الثلاثاء، 24 يونيو 2014

الثروة السمكية في البحرين (1)

 

بقلم الدكتور زكريا خنجي

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 5 يوليو 1994

للحقيقة نقول إننا كدولة لم ولن نستطيع أن نحقق الاكتفاء الذاتي من الثروة الزراعية مهما حاولنا وذلك لصغر مساحة الأرض بالنسبة لعدد السكان المتزايد وضعف وربما عدم وجود الاستثمار الاقتصادي المربح في هذا المجال نتيجة للعوامل البيئية غير المشجعة بالإضافة إلى ندرة المياه وزيادة ملوحتها وعوامل أخرى كثيرة، كل هذا وغيره يجب أن يدعونا إلى التفكير بجدية تامة في الاعتماد على نوعية أخرى من الغذاء نتميز بها كجزيرة صغيرة وسط بحر مضطرب مليء بالكائنات الحية التي اعتمد عليها أجدادنا وآباءنا سابقا ويمكن أن يعتمد عليها أبناءنا وأحفادنا مستقبلاً إن أمكن استغلالها بصورة عقلانية علمية. أعتقد – وفي رأي المتواضع – أن البحر هو المصدر الذي يمكن الاعتماد عليه.

ولكن عند الرغبة في الحديث عند هذا القطاع كمصدر غذائي يمكن الاعتماد عليه أو كثروة يمكن أن تحقق أرباح اقتصادية مهولة تبرز لدينا دائمًا العديد من المشاكل، ربما من أهمها مشكلتين رئيسيتين، الأولى: هل من حقنا – كدولة – أن نستنزف من الثروة السمكية ما نشاء حتى نحقق نوع من الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي الذي نعاني العجز منه في جميع مجالات الغذاء الأخرى ؟ أم الثانية: أن نترك هذه الثروة تجوب البحر بحرية تامة وذلك تماشيًا مع شعارات المحافظة على البيئة التي تدعوا إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ثروة حيوانية ونباتية تعيش وتتكاثر في البحار ونحن نعاني مما نعانيه من عجز متزايد ؟

ليس من السهولة الإجابة على هذين السؤالين، فهي معادلة صعبة التوازن فالوسطية والاعتدال يصبحان ترفًا فكريًا وحديث مجالس وندوات علمية بعيدة كل البعد عن الواقع العملي الذي يعيشه هذا القطاع من الثروة التي من المفروض أن نحافظ عليها كما تشير بذلك التوصيات التي خرجنا بها من جميع الندوات والمؤتمرات العلمية وخاصة تلك المتعلقة بالثروة السمكية. وحتى لا نجني على أحد إليكم دليلاً واحد، منذ حوالى شهرين أو أكثر أصدرت إدارة الثروة السمكية قرارًا بحظر صيد الربيان (الجمبري) من مناطق بحرية مختلفة وذلك بحجة إعطاء الفرصة الكافية لهذا الحيوان بأن يبيض ويتكاثر ويكبر ليصبح بعد ذلك مؤهلا بأن يتم صيده وأكله، ولكن ماذا حدث ؟ تهافت الصيادون على صيده خلال فترة الحظر ليس ذلك فحسب وإنما لهث المستهلكون على تناوله وشرائه بشق الأنفس وكأنهم لم يتناولوه من قبل ! هذا على الرغم من أن الجميع يهتف ليل نهار وينادي بالمحافظة على الثروة السمكية من الاستنزاف. وعجبي !

عمومًا، فنحن لا نريد الإجابة على هذين السؤالين الآن، إنما سنحاول أن نبين أهمية هذا القطاع الذي يمكن أن نحقق من خلاله – لو أخذ من الاهتمام شيئًا – نوعًا من الاكتفاء الغذائي ولحقق المستثمرون أرباحا طائلة.

تقول الاحصائيات أن الشعب البحرين استهلك في الأعوام الممتدة ما بين سنة 1981 حتي 1991 حوالي 23366 طنا متريًا من الأسماك، موزعة كتالي (حسب السنوات) عام 81/1553.8، عام 82/1909.7، عام 83/3146.5، عام 84/3021.1، عام 85/1918.5، عام 86/2565.9، عام 87/2780.4، عام 88/2497.7، عام 89/2061.4، عام 90/588.9، عام 91/312.1 طنًا متريًا، هذا على الرغم من أن الإنتاج المحلي لم يفي بهذه الكميات فلجأت الدولة إلى استيراد الكميات المطلوبة من الدول الأخرى فأصبحت بذلك عبئًا على ميزانية الدولة، وللأسف فإن جزء من كميات الأسماك – سواء المحلية أو المستوردة – تتعف وتفسد قبل أن تمتد إليها يد المستهلك، وذلك لأسباب سنذكرها لاحقًا.

ومن الجدير بالذكر أن كميات الاستهلاك المتزايدة وعدم إمكانية الناتج المحلي من الاستكفاء المطلوب لهو مؤشر يدل على عدة أمور منها:

1- إن هذا الغذاء مهم للمواطن لذلك يجب أن يتواجد في الأسواق باستمرار، ولكن تواجده – للأسف – مرهون بالاهتمام الذي يجب أن يتم بطريقة أو بأخرى،

2- أن هذا القطاع مجال خصب للاستثمار الاقتصادي المربح، فإننا لو استطعنا أن نستغل هذه الثروة بالطريقة الصحيحة لأمكن أن نحقق غرضين الأول: الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، الثاني: الربح المادي للمستثمرين.

وقد يقول قائل، كيف يمكن أن يحقق المستثمرون الربح المادي المرغوب والناتج المحلي ضعيف ولا يفي بالغرض المطلوب منه حتى على النطاق الاستهلاك المحلي ؟ نقول إننا لم نلجأ للاستيراد ضعفًا في الناتج المحلي ولكنه الضعف ناتج من أسباب أخرى منها – على سبيل المثال – ضعف وتدهور القوة العاملة في هذا القطاع، مشاكل التلوث ومشاكل أخرى سنحاول أن نتطرق إليها لاحقًا.

وللحديث بقية ،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق