الخميس، 14 أغسطس 2014

النباتات السامة والمخدرة الموجودة في البحرين

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج 21 ديسمبر 1993

بقلم الدكتور زكريا خنجي

منذ أيام قليلة تعرض أحد طلاب المرحلة الإعدادية – وهو في نفس الوقت ابن أحد الأخوة الأفاضل – لحادث تسمم خطير كاد أن يؤدي بحياته لولا العناية الإلهية.

وهذا الحادث يتلخص في أن الطالب حمل معه إلى البيت – من قبيل حب الاستطلاع – ثمار إحدى النباتات المزروعة في حديقة المدرسة، وفي المساء بدأ يلعب بها مع أصدقائه الذين يصغرونه سنًا، ومن قبيل حب الاستطلاع أيضًا مضغ جزء من إحدى الثمار، ومن لطف الله به أنه ازدرائها فلفظها، وبعد ساعتين من هذا الحادث بدأت تظهر على الطفل آثار التسمم من غير أن يشعر هو أو الوالدين بذلك، فقد بدأت الأعراض وكأنها حمى وربما يصاحبها صداع وهذيان، ولكن بمرور الوقت بدأ الطفل يفقد حواسه بالتدريج ثم بدأ الهذيان يتزايد وأصبحت العضلات عديمة الفائدة، عمومًا خلال هذه الفترة وربما بعدها نقل الطفل إلى مستشفى السلمانية، وهناك أجريت له عملية غسيل معدة – فنجا الطفل برحمة الله – وبعد أن أفاق أخبر والديه والطبيب أنه تناول جزء من ثمرة أحضرها معه من المدرسة أو من بيت زميله اعتقادًا منه أنها من نباتات التين الشوكي التي يمكن تناول ثمارها !

وعند مشاهدتي للنبات الكامل ولثمرتها وبقية أجزائها تأكدنا من هويتها حيث وجدنا أنها من نباتات "الداتورة" السامة، وللأسف فإن هذه النباتات تزرع في المدارس والحدائق العامة والخاصة من غير انتباه أو رقابة أو حتى توعية بأضرارها، فهذه النباتات سامة جدًا حيث يمكنها أن تسبب الوفاة في سويعات قليلة، والطالب وحتى المواطن العادي لا يعرف عن هذه النباتات ألا انها ذات أزهار بيضاء المخلوطة بعروق صفراء ذات شكل كأسي جميل، تضفي على حديقته الخاصة لمسة جمال.

أعتقد أنه كان الأجدى من الجهات الخاصة في وزارة الزراعة أن تنوه لمثل هذه النباتات السامة وتشرح للمواطنين فوائدها واضرارها وخطورتها وكيفية التعامل معها في حالة الرغبة في زراعة بعض أنواعها، وذلك عن طريق الكتيبات والملصقات الارشادية بدلاً من التركيز الدائم على طرق زراعة والمحافظة على نبات الطماطم، ليس هذا فحسب وإنما في حالة الرغبة في زراعة بعض أنواعها فإنه يجب أن يتم استشارة الجهات المسئولة في الوزارة المذكورة، وأن تعزل المنطقة أو تحاط بسور خاص حتى لا يقترب منها الأطفال، مع كتابة لوحة تحذيرية لمن يريد الاقتراب. كما يستحسن أن لا تزرع في المدارس إلا في أضيق حدود وفي المدارس التي تستخدمها كوسيلة تعليمية فقط، وأما غير ذلك فإن زراعتها تشكل خطورة على سلامة الطالب والمواطن.

وبالإضافة إلى هذه النباتات السامة، فإنه – كما حدثنا البعض – تزرع في بعض المدارس وربما بعض المزارع الخاصة نباتات "الخشخاش" الذي يستخلص منه مادة الأفيون المخدرة، وذلك ليس جهلاً بهذه النباتات وإنما لحاجة في النفس المريضة ولنشر الرذيلة في هذا البلد الآمن، وللحقيقة نقول أن هذا قد يحدث بعيدًا عن أعين صاحب المزرعة أو بعلمه ولكنه لا يعرف من هذه النباتات إلا أزهارها الحمراء الجميلة، وربما هي من أجمل الأزهار الحمراء التي تسر العيون.

وهنا نعود ونتساءل أين هي الجهات المسئولة عن التثقيف الزراعي ؟ أليس من الأجدى تثقيف المواطنين بمثل هذه النباتات السامة والمخدرة ؟ ماذا يحدث لكم – لا سمح الله – أن تناول أحد ابنائكم مثل هذه النباتات عن طريق الخطأ، ماذا تفعلون وكيف تواجهون الموقف ؟ ألا يوجد تفتيش دائم على الحدائق والمتنزهات ؟ ماذا تفعل الجهات المسئولة (والحديث موجة إلى وزارة الزراعة والصحة والداخلية) إذا وجدت مثل هذه النباتات في بعض الحدائق العامة والخاصة ؟

أيها السادة، نريد توعية مبنية على أصول علمية لتوضح نوعية النباتات التي توجد في البحرين، نريد توعية زراعية لتوضح كيفية التعامل مع مثل هذه النباتات التي لم نذكر منها إلا نوعين على الرغم من وجود المئات منها، نريد توعية مبنية على تعاون من الوزارات الثلاثة لتوضح كل ما يتعلق بمثل هذه النباتات، حتى نحافظ على أولادنا والمواطنين.

أيها السادة هذه قضية نتركها بين أيديكم، ونرجو أن تتخذوا فيها الموقف المناسب قبل أن يستفحل الأمر، ونندم في الوقت الذي لا ينفع فيه الندم.

وقبل أن نختم نقول إنه إيماننا من الجريدة وهذه الصفحة بالتوعية المبنية على أسس علمية سليمة، سنحاول من هذا العدد أن نستعرض بعض من هذه النباتات السامة والمخدرة تحت عنوان "أحذروا هذه النباتات"، ومع العلم أن هذا لا يغني عن ما ذكرناه سابقًا، ولكن محاولة منا في الإسهام والتوعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق