فوائدها أكثر مما يتصوره إنسان، فقد لخص أحد الأعراب فوائد هذه النخلة فقال: (إننا نستفيد من النخل فوائد كثيرة، فإننا نستظل بها من وهج الشمس، ونأكل ثمرها، ونعلف ماشيتنا بنواها، ونعلن عن أفراحنا بسعفها، ونتخذ من عصير تمرها عسلاً، ونصنع من جريدها وخوصها الأسرة والحصران وغيرها من الأثاث، ونصنع من جذوعها خشبًا لسقوفنًا وأعمدة لبيوتنا ووقودًا لمطبخنا).

وقد حاول القائمون على المهرجان – ولهم جزيل الشكر – أن يبرزوا تلك الفوائد الكثيرة التي استطاع المواطن البحريني أن يجنيها من هذا الكائن طوال القرون الماضية فنجحوا في الكثير منها إلا أنهم لم يتمكنوا من أن يستعرضوا الجزء الآخر من تلك الفوائد، فعلى سبيل المثال – لا الحصر – لم نشاهد في المهرجان أو لم نقرأ عن الأهمية الغذائية لمنتجات النخلة مثل الدبس والرطب والمنتجات الأخرى ؟ وكذلك لم يتطرق المهرجان للكيفية الصحيحة لحفظ التمور – مثلاً – ولم يعرف المستهلك من خلال المهرجان الأساليب التي يتخذها البعض في غش التمور تجاريًا. أليست هذه قضايا مهمة كان من المفروض أن يحويها الكتيب – الجيد – الصادر بمناسبة مهرجان النخلة ؟

يقول الدكتور عبدالرحمن مصيقر – أستاذ التغذية الذي خسرناه – عن الدبس: (أما الدبس فهو عبارة عن عصير التمر الصافي ويحتوي على العديد من العناصر الغذائية الهامة
ويعتبر الدبس منجمًا حقيقيا للأملاح المعدنية فهو يحتوي على مجموعة كبيرة من هذه الأملاح، كما أنه من المصادر النباتية الهامة لمادة الحديد المهم للوقاية من مرض فقر الدم الغذائي والمنتشر بكثرة في البحرين بخاصة بين أطفال الحضانة والأمهات الحوامل والبنات في سن المراهقة. ويصلح الدبس بشكل خاص للمرضى في حالة النقاهة وكبار السن والأطفال المصابين بالنحافة فهو مصدر عال للطاقة الحرارية ولا يحتوي على الدهون. وبعد هذه الفوائد للدبس أليس من الأوجب أن نجعل الدبس أحد الأغذية الرئيسية في وجباتنا ونستغني عن ما يسمى بالمربى كليًا).

وأما الرطب فإن القرآن الكريم قد نصح السيدة مريم العذراء بتناوله عندما ولدت بالسيد المسيح، وذلك لأن هذه الفاكهة بما تحويها من مواد سكرية ونشوية تمد الجسم بالطاقة الحرارية ومواد أخرى تساعد على إدرار الحليب وتغذية الرضيع، بالإضافة إلى الفيتامينات والأملاح المعدنية التي تساعد الجسم على تعويض ما فقدته المرأة من دم أثناء المخاض والولادة، كما وجد أيضًا أن هذه الفاكهة تحتوي على عناصر مهدئة ومزيلة للألم وجالبة للنعاس والنوم.

هذه بعض المعلومات المتعلقة ببعض منتجات النخلة التي كنا نتمنى أن نراها وغيرها في كتيب "النخلة" الذي تم توزيعه أثناء المهرجان، فهذه المعلومات – في رأينا المتواضع – قد تساعد الناس كثيرًا على رعاية هذا الكائن الحي والمحافظة عليه، ليس ذلك فحسب وإنما قد تجعلهم يبادرون إلى اقتناء النخلة – التي تم توزيع فسائلها أيضًا خلال المهرجان – وزرعها في منازلهم بدلاً من الكثير من نباتات الزينة عديمة الفائدة الاقتصادية، وأعتقد أن هذا هدف سامي سعت الوزارة لتحقيقه من خلال هذه التظاهرة الثقافية الفنية.

كما كنا نتمنى أن نرى بصمات بعض الوزارات والجهات ذات العلاقة بزراعة النخيل والمحافظة عليه ولو ببعض الكتيبات أو الملصقات، وذلك لإثراء الجانب البيئي من المهرجان بدلاً من التركيز على الجانب الفني والحرفي، وخاصة ونحن نعيش يوم الأرض ويوم البيئة الإقليمي.

وعمومًا هذه الملاحظات لا تنقص من المهرجان أو كتيب "النخلة" الشيء الكثير ولا تحط من قدره فما تم عرضة كان جيدًا، ولكن – كما قلنا – كان ينقصه الاهتمام بالجانب الصحي والبيئي، وهذا القصور لا يمس القائمون على المهرجان بقدر ما يشير إلى الجهات المهتمة بهذه الجوانب ويتساءل عن سر اختفائهم الدائم عن الساحات الثقافية. وإن كانت إجاباتهم تقول إن هذا ليس من صميم عملنا، فنحن نتساءل عن ماهية وظائفهم ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق