السبت، 28 يونيو 2014

فرق العمل.. ما هي ؟ وكيف تعمل ؟

 

 تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :٢٩ يونيو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

إن أول ما نتصوره ونتخيله عندما يذكر شخص ما أمامنا كلمة «فريق» هو أن هناك مجموعة من الأفراد يمارسون معًا عملاً معينًا، أو يلعبون لعبة معينة كإحدى المباريات الشائعة مثل مباراة كرة القدم أو كرة السلة أو كرة الطائرة، أو أن هناك منتخبًا لمتسابقي الدراجات الهوائية يشارك في إحدى السباقات الدولية. إلا اننا نعتقد أن مفهوم «الفريق» أكبر بكثير من أن يحدد في الأنشطة الرياضية، فقد أصبحت المؤسسات بجميع أنواعها تزخر «بفرق العمل» بل ومن دون فرق ومجموعات العمل لا يمكن لأي مؤسسة أن تنفذ أعمالها وتحقق أهدافها بكفاءة وفعالية. فهناك فريق مندوبي المبيعات، والفريق الطبي وفريق المفاوضين وكما أن هناك فريق السلامة وفريق المحققين وفريق إنتاج سلعة معينة كالهاتف أو التلفاز وفريق صيانة مولدات الكهرباء وفريق تركيب محولات كهربائية إلى غير ذلك من فرق العمل.
ومع ذلك دعونا نتحدث حول هذا المفهوم ببساطة، فلو أخذنا بادئ ذي بدء فريق كرة القدم لوجدنا أنه:
1- يتكون من مجموعة من اللاعبين وعددهم 11 لاعبًا،
2- إن هناك غاية أو هدفًا مشتركًا لأعضاء الفريق وهو الفوز في المباراة على الفريق الخصم.
3- إن جميع أعضاء الفريق مسؤولون مسؤولية مشتركة وتكافلية إزاء تحقيق الغاية المشتركة فالفوز للجميع والخسارة للجميع.
4- إن لكل عضو في الفريق دور معين يقوم به فهناك حارس المرمى وهناك الدفاع وهناك الهجوم.
5- إن صفة الاعتمادية والتكاملية في الأدوار والمهمات والمهارات والمعارف بين أعضاء الفريق صفة أساسية.
وكل تلك الصفات من خصائص أي فريق سواء كان فريقًا رياضيًا أو فريق عمل مؤسسي.
ولكن قد يختلف حجم الفريق تبعًا للمهمة الموكلة إليه، ولكنه عادة ما يتراوح الفريق بين 5 و12 عضوا، فمثلاً فريق كرة السلة 5 أعضاء، وفريق كرة الطائرة 6 أعضاء، فإذا نقص الفريق عن 5 أعضاء خاصة فرق العمل المؤسسي شح الحصول على عدد كاف من الأفكار والآراء الإبداعية، وإذا زاد عن 12 عضوا أصبحت السيطرة على الفريق صعبة بسبب الصراعات والتحزبات التي قد تنشأ داخل الفريق.
أما منتخب متسابقي الدرجات الهوائية فهو في الواقع «مجموعة» وليس «فريقًا» لأن الخصائص الخمسة للفريق والتي ذكرناه آنفا لا تنطبق عليه، فكل متسابق في المنتخب يسعى الى تحقيق هدفًا فرديًا وهو قطع مسافة السباق بزمن قياسي والجهد الذي يبذله كل متسابق لا يساعد متسابقا آخر لتحقيق الفوز وليس هناك هدف مشترك ومسؤولية مشتركة بين أعضاء الفريق لتحقيق الهدف كما لا يوجد تكاملية واعتمادية بين مهمات الأعضاء ومهاراتهم وقدراتهم.
وكما أن هناك فرق عمل مؤسسية فهناك مجموعات عمل مؤسسية يطلق عليها أحيانًا للسهولة بالفرق وهي ليست كذلك، ومثالاً لذلك مجموعة مندوبي المبيعات في دائرة المبيعات. فكل مندوب مبيعات في الدائرة مطالب أن يحقق في منطقته هدفا بيعيًا خاصًا به وكلما زاد ما يحققه من المبيعات كلما كان ذلك في مصلحته ولا يستفيد من ذلك مندوب مبيعات آخر. وقد تجتمع مجموعة مندوبي المبيعات لتبادل الآراء والخبرات والتشاور ولكن ليس لحل مشكلات تحصل فيما بينهم كما يحصل بين أعضاء الفريق، فالصراع سمة تجدها بين أعضاء الفريق ولا تجدها بين أعضاء المجموعة لوجود هدف مشترك ومسؤولية مشتركة في حالة الفريق وعدم وجودها في حالة المجموعة.
من ذلك نفهم أن تشكيل الفريق أصعب بكثير من تشكيل المجموعة، بل وتحتاج في حالة الفريق الى أن تبذل جهدًا مضنيًا في بنائه ليكون وحدة واحدة متماسكة، وقد قيل إنه إذا كان ممكنًا اختيار مجموعة أفراد ليكونوا فريقًا فإن جعل هذا الفريق ليلعب ويعمل معا كوحدة متماسكة هو الأمر الصعب بعينه.

ولفريق العمل العديد من التعاريف منها:
* ان فريق العمل «مجموعة من الأفراد يتميزون بوجود مهارات متكاملة فيما بينهم، وأفراد الفريق يجمعهم أهداف مشتركة وغرض واحد، بالإضافة إلى وجود مدخل مشترك للعمل فيما بينهم».
* انها «جماعات يتم إنشاؤها داخل الهيكل التنظيمي لتحقيق هدف أو مهمة محددة تتطلب التنسيق والتفاعل والتكامل بين أعضاء الفريق، ويعتبر أعضاء الفريق مسئولين عن تحقيق هذه الأهداف، كما أن هناك قدرًا كبيرًا من التمكين للفريق في اتخاذ القرارات».
* ويعرف فريق العمل أيضا أنه «مجموعة من الأفراد ذوي مهام مترابطة ومهارات متعددة يعملون في بيئة محفزة ومناخ مناسب للعمل بروح واحدة، لديهم إحساس مشترك بالمسئولية تجاه المهام المطلوبة، والتزام تام بالأهداف والقيم السائدة، وإصرار على تحسين نوعية ومستوى القرارات، وتفعيل الاتصالات بين الأعضاء، وتوجه نحو رفع مستوى المهارات لديهم».
* الفريق «مجموعة من الأفراد يعملون مع بعضهم لأجل تحقيق أهداف محددة ومشتركة».
* الفريق «عبارة عن مجموعات ملتزمة نحو أهداف محددة».
* الفريق: «عدد متنوع من الأفراد يتواجدون ضمن نظام اجتماعي أكبر (منظمة)، وينظرون إلى أنفسهم كما ينظر إليهم الآخرون كفريق، أفراده يمتازون بالاستقلال ويقومون بمهام لها أثر على أفراد ومجموعات أخرى».
* الفريق عادة يعمل أعضاؤه معًا بهدف اتمام خدمة أو سلعة أو جزء متكامل منها، يميز أعضاء الفريق هذه السلعة أو الخدمة وتعطيهم إحساسًا بالإنجاز ومعنى لعملهم.
* الفريق: «مجموعة من العاملين بالمدرسة يعملون معا من أجل تحقيق هدف محدد، ويتسم عملهم بالتكامل والمسئولية المشتركة، وينتهي عملهم بتحقيق الهدف المطلوب».
* والفريق في النهاية هو وسيلة لتمكين الأفراد من العمل الجماعي المنسجم كوحدة متجانسة، وغالبا ما يستخدم لفظ الجماعة عندما نتحدث عن ديناميكية الجماعة ولكن عندما يكون الحديث عن التطبيقات العملية فإننا نستخدم لفظ فريق العمل.

أما المجموعة أو المجموعات فإنها أو أغلبها لا تعتبر فرق عمل، فهي مجرد تجمع عدد من الأفراد أو الشخصيات لكل واحد منهم أولوياته الخاصة والتي قد ينظر إليها على أنها أكثر أهمية عنده من الأولويات التي يسعى أغلبية أعضاء المجموعة إلى تحقيقها، وعليه يمكن تعريف المجموعة أو الجماعة على أنها:
* «تجميع لعدد معقول من الأفراد يتراوح بين اثنين وخمسة وعشرين فردًا يتوافر بينهم نوع من التلاحم والتناسق في أوجه الأنشطة التي يقومون بها وتبدو مظاهر الانتظام والتصرف في إطار واحد من المبادئ والأهداف المشتركة».
* «أي صورة من صور التشكيل الجماعي المؤسس على اتباع دوافع الشعور بالانتماء إلى جماعة معينة، وكذا دافع القبول الاجتماعي ويحمل نوعا من الارتباط المادي والمعنوي بين أعضاء المجموعة ووحدة أهدافها واتجاهاتها».
* المجموعة «عبارة عن شخصين أو أكثر يتفاعلون بطريقة ما».
* والجماعة «عدد من الأفراد لهم مجموعة مشتركة من الأهداف يعملون على تحقيقها ويتوافر الانسجام بينهم لوجود صفات مشتركة في الخلفية الثقافية أو التعليمية، أو الحالة الوظيفية، ويتوافر كذلك التفاعل والمشاركة ويكون العمل بصورة مستقلة عن التنظيم الرسمي للمنظمة».
ومن هنا يتضح أن ما يميز فرق العمل عن الجماعة هو أهمية وجود المهارات المتكاملة لدى الفريق نظرا الى أنه مكلف بأداء عمل متكامل يتطلب توافر هذه المجموعة من المهارات المختلفة والمتنوعة. باختصار فإن الفرق بين جماعات العمل وفرق العمل، هي كالآتي:
* يعمل الأفراد في جماعة العمل من أجل تحقيق أهداف مشتركة، أما في الفريق فإلى جانب تحقيق الأهداف المشتركة يتعهد الأفراد أمام أنفسهم بتنفيذ هذه الأهداف كجزء من مسئولياتهم.
* في حالة جماعة العمل تتم محاسبة قائد الجماعة عن نتائج العمل باعتباره المسئول عن الجماعة، أما في حالة فريق العمل فإن جميع أفراد الفريق مسئولون عن نتائج العمل.
* معظم فرق العمل مؤقتة، وتشكل لتحقيق غرض معين في وقت محدد، أما جماعات العمل فهي غالبًا دائمة.
* الدافعية للعمل في حالة الفريق قوية، في حين أنها في جماعة العمل ضعيفة.
* في حالة جماعة العمل يؤدي عدم الاتفاق بين الأفراد إلى الشقاق، أما في حالة فريق العمل فإن عدم الاتفاق يكون مقبولاً.
* القيادة في حالة فريق العمل قوية ومشتركة، أما في حالة جماعة العمل فهي ضعيفة وتقتصر على القائد.

إن فكرة استخدام الفرق في حل المشاكل التنظيمية والوصول إلى النتائج، ترتكز أساسا على فكرة أن القرارات العقلية للجماعة تفوق القدرات العقلية لأي مدير بمفرده، بدرجات كبيرة. ومن هذا المنطلق، نجد أن معظم الفرق، تقوم أساسا على فكرة التوجيه الذاتي وأن هذه الفرق مخولة بالسلطات الكافية.

وتبدأ فرق العمل ذات الأداء العالي بمهمة أو غرض تهدف إلى تحقيقها، لذلك يبدأ الفرد عادة مدفوعًا بالتحدي، رغبة في تحقيق نتائج دراماتيكية بفترة قصيرة من الزمن، إلا أنه في الحقيقة أن معظم الفرق تنجز الأعمال المطلوبة منها في آخر 25% من الوقت المتبقي لعلمها، وذلك بسبب حالة من الفوضى التي تعيشها في البدايات الأولى للعمل والناتج من عدم التفاهم والانسجام وما إلى ذلك.

وعلى الرغم من تبقى هناك العديد من الاسئلة غير معروفة الإجابة، مثلاً: هل العمل بطريقة فريق العمل ذات أهمية ؟ كيف يمكن إنشاء فريق عمل؟ كيف إدارة فريق عمل؟ ماذا يمكن أن يحدث إن حدث خلاف أو صراع داخل الفرق؟ هذه موضوعات سنتحدث عنها لاحقًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق