الأحد، 29 يونيو 2014

الصحراء والتصحر .. قضية عربية مصيرية

 

بقلم الدكتور زكريا خنجي

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 29 نوفمبر 1993

ناقش المنتدون في الأسبوع الماضي (ما بين 22 – 25 نوفمبر93) قضية من أخطر القضايا البيئية التي تمس العالم العربي الممتد من الخليج العربي حتى المغرب العربي وهي قضية الصحراء والتصحر من خلال الندوة التي أقيمت في جامعة الخليج العربي تحت عنوان "ندوة التصحر واستصلاح الأراضي في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي".

والتصحر يعني ببساطة تحطيم القدرة الحيوية الكامنة للإنتاج النباتي للأرض، وبمعنى آخر تحول الأرض الزراعية – بفعل عوامل كثيرة ومن أهمها الإنسان – إلى أراضي قاحلة لا يرى من خلال رمالها الصفراء الناعمة إلا بعض الأنواع من الأعشاب غير الصالحة للاستخدام الآدمي أو الحيواني، وهذه التحطيم لقدرة الأراضي على الإنتاج الزراعي الذي يمكن أن نطلق عليه مصطلح (التصحر) يهدد الحياة الاجتماعية والاقتصادية في معظم دول العالم العربي إن لم يكن كلها، فمثلاً دول الخليج وشبة الجزيرة العربية تقع جغرافيا في المنطقة التي تعرف بالشريط الصحراوي من العالم، فماذا يمكن أن تفعل مثل هذه الدول إن حاصرها الجفاف من كل جانب ؟ والتصحر يهدد الحياة في مصر والسودان والصومال وارتيريا وجنوب المغرب والجزائر وتونس وذلك بهجرة سكانية كبيرة من الأراضي الزراعية الخصبة باتجاه المدن التي بدأت تئن تحت وطأة الزاحفين، بالإضافة فإنه يهدد ببطالة لا حدود لها في الأردن وسوريا والعراق.

والأرقام تقول إنه بلغت المساحة المتأثرة بالتصحر نحو 50 مليون كيلومتر مربع (30 % من مساحة اليابسة) وأن المتضررين بهذه المشكلة يزيدون عن 850 مليون نسمة، وأن أكثر من 21 مليون هكتار من اليابسة تتحول سنويًا إلى أراضي عديمة النفع، كما وتتحول 6 ملايين هكتار إلى صحاري، وأما في العالم الإسلامي فإن المناطق المتصحرة تشكل حوالي 86% من جملة مساحة الأرض، هذا على الرغم من أن هذه البقعة من الأرض تعتبر من أكثر المناطق عجزًا في الإنتاج الغذائي – وهذا الموضوع تحدثنا فيه سابقًا – ومن الجدير بالذكر أن التصحر يسير جنبًا إلى جنب العجز الغذائي والبطالة والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وفي كثير من الأحيان يكون سببًا مباشرة في الأحداث السياسية، والعالم العربي يشهد بذلك.

فالقضية إذن أكبر من أن تناقش في ندوة يتيمة أو ندوتين، إنما نحن بحاجة إلى سلسلة من الندوات الفعالة التي من المفروض أن تضع أيدينا على الجرح ثم تساهم بشكل كبير أيضًا في وضع الحلول الجذرية لهذه الظاهرة التي نعاني منها وسيعاني منها ابناءنا إن لم نضع لها الحلول المناسبة اليوم. وهذه هي إحدى توصيات الندوة التي نرجو لبنودها أن ترى النور، وأن لا تنام في الأدراج قريرة العين كما حدث لتوصيات الكثير من الندوات التي اقيمت والتي ستقام مستقبلاً.

عمومًا لا نريد أن نستبق الأحداث، ولا نريد أن نفكر في التوصيات بقدر تفكيرنا في الحلول التي طرحتها الندوة والتي سنحاول أن نتناولها بشيء من التفصيل من خلال الصفحة في الأسابيع القادمة، وذلك حتى نسد الغياب الدائم لوسائل الإعلام عن مثل هذه التظاهرات العلمية الثقافية، آسف فالثقافة في مفهوم وسائل الإعلام لا تتعدى الأدب والفن فقط، وأما ما يمس حياتنا وحياة ابناءنا المستقبلية فكلام ثقيل لا جدوى منه، فليس من المعقول أن يناقش من خلال وسائل الإعلام المختلفة.

••••

أهلاً بالدكتور شحته وبيئتنا الصحراوية

سيشاركنا منذ هذا العدد الدكتور شحته بن عمر الخطيب مدير برنامج علوم الصحراء والأراضي القاحلة بجامعة الخليج العربي في الكتابة في صفحة "بيئتنا" فأهلاً وسهلاً به، وسيشاركنا بسلسلة مقالات تحت عنوان "بيئتنا الصحراوية" والتي سيحاول من خلالها توضيح أبعاد مشكلة التصحر التي يعاني منها العالم العربي، وهذا هو العدد الأول، ومرة أخرى نقول أهلاً وسهلاً بالدكتور شحته.

وقبل أن نختم نكرر ونقول إن صفحة "بيئتنا" ترحب بكافة الأقلام التي ترغب في المشاركة، فليس من حقنا أن نرفض مشاركة المختصين والقراء، فأهلاً وسهلاً بالجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق