الثلاثاء، 24 يونيو 2014

الثروة السمكية في البحرين (2)

 

بقلم الدكتور زكريا خنجي

نشر في جريدة أخبار الخليج بتاريخ 12 يوليو 1994

من الناحية التغذوية فإن الدراسات الحديثة تشير إلى أنه عند استعاضة اللحوم الحمراء بتناول الأسماك مرتين إلى ثلاثة مرات اسبوعيًا، والزيوت الحيوانية المشبعة بزيت الأسماك غير المشبع فإن ذلك قد يخفف نوعًا ما من حدة الإصابة بأمراض القلب والجهاز الدوري المنتشر في العالم، ومن الجدير بالذكر أن هذا المرض يعد – حسب إحصائيات إدارة الصحة العامة – من أكثر أسباب الوفيات في البحرين منذ عام 1974 حتى الآن، بل وتضعها إدارة الصحة العامة على رأس قائمة الوفيات. ليس ذلك فحسب فالأسماك جميعها ذات محتوى عال من البروتين والكثير من العناصر الكيميائية الضرورية للجسم البشري مثل عنصر اليود الحديد والفوسفور والصوديوم، لذلك أشار بعض المختصين بعدم الإكثار من تناول الأسماك المجففة وخاصة الربيان المجفف نظرًا لاحتوائه على نسبة عالية من الصوديوم وخاصة للمصابين بمرض ضغط الدم.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن عدد الأنواع الأسماك التي يتم اصطيادها في مياه البحرين الإقليمية يتجاوز العشرين نوعًا، ومعظمها قابل للاستهلاك الآدمي مثل الربيب، السلس، البدح، الشعري، النيسر، الميد، الهامور، الصافي، الكنعد، الجنم، الفسكر، الربيان، القباقب، الخثاق وما شابه ذلك. وهذا يعني عدة أمور منها:

1- إن البحر خصب وأن عملية الصيد لا يمكن أن تتعطل، فمن خرج ليصطاد أسماك الهامور – مثلاً – يمكنه أيضًا أن يجلب معه بعضًا من الأنواع الأخرى التي يمكن أن يستفيد من بيعها أو حتى تناولها، كما وأن الشباك والحظور وما شابه ذلك تحمل في طياتها كل ما يقف في طريقها أو ما يحمله المد، والمستهلكين ينتظرون كل ما يجود به البحر بفارغ الصبر.

2- تعدد أنواع الأسماك يعني في كثير من الأحيان اختلاف في الطعم، مما يتيح مساحة اختيار واسعة لربة الأسرة في تغير نمط الوجبات المقدمة لأعضاء المنزل، وهذا في حد ذاته يبعد الملل عن أفراد الأسرة والنفور من الوجبات الرئيسية التي تقدم في المنزل وتبعدهم كذلك عن اللجوء إلى المطاعم والوجبات السريعة.

وعلى الرغم من هذا القطاع من الثروة ذات أهمية كبيرة سواء من الناحية الاستثمار والربح المادي الذي يمكن أن يجنى من خلال العمل فيه أو من الناحية التغذوية التي يمكن أن تحل جزءً من مشاكلنا المتعلقة بالأمن الغذائي – وذلك بناء على ما ذكرناه من خلال مقال هذا الأسبوع والأسبوع الماضي – إلا أن قطاع الثروة السمكية مازال يعاني من الكثير من المشاكل التي لم تحل بعد، وقد ذكر الدكتور عبدالرحمن مصيقر (أستاذ التغذية الذي فقدناه) بعض من هذه المشاكل في إحدى دراساته المتعددة، وهي كالتالي:

1- ضعف الإمكانيات المتعلقة بالصيد وأدوات الصيد وحفظ الأسماك والكائنات البحرية الأخرى أثناء فترة الصيد، وعدم توفير الدعم المناسب للعاملين في هذا القطاع سواء بتوفير الأدوات والمستلزمات المناسبة أو بتقليل المشاكل المتعلقة بالتسويق.

2- قلة المستثمرين في مجال الثروة السمكية، فكثير من رؤوس الأموال تتجه للأسواق ذات الربح الثابت والمضمون، وخاصة في الفترة الأخيرة التي أصبحت فيه المنطقة بؤرة للكثير من المشاكل والاضطرابات المحلية والدولية.

3- ضعف وقلة الدراسات التي أجريت في هذا المجال وللعاملين في هذا الحقل وكيفية تحسين مستوياتهم وأدائهم الوظيفي والكيفية الصحيحة لاستخدام التكنولوجيا المتطورة في هذا القطاع ، على أن لا تؤدي استخدام هذه التكنولوجيا إلى تحطيم البيئة البحرية.

4- الحاجة إلى تشريعات ومواصفات محلية في أساليب الصيد وحفظ الأسماك والتسويق وما شابه ذلك.

5- انخفاض عدد الصيادين المحترفين نتيجة لانتقالهم إلى وظائف ذات رواتب ثابتة، وعدم ميل القطاعات الحديثة من الشباب للعمل في هذا المجال وذلك لفقره للوجاهة الاجتماعية والاقتصادية، فلا يعمل في هذا القطاع الآن إلا أصحاب العوز وبعض العمال الأجانب.

6- الردم والدفان البحري العشوائي ساهم بصورة كبيرة في القضاء على مفارخ ومحاضن الأسماك والربيان والكثير من الكائنات البحرية.

7- التلوث بالنفط وهذا طبعًا أدى إلى الكثير من المشاكل التي لم تحل بعد، فما زالت مياهنا الإقليمية تعاني الأمرين من جراء هذه المشكلة.

هذا بالإضافة للكثير من المشاكل الأخرى التي لا نريد التطرق إليها، وها نحن قد شخصنا المشاكل – ونحن على ثقة أن المسؤولين عن هذا القطاع على دراية بها وبالكثير من أمثالها التي قد تغب عنا – ولكننا نقول إن كانت المشاكل معروفة لكل ذي عقل في هذا البلد فما الحلول المطرحة لحلها حتى نحافظ نوعًا ما على الثروة الغذائية الوحيدة التي نملكها.

وحلول المشكلة – كما نعتقد – قضية مطروحة للمناقشة، وهذه دعوة للقراء ليدلو بدلوهم وليكتبوا آرائهم في هذا الموضوع، ونحن بانتظار آرائكم التي سوف نطرحها من خلال هذه الزاوية في الأسابيع القادمة إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق