الأحد، 15 يونيو 2014

أخلاقيات العمل.. بين الواجبات والحقوق

 

تاريخ النشر في جريدة أخبار الخليج :١٥ يونيو ٢٠١٤

بقلم: د. زكريا خنجي

قلنا في المقال الماضي، إننا نستقي أخلاقياتنا الوظيفية من الإسلام، حيث إنه المنهج والفكر والثقافة الثابتة التي يمكن أن نبني عليه أخلاقياتنا. وقلنا أيضًا إنه يجب إيجاد مواثيق عمل بين العاملين في نفس الحقل أو المجال، فلكل وظيفة أو مهنة من المهن قيم ومبادئ ومعايير أخلاقية ومعرفة علمية وأساليب ومهارات فنية تحكم عمليات المهنة وتحدد ضوابطها، وعلى الموظف – ونحن هنا نقصد جميع الموظفين، من أكبر مسئول في المؤسسة حتى أصغرهم – في جميع الأحوال واجبات يجب أن يقوم بها كونه موظفا، وله نفس الحقوق التي يجب على المؤسسة الالتزام بها مثل الراتب وما إلى ذلك، فإن التزم الموظف بمثل تلك الواجبات والتزمت المؤسسة بحقوق الموظف فإننا حتمًا سنصل إلى جوهر الالتزام بأخلاقيات العمل.
وهذا يعني أنه عندما تكون هناك عدالة ومساواة فإن الموظف والعامل تكون أخلاقياته تتأرجح ما بين واجباته وحقوقه، لذلك فإنه سيلتزم هذه الأخلاقيات حتى يحقق احتياجاته الأساسية. وسنحاول أن نتعرف في هذا المقال على الواجبات التي يجب القيام بها والحقوق والتي يمكن اعتبارهما «أخلاقيات العمل». وهي كالتالي:

أولاً: الواجبات
1- أداء وإتقان العمل: على الموظف أن يؤدي عمله على خير وجه، في الوقت والمكان المناسبين والمحددين لذلك، ويجب عليه أن يعرف مهامه بشكل جيد ويسعى لفهم عمله والتكيف معه والاجتهاد في تقديم الخدمة من خلاله. ولا يمكن أن نتوقع أن يقوم آخر بالعمل بدلاً من الموظف المسمى للعمل. ويجب على الموظف أن يعمل على تأهيل نفسه وتطوير مقدراته المعرفية ومهاراته العملية الخاصة بعمله، فتطوير نفسه سيطور مؤسسته ونوعية الخدمات المتوقعة منه، بالإضافة إلى الاستفادة الشخصية المتوقعة له.

2- طاعة الرؤساء: لا بد للعمل من تنظيم إداري، ومن الطبيعي وجود رؤساء للعمل ومرؤوسين. وقد توجد عدة طرق لإدارة الأعمال، ولكن المهم هنا على الموظف طاعة الرؤساء وخاصة المباشرين منهم، والعمل بتوجيهاتهم وتنفيذ أوامرهم.
وهذه الطاعة يؤخذ بها من أجل المصلحة العامة، ولا يمكن لها أن تتجاوز الحدود الوظيفية لتصل إلى الطاعة الشخصية. ولا تعني طاعة الرؤساء تجاوز القوانين والشرائع وفي حال الاختلاف مع موظف أعلى هيكليًا يمكن تنفيذ الأمر في حال كونه موثقًا وعلى مسؤولية الموظف الأعلى. والانتباه في حال مخالفة القانون، حيث إن القانون لا يعفي المخالف لسبب الجهل بالقانون أو طاعة الرؤساء وخاصة الأوامر غير الموثقة منها أو التي تتعدى القانون أو النظام العام الذي هو مجموعة من القواعد الجوهرية التي يقوم عليها المجتمع في أساسه سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.

3- احترام القوانين واللوائح: يشمل احترام القانون، احترام الدستور والتصرف وفق التعليمات والأوامر، ولا يجوز تجاوز القوانين لأي رأي من الآراء أو ظرف من الظروف.
عدم إفشاء أسرار الوظيفة: بطبيعة العمل الوظيفي قد يتعرف الموظف على أسرار الدولة أو المجموعات أو الأفراد، وعلى الموظف أن يكون أمينًا في المحافظة على هذه الأسرار داخل وخارج نطاق العمل، وألا يحتفظ بشكل شخصي بوثائق خاصة بوظيفته. ويخضع تقدير سرية المعلومات للقوانين المختصة بهذه المعلومات، وفي حال مخالفة الموظف لأمانة وسرية المعلومات يتعرض الموظف للمسؤولية الأخلاقية والجنائية.

4- المحافظة على كرامة الوظيفة: إن سلوك وتصرفات الموظف في الوظيفة وفي حياته الخاصة محسوبة عليه وعلى الوظيفة التي يشغلها، ولهذا يجب على الموظف أن يمتنع عن كل ما يخل بالشرف والكرامة الخاصة به وبالوظيفة التي يشغلها.

5- عدم القيام بأعمال مهنية أخرى: العمل الآخر حتى وإن كان خارج أوقات الدوام يؤثر على إمكانيات الموظف الجسدية ويخل بمكانة الوظيفة من ناحية الشكل والمضمون، ولا يفهم من هذا أن الوظيفة أرفع مقامًا من أعمال حرفية أو وظائف أخرى. ولا نستطيع أن ننكر أن الحاجة والعوز في هذه الأيام أرغمت الكثيرين على تجاوز أنفسهم وتجاوز قناعاتهم واضطروا للعمل بأعمال ووظائف أخرى وبدوام آخر، وأصبح من المقبول أخلاقيًا القيام ببعض الأعمال الإضافية لأصحاب بعض الوظائف حينًا، وفي أحايين أخر ما يزال منافيًا لأخلاقيات العمل أن يقوم الموظف بأعمال أخرى والأمثلة كثيرة.

6- المحافظة على أوقات العمل: يجب على الموظف الالتزام بأوقات العمل، فوقت العمل للعمل، وليس من حق الموظف أن يضيع وقت العمل بغير خدمة الوظيفة، ويجب أن يتنـزّه الموظف عن استغلال القانون بغير حق ليضيع الوقت ويتلاعب في وقت العمل، وإن بشكل قانوني لصرف الوقت في غير محله.

7- الحفاظ على المصلحة العامة: دون التحيّز لأي موقف مسبق في اتخاذ أي قرار وظيفي، فالخيار الأول للموظف هو مصلحة الوطن، فلا يأخذ الموظف بالمحسوبيات والواسطة، ولا تأثير على قرار من مزاج أو موقف عرقي أو سياسي أو ديني أو غيره.

8- المحافظة على الممتلكات العامة: كالسعي في تخفيض الإنفاق، ولكن ليس على حساب نوعية الأداء والاستخدام الأمّثل للموارد وحسب اختصاصها. والحكمة في صرف المتهالك من المواد وصيانة المواد الثابتة لضمان استمرارية الفائدة من إنتاجيتها، واستخدام الأدوات بشكل رشيد وسليم والامتناع عن استخدام المواد الموجودة في المؤسسة لأسباب شخصية أو غير متعلقة بالعمل الذي وجدت من أجله، وكذلك ترشيد استخدم الطاقة الكهربائية والاتصالات والتكييف، واستخدام طرق المواصلات الأكثر كفاءة والأقل كلفة.

9- السلوك المؤدب واللبق مع المراجعين: واعتبار المراجع صاحب حاجة والوظيفة وجدت لتلبية حاجته، وتوعية المراجع إلى حقوقه وواجباته في حاجته، وتشجيع المواطن على احترام القوانين واللوائح والتعليمات الصادرة بخصوص حاجته في المؤسسة. وكذلك احترام المراجع كمواطن والرغبة الحقيقية في مساعدته بشكل محايد، وعدم عرقلته لأسباب شخصية أو لأسباب استغلاله، والتعامل مع المراجعين بشكل رسمي وموضوعي دقيق.

ثانيًا: الحقوق
1- المُرتّبات والأجور: أي الأجر الذي يتقاضاه الموظف لقاء قيامه بعمله، ويدخل في حساب هذا الأجر الأعمال الإضافية التي يقوم بها الموظف والتعويضات المختلفة ومهام السفر. ويدخل في هذا الحق أيضًا القيمة المالية الناتجة عن الترفيعات في الفئات والدرجات والتصنيفات الوظيفية، وبحسب القوانين المختصة وحسب قدم الموظف ومستوى أدائه لمهامه. وقد يتقاضى الموظف أحيانًا منحة مالية خاصة كثواب لعمل أو اجتهاد ما.

2- الترقيات الإدارية: من حقوق الموظف أيضًا شغل المناصب الإدارية الأعلى من حيث الترتيب الهيكلي، وقد تعود هذه الترقية بنفع مادي أكبر على الرغم من أن هذه الترقيات ذات صبغة إدارية وشكلية أكثر منها مادية، ويجب أن يعود سبب الترقيات إلى الكفاءات العلمية ولوجود الشواغر وطريقة تنظيم العمل والخبرات والشهادات ومتطلبات العمل.

3- الإجازات بأنواعها: الإجازات حق من حقوق الموظف العام تحفظه الطبيعة والقانون وهي مصنفة ومقننة كالإجازة المرضية والإجازة العرضية والإجازة السنوية والإجازة دون أجر وغيرها.

4- حماية القانون للموظف في عمله: قد تتضح الحاجة لهذا الحق في بعض الوظائف أكثر منها في وظائف أخرى، وعلى العموم يحمي القانون الموظف أثناء قيامه بمهامه مما يمكن أن يهدد أمنه أو جسده أو كرامته أو رأيه.

5- التعويض المالي أو المعنوي: من حق الموظف أن يعوض تعويضًا ماليًا عن إصابة جسدية أو تأثر نفسي أو معنوي حصلت له أثناء تأديته لعمله.

وختامًا، تبقى قضية أخلاقيات العمل مرهونة بالموظف نفسه وبتربيته وبرغبته في المحافظة على نفسه وأسرته ووطنه، على أن يكون معلومًا عند هذا الموظف أو غيره أن الوظيفة يجب أن تحقق الاحتياجات الأساسية للإنسان، أو حتى أدنى تلك الاحتياجات، لذلك يجب أن تحترم وأن يتم المحافظة عليها، ولا يتم ذلك إلا ببعض الأخلاقيات المهنية التي ذكرنا جزءاً منها. وما زال للموضوع بقية.

 

ملاحظة: الفقرة التالية حذفت من المقال المنشور وهي من الواجبات

4- عدم إفشاء أسرار الوظيفة: بطبيعة العمل الوظيفي قد يتعرف الموظف على أسرار الدولة أو المجموعات أو الأفراد، وعلى الموظف أن يكون أمينًا في المحافظة على هذه الأسرار داخل وخارج نطاق العمل، وألا يحتفظ بشكل شخصي بوثائق خاصة بوظيفته. ويخضع تقدير سرية المعلومات للقوانين المختصة بهذه المعلومات، وفي حال مخالفة الموظف لأمانة وسرية المعلومات يتعرض الموظف للمسؤولية الأخلاقية والجنائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق